«ماما ماجى»: التعليم هو الأساس لكسر حلقة الفقر.. وعلينا تقديم الدعم لمن يحتاجه وليس لمن يتفق معنا فى الرأى

كتب: سارة سند

«ماما ماجى»: التعليم هو الأساس لكسر حلقة الفقر.. وعلينا تقديم الدعم لمن يحتاجه وليس لمن يتفق معنا فى الرأى

«ماما ماجى»: التعليم هو الأساس لكسر حلقة الفقر.. وعلينا تقديم الدعم لمن يحتاجه وليس لمن يتفق معنا فى الرأى

تصف نفسها بأنها أم لأكثر من 30 ألف طفل، لا تعنيها الجوائز كثيراً، حتى ترشحها لجائزة نوبل عدة مرات لم تستغله كمصدر شهرة لها، قديسة كما يصفها من حولها، ترتدى الأبيض دائماً لأنه لون محايد، فهى شخصية ترفض التصنيفات، رغم دراستها فى الجامعة الأمريكية وعملها فى نفس المكان كأستاذة فى علوم الكمبيوتر إلا أنها تركت ذلك كله من أجل العمل الخيرى. {left_qoute_1}

تعيش فى مستوى اجتماعى مرتفع لكنها أكثر شعوراً بالفقراء، المؤسسة التى أسستها مع عشرات الجمعيات الأخرى تخدم الآن آلاف الأسر المصرية بشكل شهرى. ماجدة جبران، أو «ماما ماجى» كما يطلق عليها مَن حولها، المصرية الوحيدة الفائزة بجائزة مبادرة «صناع الأمل» فى الإمارات والتى تبلغ قيمتها مليون درهم إماراتى، متخطية فى ذلك أكثر من 65 ألف مشترك فى 22 دولة عربية.

 

■ لماذا اتجهتِ للعمل الخيرى؟

- كنت أعيش فى بناية واحدة مع أقاربى، وكانت عمتى الراحلة دائمة الاهتمام بالفقراء والمساكين، ودائماً ما أجد فى منزلها محتاجين تحاول مساعدتهم مادياً أو معنوياً أو تستمع إلى مشكلاتهم وتحاول حلها، تسعى لهم فى البحث عن المشاريع الصغيرة التى تناسب إمكانياتهم، وعندما توفيت، سألت نفسى: مَن لهؤلاء الفقراء والمحتاجين بعدها؟ مَن سيساعدهم ويخفف عنهم؟، ومن هنا بدأت العمل الخيرى.

■ كيف كانت البداية؟

- كنت قد قررت النزول إلى الأماكن المحتاجة لمعرفة أوجه النقص ومحاولة سدها، نزلت مع عدد من الأصدقاء إلى عزبة الزبالين، وهناك تعرفت على عدد كبير من الأطفال المحتاجين، ووقتها شعرت أنى لن أقدر على عيش حياتى الطبيعية مرة ثانية «مش هقدر تانى على العيشة المريحة»، وفكرت ابتدى بأشياء بسيطة لاستيفاء احتياجاتهم، من خلال الاتفاق مع عدد من الأطباء للكشف عليهم وإعطائهم التطعيمات اللازمة، فى البداية لم أكن أعرف الطريق لهؤلاء الأطفال، وكان لا بد أن أنزل مع الأصدقاء، لكن مع الوقت أصبحوا أولادى وأذهب لهم خصيصاً.

{long_qoute_1}

■ كيف شعرتِ بمعاناة الأطفال رغم انتمائك إلى أسرة ميسورة مادياً؟

- بالفعل أنا أنتمى لأسرة ميسورة، ودراستى كانت فى الجامعة الأمريكية وعملت فيها لفترة بعد التخرج، لكن هل لدىّ فضل فى ذلك؟ الإنسان، أى إنسان، ليس لديه أى فضل فى المستوى الاجتماعى أو المادى الذى ينتمى إليه، ليس لدىّ فضل أو يد فى أنى اتولدت فى بيئة أفضل شوية، بمجرد رؤية هؤلاء الأطفال شعرت أنهم مثل أبنائى الذين أنجبتهم، أحببتهم ولم أشعر بفرق بينهم وبين أولادى الحقيقيين.

■ من أين جاء لقب «ماما ماجى» الذى يطلقه عليكِ الجميع؟

- هذا اللقب حصلت عليه بسبب حبى الشديد للأطفال وحبهم لى، هم شعروا بالفعل أننى مثل والدتهم، وفى أحد الأيام فوجئت ببنت صغيرة تطلب منى أن تنادينى بلقب ماما، وأرجو منك أن تصدقينى إن قلت لك إننى أعتبر هذا اللقب هو الجائزة الحقيقية التى حصلت عليها فى حياتى، وأهم بالنسبة لى من أى جوائز أخرى.

