"الجسور المفتوحة" في مذكرات "ديان".. من النكسة لنصر العاشر من رمضان

كتب: محمد علي حسن

"الجسور المفتوحة" في مذكرات "ديان".. من النكسة لنصر العاشر من رمضان

"الجسور المفتوحة" في مذكرات "ديان".. من النكسة لنصر العاشر من رمضان

كعادة قادة الكيان الصهيوني حينما يكتبون مذكراتهم نجد سردا طويلا لما يعتبرونه ملاحم أسطورية في روايات نكسة 5 يونيو 1967، لإخفاء خيبات هزيمة حرب أكتوبر 1973، "موشي ديان" لم يختلف كثيرا عن أولئك القادة، الفارق بينه وبينهم أنه اعترف بالحقيقة "المُرة".

يروي ديان في مذكراته عن "النكسة" قائلا: "خلال السنوات العشر التي أعقبت حملة سيناء عام 1956 قام المصريون بنقل قوات كبيرة إلى سيناء وبناء استحكامات قوية لخدمة غرضي الهجوم والدفاع وكانت منطقة النقب الإسرائيلية المجاورة للحدود مكانا ملائما للمصريين للإعداد إما لغزو إسرائيل أو للتصدي لأي هجوم إسرائيلي على سيناء كما تمت إقامة مراكز قوية في الداخل في أعماق سيناء لتغذية الجبهة الشمالية بالإمدادات ولتأمين خطوط دفاعية خلفية إذا ما سقطت الخطوط الأمامية".

ويضيف ديان: "في أثناء قيام الطائرات بضربتها الجوية صباح يوم الإثنين 5 يونيو اتجهنا إلى رفح بلواء شاميل المدرع وفتح الطريق الساحلي الشمالي واحتل قيادة التشكيل المصري إلى أن وصل إلى مشارف العريش مع حلول الظلام وقد استغرق احتلال رفح يوما كاملا من القتال ولقى هذا التشكيل مساعدة من الجنوب بواسطة لواء المظلات بقيادة رافول أيتان وكان هناك قتالا عنيفا في ذلك اليوم، وفي الطريق الغربي قرب العريش وسقطت العريش في اليوم التالي وكذلك مطارها الذي بدأت قواتنا الجوية في استخدامه فورا وانطلقت وحدة استطلاع ووحدة مظلات في سيارات نصف مجنزرة متجهة غربا نحو قناة السويس وفي هذه الأثناء اتجهت الوحدات المدرعة للهجوم على العدو في قلب سيناء والالتحام مع قواتنا التي تقدمت في القطاع الأوسط وقاد الهجوم على القطاع الأوسط أريك شارون في عملية معقدة راعى فيها التوقيت والتنسيق بين المدرعات والمشاة وقوات المظلات وقد بدأ شارون هجومه على أم كنف ليسيطر على مفترق الطرق إلى أبو عجيلة ونزلت قوات المظلات خلف خطوط الأعداء ودمرت مواقع المدفعية التي كانت تقصف قوات شارون المتقدمة إلى أبو كنف وتقدم لواء مشاة تحت وابل من النيران وهاجم الاستحكامات وطهرها في اشتباكات رجل لرجل بينما تقدمت كتيبة مدرعة غربا ثم قامت بحركة التفاف دائرية لاقتحام أبو عجيلة وقبل أن تنتهي المعركة انضم لواء مدرع من قوات بوفي للاشتراك في هذه المعركة في تنسيق كامل مع شارون".

طريقة السرد تحولت من الفخر إلى الكسر في مذكرات ديان بين روايته عن النكسة ويوم الغفران حيث قال عن حرب أكتوبر: "في الساعة الرابعة من صباح السبت يوم 6 أكتوبر 1973 أفقت من نومي على رنين التليفون الأحمر بجوار فراشي ولم يكن هذا أمرا غير عادي إذ لا تمر ليلة بدون رنين هذا التليفون مرة أو مرات، ولكن المكالمة في هذا اليوم كانت غير عادية فقد وصلت معلومات حالا بأن مصر وسوريا تعدان لهجوم قبل غروب شمس نفس اليوم وبعد أن تأكدت أن نفس المعلومات قد أبلغت لرئيسة الوزراء جولدا مائير اتصلت برئيس الأركان ليقابلني في مكتبي الساعة السادسة صباحا وكان أمامنا عمل كثير خلال هاتين الساعتين قبل اللقاء وطلبت من مكساعدي أن يبلغ كل القادة للحضور إلى مكتبي ثم ركبت سيارتي إلى مكتبي وسط جو هادئ للغاية فالسماء من ناحية الشرق يختلط فيها اللونان الأحمر والذهبي والنسمة الباردة تهب من الغرب والشوارع خالية ليس فيها أحد كان اليوم هو يوم كيبور وهو أقدس أيام السنة اليهودية".

يوضح ديان في مذكراته: "كان اليوم الأول للقتال يوم كيبور نفسه يوما شاقا علينا فقد خسرنا كثيرا من الرجال وفقدنا أراضي ومواقع غالية القيمة وبالرغم من ذلك فأن تقرير رئيس الأركان الذي قدمه في العاشرة مساء إلى الحكومة كان يتسم بالتفاؤل وكان واضحا أن كلا من مصر وسوريا حققتا في الهجوم ميزتين على أقصى جانب من الأهمية : الأولى هي المبادرة في بدء القتال والثانية هي التفوق الهائل في القوى وكان السبب وراء تفاؤل رئيس الأركان راجعا إلى إدراك أن هاتين الميزتين لن تبقيا في يد العدو طويلا وذلك بمجرد أن تصل قوات الاحتياط الإسرائيلية إلى الجبهات فيما بين 24 ساعة إلى 48 ساعة لتستعيد ميزان القوى وتمكننا من استرداد عنصر المبادرة".

ويشير ديان إلى أن المعركة قد بدأت في نفس الوقت على الجبهتين في الساعة الثانية ظهرا فبدأ كلا الجيشين بقصف أرضي وجوي لمعسكرات ومنشآت الجيش الإسرائيلي، وفي الجنوب تابع المصريون القصف مباشرة بعبور القناة على طولها فأقاموا الجسور واستخدموا الزوارق المطاطية بل أن البعض عبر القناة سباحة وفي الشمال وتحت ستار قصف مدفعي ثقيل بدأت القوات المدرعة السورية هجومها.

ويوضح أنه "حتى منتصف الليل كان المصريون قد نقلوا إلى الضفة الشرقية للقناة 300 دبابة من مجموع 2200 دبابة نقلوها إلى هناك وكان لديهم 1848 مدفع ميدان تغطي المنطقة كلها وخصصوا لكل ميل من الأرض 50 مدفعا مضاد للدروع وكان مجموع ما لدى الجيش الإسرائيلي على هذه الجبهة 276 دباية و48 مدفع ميدان".

واعترف ديان بالقول: "أصبح العبور الآن حقيقية واقعة ولم تعد مواقعنا الحصينة سوى فخاخا للموجودين فيها، فالجيش المصري والسوري ليسا هما الجيشان اللذان عرفناهما عام 1967، بل هي قوات جيدة تم تجهيزها ويملؤها التصميم والإصرار".


مواضيع متعلقة