الإيقاع الواقع فى الدراما التليفزيونية
- إشارات المخ
- الإنتاج الفنى
- الدراما التليفزيونية
- الفن التشكيلى
- خالد النبوى
- شريف منير
- عمل فنى
- فى مصر
- فيلم سينمائى
- كريم عبدالعزيز
- إشارات المخ
- الإنتاج الفنى
- الدراما التليفزيونية
- الفن التشكيلى
- خالد النبوى
- شريف منير
- عمل فنى
- فى مصر
- فيلم سينمائى
- كريم عبدالعزيز
«كل الفنون تطمح إلى أن تكون موسيقى»، عبارة شهيرة للفيلسوف «شوبنهاور»، جملة عبقرية تلخص جوهر الفن ومفتاح فهمه ومعيار تقييمه، الموسيقى روحها الإيقاع، وكلما اقترب فن ما من سر الموسيقى وإيقاعها الصارم الساحر، فهو يقترب من الكمال. الموسيقى قمة التجريد وإيقاعها مقتبس من نفحة الخالق فى الكون، الحياة كلها إيقاع، نهار وليل، صيف وشتاء، حر وبرد، شهيق وزفير، دقات القلب، إشارات المخ، حتى التاريخ انتصار وانكسار، صعود وهبوط.. إلخ. الموسيقى أيضاً إلهام مباشر بدون مادة خام تستعملها أو تستخدمها، عكس النحت أو الفن التشكيلى أو الشعر أو المسرح أو السينما.. إلخ، كلهم يتصارعون مع مادة سواء الحجر أو اللون أو الكلمة أو الصورة. الموسيقى هى الفن الأقرب إلى الخلق، وكما قال «نيتشه»: «الحياة دون موسيقى ستكون غلطة»!!، لذلك فهى الفن المحسود من كل الفنانين، إذاً علينا أن نتفق أن العمل الفنى المفتقد للإيقاع بجاذبيته وصرامته وجماله، هو عمل فنى خاصمه الكثير من مقومات النجاح، وعلى كل صناع الفن فى مصر، خاصة الدراما التليفزيونية، إدراك ذلك، وما دامت أسطورة الثلاثين حلقة صارت صنماً مقدساً فى دستور الإنتاج الفنى الدرامى، فعلينا قبل التصدى لإنتاج أى دراما أن نحدد هل الفكرة تتحمل تلك الثلاثين حلقة؟!، أم أننا سنلجأ إلى المط والتطويل والرطرطة واللت والعجن والبطء والسلحفائية الدرامية لكى نعبئ الشرائط؟ والمشكلة فى الدراما التليفزيونية بالذات التى تختلف فيها عن السينما، أنك أمام التليفزيون فى بيتك تتحرك بحرية غير مربوط إلى كرسى صالة السينما فى قاعة مظلمة ملتزم بالهدوء والانضباط المطلوب لمشاركة جماعية من متفرج خرج من بيته وقطع تذكرة وانخرط فى المشاهدة، لذلك على صانع الدراما التليفزيونية أن يربط المشاهد إلى الكرسى أو فى السرير ويمسك بتلابيبه من أول حلقة ولا يسمح له بعمل كوب الشاى أو الحديث فى التليفون بالساعات أو الضغط على الريموت لقناة أخرى. إيقاع اللهاث والتحفظ على المشاهد لحين انتهاء الحلقة، لا أقصد بذلك أن تكون المسلسلات بوليسية، ولكن أن يكون إيقاعها ممتعاً ومشوقاً، وسأضرب مثالاً بعملين كانت النية فيهما جيدة والجهد جباراً ولكن الإيقاع كان واقعاً للأسف!، الأول «واحة الغروب» الملىء بالثراء البصرى والتكوينات السينمائية المدهشة، لكن الدراما التليفزيونية ليست معرضاً للصور الفوتوغرافية الجميلة أو جاليرى للكارت بوستال!، إنها حياة على الشاشة تتنفس حركة وجاذبية وتشويقاً، للأسف قتل تلك الحياة الدرامية بطء الإيقاع، خاصة أن المسلسل أصلاً ملىء بالمطبات والعوائق التى تساعد على هذا الإيقاع المترهل، من تلك المطبات المونولوجات الطويلة الكثيرة ولغة «كاترين» المتعثرة وأحداث الرواية التى تصلح لعشر حلقات أو فيلم سينمائى بالكاد ولا يمكن أن تتحمل ثلاثين حلقة، العمل الثانى هو «الزيبق»، وكما دخل بطل «واحة الغروب» سيوة بعد 13 حلقة من المط والبطء، حدث الشىء نفسه بالنسبة لبطل «الزيبق» الذى بدأ فى التجسس على الشبكة الإسرائيلية بعد مرور نصف رمضان!، ظل المشاهد يتساءل: هو كريم عبدالعزيز حيبدأ إمتى؟، يا مسهل، وعندما يتساءل المشاهد ويقول «يا مسهل» وهو يتململ، هنا تكون الرصاصة القاتلة لخلل الإيقاع، المشكلة أن أبطال العملين على مستوى رائع من الإبداع التمثيلى وجسدوا الشخصيات ببراعة، سواء خالد النبوى ومنة شلبى، أو كريم عبدالعزيز وشريف منير، لكن المهم الرؤية المسبقة للعمل وهو على الورق، هذه الرؤية البانورامية للأسف لم تكن موجودة، كانت ضبابية، تاه الإيقاع، وخسرت الأعمال بريقها وتوهجها.