جولدا مائير.. من حلم 5 يونيو إلى "كابوس 10 رمضان"

جولدا مائير.. من حلم 5 يونيو إلى "كابوس 10 رمضان"
تصورت رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة جولدا مائير يوما، أنها ستكون أعظم زعماء إسرائيل باعتبارها صاحبة أكبر الانتصارات الإسرائيلية في نكسة 5 يونيو 1967، ولكنها لم تفكر للحظة واحدة في أنها ستعيش لترى أكبر هزائمها في عام 1973 ولتعلن بنفسها أنها ستعيش بقية حياتها بكابوس أكتوبر المفزع.
تقول جولدا: "بدأت الحرب في الساعات الأولى من صباح الإثنين 5 يونيو وعلمنا أن الانتظار قد انتهى عندما سمعنا صفارات الإنذار، ما أن حل الليل حتى كانت أبعاد الضربة الإسرائيلية قد اتضحت والتصقت آذاننا بأجهزة الراديو في الوقت الذي كانت فيه الموجات المتتالية من طائراتنا تعبر البحر الأبيض المتوسط وتقصف المطارات المصرية وتنسف الطائرات المعدة للهجوم علينا وأعلن قائد سلاح الجو في الليل قصة الساعات الست الخرافية التي تم فيها تدمير 400 طائرة للعدو، بما في ذلك الطائرات الموجودة في المطارات السورية والأردنية وكانت لنا السيطرة الكاملة على الجو من سيناء حتى الحدود السورية، وأدركت الحقيقة عندما وقفت على باب داري أتطلع إلى السماء الصافية مدركة أننا قد نجونا من وهم الغارات الذي كان مسيطرا علينا وتنفست الصعداء".
وتضيف: "في نفس اليوم وعلى نفس الطرق الثلاثة في سيناء تقدمت قواتنا تساندها الطائرات متجهة نحو قناة السويس ووقعت اشتباكات بين أعداد من المدرعات فاقت عدد المدرعات التي كانت متحاربة في الصحراء الغربية خلال الحرب العالمية الثانية، وانقلبت يد إسرائيل الممدودة بالسلام إلى قبضة ولم تعد هناك قوة توقف تقدمنا ولم يكن عبدالناصر هو الوحيد الذي تبددت طائراته، فقد كان هناك حسين أيضا الذي وازن بين رسالة أشكول إليه بأن شيئا لن يصيبه إذا لم يشارك في الحرب وبين رسالة تلقاها من عبدالناصر في الصباح تبلغه أن المصريين يقصفون تل أبيب، في الوقت الذي لم تكن فيه لدى عبدالناصر قاذفة واحدة ووقع حسين في الخطأ مثلما فعل جده من قبل فأمر قواته في 5 يونيو بأن تشرع في قصف القدس والمستعمرات الإسرائيلية، على الحدود الأردنية وكان مفروضا أن تقوم قواته بدور الذراع الأيمن في الكماشة التي تحيط بنا ومع حلول الليل بدا واضحا أنه سوف يخسر القدس الشرقية على الأقل وكما حدث في 1984 فإن القوات العربية في 1967 قصفت القدس دون أن تكترث بالخسائر التي قد تحل بالأماكن المقدسة فيها، أقول ذلك تعبيرا عن رفضنا لما يثار من مخاوف حول قدسية القدس تحت الإدارة الإسرائيلية فلا يحاول أحد أن يقنعني بأن أحوال القدس كانت أفضل وهي في يد العرب أو أننا غير جديرين برعايتها".
وتتابع: "استغرقت هزيمة المصريين يومين ودفع حسين ثمن قراراه الخاطئ في يومين فبحلول يوم الخميس 8 يونيو كان حاكم غزة قد استسلم وكانت قواتنا قد تمركزت على الحافة الشرقية لقناة السويس وعادت مضايق تيران إلى الإسرائيليين وسيطرتهم وتم تدمير 80% من المعدات العسكرية المصرية"، بحسب روايتها.
أما الفصل الذي روت فيه جولدا ذكرياتها مع حرب أكتوبر واسمته بـ"الهزيمة" قالت: "ليس أشق على نفسي في الكتابة من بين كل الموضوعات التي كتبت عنها في هذا الكتاب، قدر أن أكتب عن حرب أكتوبر 1973 حرب يوم كيبور، لكنها حدثت ومن هنا فلابد أن أكتب عنها لا من الناحية العسكرية فذلك أمر أتركه للآخرين وإنما ككارثة ساحقة وككابوس عشته بنفسي وسيظل باقيا معي على الدوام، فقد وجدت نفسي في موقف كنت في قمة المسؤولية في الوقت الذي واجهت فيه الدولة أكبر خطر عرفته، ومازال هناك حتى على الصعيد الشخصي الكثير مما لا يمكن قوله الآن ولذا فأن ما سأقوله ليس هو كل شيء لكنه الحقيقة في كل ما عرفته وشعرت به خلال مجرى هذه الحرب التي كانت الحرب الخامسة خلال سبعة وعشرين عاما من قيام إسرائيل".
وتضيف: "لابد أن أؤكد هنا للعالم بشكل عام ولأعداء إسرائيل بشكل خاص أن الظروف التي أودت بحياة 2500 إسرائيلي قتلوا في حرب يوم كيبور لن تتكرر مرة ثانية لقد بدأت الحرب يوم 6 أكتوبر، كيبور (يوم الغفران) فيه مساء يوم الجمعة وهكذا فإن عطلة نهاية الأسبوع لدى معظم الناس في إسرائيل كانت طويلة، وأعتقد أن هذه الحرب قد جعلت الكثيرين من غير اليهود والذين لم يسمعوا من قبل عن يوم كيبور يعرفون أنه أكثر أيام التقويم اليهودي خشوعا وقداسة أنه اليوم الوحيد في السنة الذي يتحد فيه كل اليهود في كل أنحاء العالم في نوع من العبادة حتى ولو لم يكونوا من الورعين الأتقياء".