أصالة «أصالة».. و«نيللى وشريهان»

حازم منير

حازم منير

كاتب صحفي

من حيث لا نتوقع جاءت الفنانة أصالة ورفاقها المبدعون فى لحظة مناسبة ليزيحوا عن كاهلنا عبء الكآبة والضيق من الفشل الإعلانى وحالة التسول المتفشية فى الإعلانات لجذب أموال المشاهدين بصورة تثير التساؤل عن جدية الهدف من ورائها.

«كلنا نتمنى شفاك» أزاح الستار عن قبح إعلانات التسول والكآبة التى نشاهدها كل عام، وقدّم لنا صورة جميلة للمرضى، وغرس فينا روح التفاؤل والأمل، فالطفل المريض ليس هو الصورة البائسة التى ينتظرها مستقبل مظلم ومصير مروع، إنما هو حالة تستحق منا التعايش معه وإدخال السعادة إلى نفسه وإحاطته بحياة بهجة وسرور.

هذا الإعلان، بموسيقاه المبهجة وأداء النجوم المشاركين فيه جميعاً، هو نموذج يكشف حقيقة الفشل و«النصب» الإعلانى الذى نعيشه، وقدّم لنا نموذجاً إنسانياً مختلفاً لا يثير ضيق أسر وعائلات المرضى على أحوال أبنائهم ولا يزرع الخوف واليأس فى نفوس أطفالنا ومرضانا الباحثين عن روح البهجة وهم يواجهون كآبة المرض.

بعد أن أصبحت لدينا هيئات وطنية للإعلام والصحافة لم يعد مجدياً أبداً استمرار حالة التسول الإعلامى لجرّ الدموع من عيون المشاهدين والأموال من جيوبهم، ولم يعد مقبولاً الاستمرار فى إظهار مصر دولة تعيش على تسول الأموال لعلاج مرضاها، وأتمنى على الهيئة الوطنية للإعلام إعلان نسبة إذاعة إعلانات «التسول» وكلفتها المالية التى سددها المعلنون.

ولم يرغب الشهر الكريم أن يغادرنا قبل أن يذكّرنا بالفارق أيضاً بين الدراما الإنسانية الجميلة وبين ما نشاهده من أعمال رديئة وضيعة مفبركة ضعيفة المضمون. فبعد أن استبشرنا خيراً العام الماضى برائعة «نيللى وشريهان» وتوقعنا أن تدخل الدراما المصرية فى دائرة الإنتاج الإنسانى الراقى، عدنا مرة أخرى إلى مسلسلات «الوشوشة» فى الآذان وترتيب الدسائس والمؤامرات والقتل والدعارة والمخدرات، وكأن مصر بضخامة أعداد سكانها وتنوعاتها الاجتماعية ومشكلاتها المجتمعية التى لا تنتهى لا تعرف سوى هذا النوع من العمل الدرامى الردىء، خصوصاً إذا كان القائمون عليه قد فشلوا فى صياغته داخل حبكة درامية متقنة.

الفارق الجوهرى أن «نيللى وشريهان» أعاد لأذهاننا الدراما الجميلة النبيلة المتميزة، فقد تعامل مع جانب مهم تعاطى معه غالبية المصريين فى طفولتهم، وربما بعد طفولتهم أيضاً، وقدم لهم صورة جميلة على الشاشة انتزعت الضحكات من القلوب والإعجاب بالاختلاف عن كل البذاءات التى يسمعونها فى الأعمال الرديئة الأخرى، ونجح فى الإفلات من اختلاق الأحداث المصطنعة الركيكة لمجرد إطالة عدد الحلقات، لذلك جاء منتجاً طبيعياً مسّ قلوب الناس وعقولهم مباشرة فجذب عيونهم كما جذبت الفنانة أصالة قلوبهم.

الأعمال الإبداعية الجميلة تبقى فى القلوب والعقول حتى لو استمرت الأعمال الرديئة على الشاشة.