■ كيف بدأ عملك الخيرى بشكل رسمى؟

- فى البداية لم أكن أتخيل أن الموضوع هيكبر، لكن لقيت نفسى مداومة على الاهتمام بعدد من الأولاد، ومع الوقت بدأ العدد يكبر، ولقيت نفسى أدعو ربنا يدينى 100 إيد أطبطب بيهم على كل الأطفال، و100 رجل أنجز بيها كل احتياجاتهم، وربنا فعلاً أعطاهم لى من خلال عدد من المتطوعين والمساعدين اللى قرروا أنهم يكونوا جزء من عمل الخير.

وكنت حريصة على تنظيم الوقت والاجتماع مع الأطفال بشكل أسبوعى، وكنت أستضيفهم فى منزلى، لكن العدد أصبح أكبر من قدرة المنزل الاستيعابية، ومن هنا جاءت فكرة «جمعية الأمل» التى انبثق منها بعد ذلك عشرات الجمعيات الأخرى فى مختلف محافظات مصر تعمل على تقديم المساعدة والدعم للمحتاجين.

■ هل المساعدة التى تقومين بتقديمها مادية؟

- لا أقدم المساعدات المادية لأنى أرفضها، أرفض أن أجعل أى مواطن يشعر وكأنه «شحات»، لكنى أعمل بشكل أعمق على احتياجاتهم الأساسية وأحاول توفيرها، وفلسفتى فى العمل تقوم على أساس أن كل إنسان فى الأصل طيب ويحب عمل الخير، ويملك دوافع قوية للعمل والنجاح، أحياناً الظروف تكون فى غير صالحه، وأنا أحاول تغيير تلك الظروف وتعميق إحساس حب النجاح عنده، ونعطى فرصة للخير أن يظهر. وأنا أحترم كل إنسان دون النظر إلى مستواه المادى والاجتماعى، وهذا الاحترام هو أساس التنمية، يجب أن يشعر المحتاج أن له كرامة ويجب أن يؤخذ برأيه فى كل التفاصيل.

■ ما أهم احتياج تحرصين على توفيره من خلال جمعياتك؟

- التعليم.. لأنه أساس التنمية والنهضة، حلقة الفقر لن تنكسر سوى بالحرص على تعليم الجميع، لذلك أنشأنا من خلال جمعياتنا، العديد من المدارس المجتمعية والنظامية بالإضافة إلى فصول محو الأمية.

■ بحكم تعاملك مع الكثير من الأسر المحتاجة.. من الأكثر إقبالاً على التعليم.. الرجال أم النساء؟

- من اللافت للنظر مدى إقبال السيدات تحديداً على التعليم، يمكن أن يكون ذلك بحكم انشغال الرجال بتوفير لقمة العيش والاحتياجات اليومية، لكن السيدات بالفعل هن الأكثر إقبالاً على تعلم كل شىء، والأم عندما ترى أبناءها يستطيعون القراءة والكتابة يكون لديها حافز أكبر للتعلم لمتابعة أبنائها فى المذاكرة والواجبات.

■ متى شعرتِ بثمار الاستثمار فى العملية التعليمية؟

- هناك أطفال استقبلتهم صغاراً وتم إلحاقهم بالمدارس ومتابعة تعليمهم، وتابعت نموهم يوماً بيوم، ورأيتهم وهم يتخرجون، فوجئت بهم بعد التخرج يأتون إلىّ ويطلبون رد الجميل والعمل كمدرسين فى تلك المدارس للمساعدة فى تعليم عدد أكبر من الأطفال وقالوا لى «زى ما اتعلمنا.. إحنا هنعلّمهم».

■ ما أكثر المناطق المصرية احتياجاً للمساعدة؟

- الصعيد.. الوضع هناك هو الأصعب على الإطلاق، الذين يعيشون فى المدينة لا يتخيلون أبداً مدى الفقر والاحتياج لدى أهلنا فى الصعيد، الكثير من البيوت مبنية من الطين، بمجرد نزول نقطتين ماء تقع على أصحابها، الاحتياجات الأساسية من مسكن وماء نظيف وصرف صحى ورعاية طبية غير موجودة هناك، لكن المذهل أنك لو زرتِ بيتاً فقيراً ستجدين إصراراً شديداً منهم لتقديم كوب من الشاى أو أى ضيافة، رغم أنهم فى أمس الحاجة للمساعدة، وهو ما يدل على أصالة الشخصية المصرية وكرمها. والدولة تعمل كثيراً على تنمية الصعيد، لكن يجب علينا أيضاً أن نمد يد المساعدة عندما نقدر.

■ نتيجة لعدد من التغيرات السياسية، أصبح الكثير من المصريين يقدمون الدعم لمن يتبعون نفس الاتجاه السياسى.. هل أثر ذلك على العمل الخيرى؟

- ليس فى مصر فقط، العالم كله يحاول أن يعلمنا قيماً غير صحيحة وضد المبدأ الإنسانى، وأننا يجب أن نساعد فقط من يتفق معنا، لكن إحساس الجوع لا يفرق بين صاحب أى اتجاه سياسى، والشعور بالمرض والوجع متشابهة بين الجميع، ويجب أن نقدم دعمنا لمن يحتاجه وليس لمن يتفق معنا.

 


مواضيع متعلقة