آمنة نصير: مائدة إفطارنا فى أسيوط كانت تضم المسلم والمسيحى.. وتعلمت الصيام فى سن 5 سنوات

كتب: محمد ضاحى

آمنة نصير: مائدة إفطارنا فى أسيوط كانت تضم المسلم والمسيحى.. وتعلمت الصيام فى سن 5 سنوات

آمنة نصير: مائدة إفطارنا فى أسيوط كانت تضم المسلم والمسيحى.. وتعلمت الصيام فى سن 5 سنوات

مائدة إفطار عامرة يجتمع عليها الفقير والغنى والمسلم والمسيحى، اعتادت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ الفلسفة والعقيدة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن تراها صغيرة فى منزل والدها بقرية موشا بمحافظة أسيوط، ورغم مرور سنوات كثيرة، إلا أن «آمنة» لا تنسى طقوس أسرتها بشكل عام ووالدها بشكل خاص فى شهر رمضان، فتقول إنه كان كبير عائلة آل نصير، وكان يدعو المقرئين المشهورين فى الصعيد طوال شهر رمضان فى منزلهم، كما يدعو شيوخ أزهر، وطلابه وكانوا كثراً وقتها، ليتناوبوا مع المقرئين إلقاء الأحاديث الرمضانية والأخلاقية والنفسية والسلوكية، وكانت الجلسة تمتد عقب الإفطار من صلاة العشاء حتى السحور الذى يتناوله الجميع سوياً، ومعهم عدد كبير من الأهالى الذين كانوا يفدون على منزل والدها من القرى المجاورة مثل «شطب»، و«دوينة»، و«أبوتيج»، و«النخيلة»، وكأنهم مقبلون لحضور فرح، وبالفعل فقد كان رمضان فرحاً للجميع، وكان الأهالى يأتون ليهنئوا كبير العائلة بقدوم رمضان، وفى كل ليلة كانت وفود جديدة تأتى من هذه القرى لتتناول الإفطار مع والدها ومع باقى العائلة وهو طقس تحرص عليه هذه القرى المجاورة كل الحرص لدرجة تصل إلى التقديس فى شهر رمضان.

{long_qoute_1}

لا تنسى آمنة أيضاً أول يوم صامته فى حياتها: كان عندى خمس سنين، وكنا فى وقت العصر، وكنت هلعة من العطش، وأسرعت إلى الزير الذى كان فى بيتنا وبه المياه الباردة وأخذت أنهل من الماء بشكل كاد يغمى علىّ فيه، وأمسك بى إخوتى يقولون لى: انت فطرتى يا فاطر رمضان، وأذكر أن والدتى تدخلت وهشتهم وقالت لهم هى صامت تلات أرباع اليوم كُفوا، وهذا اليوم وكأنه كان بالأمس القريب رغم مرور أكثر من سبعين سنة على هذه الحادثة وكان من المواقف الطريفة التى لا يمكن أن أنساها».

وبالإضافة إلى الصيام، فقد ارتبط رمضان عند آمنة بالفانوس والمسحراتى، فتقول إن الفانوس كان شيئاً مهماً وضرورياً فى طفولتها، وكان يحضره لها والدها وأخوها الراحل الذى كان يدرس فى جامعة أسيوط، وكانا يهتمان بإحضاره لها حتى تفرح وتلهو به، وكانت تعتبره بمثابة سوار من الذهب، وتسعد به جداً: «الآن ألعب أنا الدور نفسه حيث أحضر لأحفادى الفوانيس وهم جيل يعرف حقوقه ويحرص عليها تماماً ولا ينسون طقساً من الطقوس، وأحفادى سواء من الأولاد أو البنات فى منتهى النباهة والذكاء والحرص على أخذ حقوقهم كاملة».

{long_qoute_2}

تعشق آمنة نصير صوت المبتهل الشيخ السيد النقشبندى ودائماً تستمع له فى نهار وليل رمضان وعنه تقول: «السيد النقشبندى لا يعلو عليه أى صوت سواء دعاء أو أناشيد وله هوى خاص فى نفسى للدرجة التى جعلتنى أقدم له أبياتاً من الدعاء فى صورة شعر وكنت ضيفة أحد البرامج فى دريم وطلب منى ذلك وحقيقة أنا لست من مقرضى الشعر ولكننى أقرضت شعراً بهذه المناسبة وكانت تتقدم الدعاء للسيد النقشبندى وأتذكر الأبيات التى أنشدتها والتى كانت تقول: مولاى ألوذ بك فى ضيقى وفى فرحى وفى دنياى أطمع فى عطائك وفى أخراى أعشم فى عفوك، رحم الله الشيخ».

على أن شعور آمنة برمضان يختلف تبعاً للمكان الذى تقضى فيه الشهر الكريم، على سبيل المثال تقول آمنة إنها قضت أسبوعاً كاملاً من رمضان هذا العام فى أمريكا وكان له طعم آخر لديها: «رغم أننى كنت غريبة هناك وبعيدة عن بيتى لكن كان الإحساس لدى جميلاً لأن الغريب دائماً يلوذ بربه ويكون قريباً منه، والاختلاف مسألة تعود إلى الانعكاس الموجود فى المناخ والغضب والرضا، وكلها فروق فردية لا تعد ولا تحصى، وفى النهاية الاختلاف ليس فى نوع الزمن إنما الاختلاف فى نوع الإحساس بالزمن».

تحرص آمنة على لمة العائلة، حين يجتمع أولادها وأحفادها وأقاربها فى منزلها خلال شهر رمضان، وعلى مستوى الأصدقاء، تسعد بصحبة الدكتورة سيدة، وهى أستاذة فى كلية الطب، وكذلك الدكتور حسين عويضة والذى تعتبره شقيقها ومن أعز الناس لديها، وهى لا تحب الخروج من المنزل بعد الإفطار، رغم إلحاح أبنائها وأحفادها لاصطحابها معهم بالخارج، وتعتذر عن بعض اللقاءات التليفزيونية التى يطلب منها مقدموها الظهور معهم خلال الشهر الكريم، كما تحرص على أن تخلو بنفسها عقب صلاة العشاء فى غرفتها الخاصة، فتجلس منفردة بعيداً عن صخب الأحفاد، لتناجى الله، وهو شىء تقول آمنة إن له طعماً خاصاً لديها.


مواضيع متعلقة