وظيفة خالية فى بيت دعارة
- أحوال شخصية
- أحياء القاهرة
- استشارات قانونية
- الأحوال الشخصية
- الحد الأدنى
- الحياة الكريمة
- دار رعاية
- سد احتياجات
- سن المراهقة
- شهادات مزورة
- أحوال شخصية
- أحياء القاهرة
- استشارات قانونية
- الأحوال الشخصية
- الحد الأدنى
- الحياة الكريمة
- دار رعاية
- سد احتياجات
- سن المراهقة
- شهادات مزورة
فى حى من أحياء القاهرة الراقية استوقفتى سيدة ملابسها وهيئتها تدل على أنها تنتمى للطبقة الوسطى، متعلمة، محجبة حجاب أغلب المصريات الذى يتسم بالاعتدال والذوق الرفيع، فى بداية الأربعينات من العمر.. سألتنى باعتبارى محامية: هل هناك أى مادة فى أى قانون تلزم الأب بتسلم أبنائه بعد انتهاء سن حضانة الأم؟
فى الحقيقة استوقفنى السؤال وتعجبت منه لأنه جرت العادة أن تتمسك الأم بمد مدة الحضانة لأبنائها وعادة ما ينشب صراع مرير ويستدعى الأطفال للمحكمة للتصريح أمام القاضى عن رغبتهم فى البقاء إما مع الأم أو الانتقال للأب، ولكن أن تطالب الأم بعودة الأولاد لحضانة أبيهم فهو أمر غير معتاد.
ورغم عدم ترحيبى بإعطاء استشارات قانونية فى الشارع، لكنها أثارت فضولى لمعرفة ما وراء السؤال، فقالت لى إنها تعمل موظفة فى وزارة خدمية، مرتبها بعد عشرين عاماً من العمل لا يتعدى ألفاً وخمسمائة جنيه، ولديها ولدان عمر الأول سبعة عشر عاماً، والثانى خمسة عشر عاماً، ووالدهما لم ينفق عليهما مليماً واحداً منذ تم الطلاق منذ نحو عشر سنوات.
ولم ترغب فى الذهاب للمحكمة حتى لا تعرضهما إلى ضغوط نفسية وصراعات لا طائل منها، لاسيما أن كل من تعرفهن لم تنصفهن محكمة الأسرة، لأن عادة ما يقدم الآباء شهادات مزورة عن دخلهم ولا يوجد رقيب ولا حسيب على هذا التزوير.
منذ طلاقها كان والدها يساعدها فى تربية الولدين، لكنه توفى وانقطع الدعم، ومنذ ذلك الحين تعيش وولداها معاناة شديدة، قالت لى إنهما أصبحا شابين «يملوا العين» لكن لهما متطلبات؛ الأول فى الثانوية والثانى فى الإعدادية بحاجة إلى طعام وشراب ودروس ومصاريف مدارس، وملابس مثل أقرانهما، وهى لم تعد تستطيع تلبية احتياجات ولديها ليعيشا الحد الأدنى من الحياة الكريمة، كما أنهما بحاجة إلى رجل فى حياتهما، فهما ما زالا فى سن المراهقة، ورغم أنها أحسنت تربيتهما لكن لا يخلو الأمر من بعض اندفاع المراهقة، وهى لم تعد قادرة على السيطرة عليهما.
بعد تفكير طويل ومعاناة وتردد اتخذت قراراً بالتشاور مع الولدين وهى تعتصر ألماً بأن ينتقلا للعيش مع أبيهما، لكنهم فوجئوا برفض الأب لهما، ورغم أنها لم تدخل محكمة قط لكنها لم تجد بداً من اتخاذ أى أمر قانونى لأن مصلحة ولدَيها تحتم وجودهما معه كرجل يفهمهما ويعلمهما الرجولة، فذهبت تقدم بلاغاً فى قسم الشرطة لإلزام الأب بتسلم ولديه.
وكانت المفاجأة الكبرى التى ألقى بها ضابط القسم أنه لا يستطيع عمل محضر بهذا المعنى فلا يوجد نص قانونى يلزم أباً بأداء واجبات الأبوة، وإن أصرت فلتترك ولديها فى القسم وسيخطَر الأب بوجودهما وإذا لم يحضر لتسلمهما سيحيل الأمر على نيابة الأحداث التى ستضعهما فى دار رعاية!!!
انفجرت السيدة فى البكاء عندما قلت لها إن ما قاله الضابط صحيح، ولم يكن يحاول التخلص منك، فيا سيدتى لا يوجد نص يلزم أباً برؤية أبنائه أو برعايتهم أو بحضانتهم، قالت لى: ماذا علىّ أن أفعل لشابين لا أستطيع سد احتياجاتهما وقد عاشا عمرهما مكرمين، هل أتركهما للجريمة أم أرتكب أنا جريمة لتربيتهما؟!
بكت حتى تقطعت أنفاسها وهى تقول «لو كنت أستطيع العمل فى الدعارة لفعلتها لكن لا تربيتى ولا أخلاقى يسمحان لى بذلك، ولا حتى سنى، حتى إن فكرت فلن يكون لى وظيفة فى بيت الدعارة لاعتبارات السن».
والسؤال الذى كنت أتمنى أن يشغل من يقدم على قانون أحوال شخصية: لماذا لا يوجد نص يجرم الشركات والمؤسسات التى تساعد الآباء على التزوير فى شهادات الدخل المقدمة للمحاكم، أو تجرم الآباء المزورين أنفسهم؟ أليس هذا استهانة بالعدالة، وتضييع من يعول الذى حذر منه الرسول عليه الصلاة والسلام؟
هذا سؤال من مئات الأسئلة لنساء سحقهن قانون الأحوال الشخصية الحالى، الذى يفكر بعض النواب فى قانون جديد بعض ملامحه تؤكد أنه يعيد النساء والأطفال إلى عصر العبودية.