جيفرى مارتين: «أوباما» راهن على «الإخوان» للحفاظ على حق «المرور العسكرى» عبر الأراضى المصرية

كتب: سيد جبيل

جيفرى مارتين: «أوباما» راهن على  «الإخوان» للحفاظ على حق  «المرور العسكرى» عبر الأراضى المصرية

جيفرى مارتين: «أوباما» راهن على «الإخوان» للحفاظ على حق «المرور العسكرى» عبر الأراضى المصرية

قال الباحث الأمريكى جيفرى مارتينى، محلل شئون الشرق الأوسط فى مؤسسة «راند»، أكبر مؤسسة بحثية فى الولايات المتحدة، إن الرئيس باراك أوباما بعد ثورات الربيع العربى، بنى سياساته الخارجية فى الشرق الأوسط، على القوة الصاعدة للإخوان، وراهن عليهم للحفاظ على المصالح الأمريكية فى المنطقة. وأضاف «مارتينى»، الحاصل على درجة الماجستير فى الدراسات العربية من جامعة جورج تاون، وله عدة دراسات عن الإخوان، فى حوار لـ«الوطن»، أن واشنطن تشعر الآن بالارتباك والإحباط بسبب انتقادات المصريين لكل مواقفها أياً كانت، مشيراً إلى أن تنظيم الإخوان ارتكب أخطاءً كثيرة، و«الجيش اختار أن يتدخل بمطرقة بدلا من المشرط».. إلى تفاصيل الحوار حوار: سيد جبيل ■ ما الدور الذى كان يلعبه الإسلاميون بصفة عامة والإخوان خصوصاً فى استراتيجية أوباما فى الشرق الأوسط؟ - بعد اندلاع ما يسمى الربيع العربى، أرادت إدارة «أوباما» أن تظهر أنها على استعداد للتعامل مع أى تيار، بما فى ذلك الإسلاميون، طالما التزموا بقواعد اللعبة الديمقراطية. وأهم هذه القواعد تجنب العنف، واحترام حقوق الإنسان، والالتزام بالتداول السلمى للسلطة عبر صناديق الاقتراع. وكان التعامل مع الإسلاميين، فى جزء منه، اعترافا بالواقع الذى يقول إن الإخوان كانوا القوة السياسية الصاعدة فى مصر فى مرحلة ما بعد مبارك، ولكنه كان أيضاً جزءا من تحول أكبر فى نظرة واشنطن، التى أدركت أن مصر لن تكون قادرة على تحقيق الاستقرار الداخلى طالما أنها تستبعد الإسلاميين من السياسة. ■ ماذا كان ينتظر أوباما على وجه التحديد من الإخوان؟ - أوباما كان يأمل من خلال الانخراط مع الإسلاميين فى تأمين مصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية فى المنطقة، وأهمها استقرار المنطقة، والحفاظ على حق الأمريكان فى المرور العسكرى عبر الأراضى المصرية (سواء جوا أو عبر قناة السويس)، وحماية مصالحها وحلفائها الغربيين فى مصادر الطاقة بالمنطقة. وقد رأت واشنطن فى الإخوان حليفا محتملا يمكنه تأمين هذه المصالح. فى مقابل مساعدات (حوالى 1.5 مليار سنويا)، ودعم الإخوان بنفوذها بين المنظمات الدولية، مثل صندوق النقد الدولى ودول مجلس التعاون الخليجى، التى تحتاج القاهرة دعمها للتعافى اقتصادياً. ■ هل تعيد واشنطن النظر فى موقفها من الإخوان الآن؟ - أمريكا مرتبكة ومحبطة لأنها متهمة وملومة من قبِل المصريين مهما فعلت، ويعتبرون أى موقف تأخذه تدخلا غير مرغوب فيه، فقبل ثورة 25 يناير كان يُنظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها الداعم الرئيسى لنظام مبارك. بعد الثورة اتهمها المصريون بأنها وراء صعود الإخوان للسلطة، والآن يتهمها الإخوان بإعطاء الضوء الأخضر لإسقاط مرسى. ومن ثم فإنها دائماً تجد نفسها فى موقف صعب ومحل اتهام من جميع الأطراف. ■ الإخوان جماعة مثيرة للخلاف وهناك من يعتبرها تنظيما معتدلا يمثل مستقبل الإسلام السياسى، وهناك من يراها جماعة إرهابية متطرفة. كيف تراهم أنت؟ - «الإخوان» تضم أجنحة متعددة، بعضها يرغب صادقا فى احتضان قيّم الديمقراطية الحديثة والاعتدال تجاه الأقليات والنساء، فى مقابل هناك أجنحة أخرى لها توجهات رجعية ومتخلفة وذات عقلية استبدادية. ورأيى أن فرص المشاركة السياسية تساعد على تمكين المعتدلين داخل المنظمة، بينما الإقصاء يمكّن للمتشددين داخل التنظيم. ولذلك أنا من المدافعين عن معاملة الجماعة باعتبارها لاعبا سياسيا «طبيعى» طالما أنها تتبع قواعد اللعبة. ■ كيف ترى مستقبل الجماعة بعد تجربتهم المريرة فى السلطة؟ - ما حدث نكسة كبيرة للإخوان، وللأسف أيضاً نكسة للتحول الديمقراطى فى مصر. والدكتور مرسى رغم أنه كان شخصية خلافية وانقسامية خلق حالة استقطاب حادة فى مصر، فإنه كان أول رئيس منتخب ديمقراطيا. ومن ثم فإن تدخل الجيش لعزله واعتقال شخصيات بارزة داخل التنظيم، وإغلاق بعض مقرات حزب الحرية والعدالة، وتصاعد العنف ضد مؤيدى مرسى يدفع لزيادة التوتر، خصوصا أن الأمل فى المصالحة بين الإخوان وأجهزة الدولة ضعيف. وهذا الموقف سيعزز التيار المتشدد ويهمش المعتدلين داخل التنظيم، وسيؤدى إلى تعقيد جهود قادة الجماعة فى التأثير على كوادرها. ■ توقع هنرى كسينجر، وزير الخارجية الأسبق، مواجهة قريبة بين الجيش والإخوان، ويبدو أن نبوءته صدقت، إلى أى حد تتفق مع ذلك؟ - أتفق معه تماما وأرى أن هذا الصدام كان حتما، لأن الجيش والإخوان هما القوتان الأكبر فى مصر، ومصالحهما متعارضة، فمن جانبه حاول تنظيم الإخوان التقرب للقوات المسلحة بالحفاظ على امتيازاتهم، ومنها بقاء الجيش مؤسسة مستقلة تعمل خارج سيطرة الدولة. ودعموا مطالب العسكريين فى السيطرة على شئونهم الداخلية، وإدارة مؤسساتهم الاقتصادية، ومنح حق «الفيتو» لهم على القرارات الكبرى للسياسة الخارجية. ولكن ما عجز الإخوان عن تلبيته هو الحفاظ على الاستقرار الداخلى، ما اضطر الجيش للانقلاب عليهم أملا فى استعادة السلام الاجتماعى. ■ ما حجم مسئولية الإخوان فى الأزمة التى وصلنا إليها؟ - الجميع شارك فى هذه الأزمة، وحتى نكون واضحين الدكتور مرسى وجماعته انفردوا بالحكم بطريقة لم تبعد فقط الليبراليين، ولكنها أقصت حتى الأحزاب الأخرى داخل المعسكر الإسلامى، وكان أكثر أخطائهم فظاعة هو الإعلان الدستورى الصادر فى 23 نوفمبر، الذى جعل قراراته فوق المساءلة القضائية وفرض نائبا عاما جديدا. وتزامن هذا الإعلان السيئ مع تمرير دستور مثير للجدل، ما أدى لتفاقم الاستقطاب السياسى فى البلاد. لكن قوى المعارضة ومؤسسات الدولة الأخرى لم تمد يدها للإخوان وسعت لفشلهم وأعاق الجهاز البيروقراطى وبعض القضاة المرحلة الانتقالية ما مهد الطريق لسخط شعبى عارم ضد الجماعة. ■ ماذا كان يمكن لأى جيش أن يفعل إذا نزل ملايين الناس إلى الشوارع احتجاجاً على رئيس عاجز عن رؤية الحقائق حوله؟ - كان يمكن للجيش أن يتدخل بـ«مشرط»، ولكنه اختار المطرقة، صحيح أنه كان واقعا تحت ضغط الرأى العام، ولكن كانت هناك العديد من الخيارات قبل الإجهاز على الإخوان تماماً.