د. روحانى رئيس إيران السابع والتحديات الحاسمة

06/02/2017

د. محمد بسيونى

كاتب صحفي

أُعلنت مؤخراً نتائج الدورة الانتخابية الثانية عشرة فى عمْر الدولة الإيرانية الإسلامية التى أسَّسها الإمام «الخمينى» فى منتصف السبعينات من القرن الماضى، وفاز الرئيس الإيرانى د. حسن روحانى برئاسة إيران للمرة الثانية على التوالى، وقد حاز «روحانى» نحو 23 مليون صوت، بما يعادل 56% من أصوات الناخبين، وتقدم «روحانى» على مرشح التيار المتشدد الأصولى إبراهيم رئيسى، بما يزيد على 7 ملايين صوت، من نحو 42.4 مليون ناخب قاموا بالتصويت الفعلى. وقد شهدت الانتخابات نسبة مشاركة وحضور بلغت 73%، ويستمر د. روحانى فى منصب الرئيس حتى منتصف عام 2021، وهو الرئيس السابع فى الجمهورية الإيرانية الإسلامية التى يبلغ عمرها أربعين عاماً فقط.

واللافت للنظر أن أول تعليق للرئيس الأمريكى دونالد ترامب على الانتخابات الإيرانية كان أمام ما سُمى بالقمة الإسلامية - الأمريكية فى الرياض!! وقال فيه: «إننا ننتظر ما سيقوم به الرئيس روحانى، الذى نعرفه جيداً، من قرارات»، وهو ما تناقض مع المناخ العام لتصريحات أمريكية وخليجية سبقت القمة كانت تهاجم إيران بشدة، بل وتم استبعاد إيران من حضور أعمال القمة بالرياض، فيما اعتبره المراقبون إعلان حرب مبكرة مذهبية ضد إيران، ولكن «ترامب» سار فى طريق آخر مفضّلاً الانتظار.

ود. حسن روحانى رجل دولة من طراز خاص، عمل سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومى (الاستخبارات) طوال 16 عاماً، وكان كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين مع الغرب من 2003 إلى 2005، ويحتفظ بمصداقية لدى غالبية قيادات أوروبا وأمريكا، حتى إنهم -رغم التحفظات- وقّعوا معه كرئيس عام 2016 الاتفاق النووى، وكأنهم جربوا التعامل معه قبل 10 سنوات، واختاروه ليوقّعوا معه الاتفاق!

ود. حسن روحانى يبلغ من العمر 69 عاماً، ويمتاز بآرائه الوسطية، وعلاقاته الوثيقة مع رجال الدين فى إيران، وجاءت وسطيّته من تخصّصه فى دراسة القانون بجامعة طهران، ثم حصل على الماجستير والدكتوراه عام 1999 من جامعة جلاسكو كالدونيان الأوروبية، ومؤلفاته 18 مؤلفاً، اثنان بالعربية، واثنان بالإنجليزية، وأربعة عشر مؤلفاً بالفارسية.

ويواجه د. روحانى، فى الفترة القادمة، تحديات مركّبة على المستويَين الداخلى والإقليمى، فضلاً عن المستوى الدولى، حيث تتصاعد محاولات المتشددين من الأصوليين لمحاصرة قوة «روحانى»، الذى يرونه متهاوناً فى التعامل مع الأفكار الديمقراطية، وشكّكوا فى نزاهة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، كما تنشط الفصائل الاشتراكية والثورية المعارضة ضده، على خلفية تطبيقه لسياسات البذخ، واتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء فى المجتمع، التى وصفها قائد الثورة الإسلامية فى إيران بالأرستقراطية المنتشرة فى طبقات المجتمع، نتيجة سلوك بعض المسئولين، وأداء حكومة حسن روحانى، وتقاعسها فى تحقيق أهداف الاقتصاد المقاوم.

وعلى المستوى الإقليمى، يختار د. روحانى قريباً خياراً مصيرياً تفرضه نتائج الانتصارات الواضحة فى العراق وسوريا ضد الإرهابيين من الدواعش، التى ستتطلب منه إما الاستمرار فى سياسته الحريصة على استقلال ووحدة كل دول الجوار، أو الاندفاع فى اتجاه حرب طائفية بشعة بين الشيعة والسُّنّة لتفتيت الدول، واكتساب النفوذ، والسيطرة على البترول والغاز وطرق المواصلات وغيرها.. والخطير أن «تميم» دُويلة قطر و«أردوغان» تركيا اندفعا فى طلب ودّ إيران، وكلاهما يدفعه إلى أتون ذلك الصراع الخطير بين السُّنة والشيعة، وإن كان موقف د. روحانى من مصر بدعمه الاتفاق بين العراق ومصر على توفير مليون برميل بترول يومياً يشير إلى إدراك إيران لأهمية العلاقات الطيبة مع الجيران.

أما على المستوى الدولى، فإن الاتفاق النووى الغربى - الإيرانى ما زال يواجه معوقات تتعلق بتجميد الأموال الإيرانية فى الغرب، ومنعها عنهم حتى الآن، مع تصاعد تهديدات أوروبية وأمريكية تنشط بين الحين والآخر بشيطنة إيران، بوصفها داعمة للأفكار المتطرفة والتنظيمات الإرهابية، ومعادية للكيان الصهيونى.

يجب أن نهتم بدراسة حصيلة سياسات ومواقف وعلاقات الرئيس الإيرانى الجديد، وندعم بدأب توجهاته الإصلاحية، وحرصه على علاقات طيبة مع مصر والدول العربية، ولا نسمح لعناصر الشر بإشعال نيران الفتنة المذهبية فى منطقتنا، لأنها ستدمر العالم.. ربنا يستر.. والله غالب.