حدود دور وقدرة الكنيسة (٤)
- اعتصامى رابعة والنهضة
- الأجهزة الأمنية
- الأجيال الجديدة
- الاعتداءات الإرهابية
- البابا تواضروس الثانى
- الدولة المصرية
- الدين والسياسة
- أثار
- اعتصامى رابعة والنهضة
- الأجهزة الأمنية
- الأجيال الجديدة
- الاعتداءات الإرهابية
- البابا تواضروس الثانى
- الدولة المصرية
- الدين والسياسة
- أثار
نال البابا تواضروس الثانى شعبية بين الأقباط والمسلمين بسبب مواقفه التى قدّمت الوطن على ما عداه من اعتبارات، تحققت هذه الشعبية تدريجياً بفعل المواقف الوطنية التى تبناها قداسة البابا؛ أولاً بصموده فى وجه الجماعة ورفضه دعوة الأقباط لعدم الخروج إلى الشوارع والمشاركة فى أعمال الاحتجاج التى مهّدت لثورة الثلاثين من يونيو، وثانياً بالصمود فى وجه اعتداءات الجماعة وأنصارها على الأقباط والكنائس، فقد قدّم البابا تواضروس الثانى كل الدعم والمساندة للدولة المصرية ومؤسساتها، وكان يتجاوب مع كافة مطالب مؤسسات الدولة.
تدريجياً عادت الممارسات القديمة للأجهزة الأمنية ضد الأقباط، وهو ما أثار غضبهم الشديد، فقد كانوا يعتقدون أن هذه الممارسات قد انتهت تماماً بعد ضريبة الدم والمال التى دفعوها خلال سنة حكم المرشد والجماعة، وعقب فض اعتصامى رابعة والنهضة. عادت ممارسات أجهزة الأمن التمييزية بحق الأقباط فى ظل حالة من الصمت من قبَل البابا تواضروس الثانى، فقد استقر فى يقينه أن الدولة المصرية فى حالة ضعف ووهن، ومن ثم فإن مثل هذه الممارسات مؤقتة وسوف تنتهى عندما تسترد الدولة عافيتها.
ومن حين إلى آخر كان البابا تواضروس الثانى يعبّر عن عدم ارتياحه لبعض الممارسات؛ مثل مشروع قانون بناء الكنائس والتمييز بين الجديد والقديم منها، وطرح فكرة ترخيص القديم حالة بحالة، لكنه فى الإجمال لم يقف ضد مشروع القانون الذى صيغ بعناية فائقة من البيروقراطية المصرية ليسحب باليد اليسرى ما جرى تقديمه باليد اليمنى.
وعلى الرغم من هدوء وحكمة البابا تواضروس الثانى، والتزامه ضبط النفس، إلا أن ألاعيب البيروقراطية المصرية وممارسات الأجهزة الأمنية سببت ضغطاً كبيراً عليه، لا سيما بعد أن تحرك الشباب القبطى وسبق البابا على الأرض وعبر عن احتجاجه على ما يجرى مثل عدم تعاون الأجهزة الأمنية فى قضية اختفاء الفتيات القبطيات، لا سيما القصر منهن، بل وقيام أجهزة الأمن بمساعدة الجناة على التهرب من العدالة وقتل القضايا من هذا النوع. أيضاً إقدام المتشددين على منع الأقباط من الصلاة ومقاومة بناء كنائس سبق الحصول على ترخيص ببنائها، مثلما حدث ويحدث فى عدد من قرى محافظتى المنيا وسوهاج. كذلك الحال فى عمليات الاعتداء على الأقباط حيث تتعاون الأجهزة الأمنية لإفشال مثل هذه القضايا وربما تعد قضية سيدة الكرم النموذج الأبرز على ذلك، فقد تسبب تقرير المباحث فى إضاعة حق هذه السيدة، إذ وجه التقرير اتهاماً لشخصين أحدهما توفى قبل أحد عشر عاماً والثانى مصاب بشلل رباعى ولا يمكنه الحركة وأتى به أهله محمولاً، فضاع حق السيدة التى لم تجد من يعوضها نفسياً ولم تلق معاملة سيدة تبرعت بقرطها أو فتاة تجر عربة!!!
خلال هذه الأحداث والحوادث التزم البابا تواضروس الثانى الصمت، فلم يعلق على هذه الأحداث وتجنب الحديث عنها بالكامل، ثم جاءت الاعتداءات الإرهابية على الكنائس والتى أسفرت عن استشهاد قرابة المائة من الأقباط، لتحدث دوياً هائلاً فى المجتمع القبطى وأحاديث داخلية عن تقصير أمنى وعدم تجاوب بعض المسئولين على نحو أثار الشباب القبطى الذى بدأ فى الاحتجاج على «صمت» الكنيسة تجاه هذه الأحداث والاعتداءات، وفى الوقت نفسه هناك من بين شباب الأقباط من ثمن عدم تدخل الكنيسة فى هذه الأحداث على اعتبار أن ذلك يمثل مقدمة للفصل ما بين الدين والسياسة وإنهاء ما تبقى من المعادلة التقليدية التى كانت تتعامل مع الكنيسة باعتبارها الممثل الشرعى والوحيد للأقباط، وفى جميع الأحوال فإن دور الكنيسة فى العمل السياسى قد تقلص وتراجع، كما أن قدرتها على الفعل السياسى فى مواجهة الأجيال الجديدة من الأقباط ضعفت كثيراً.