المرور .. وعود غير عملية خارج قدرة الدولة

كتب: سماح عبدالعاطى

المرور .. وعود غير عملية خارج قدرة الدولة

المرور .. وعود غير عملية خارج قدرة الدولة

بين متفق ومتحفظ ورافض، توزعت آراء عدد من خبراء المرور والطرق، فى الخطة التى تعهد الدكتور محمد مرسى بأن يحل بها أزمة المرور خلال المائة يوم الأولى من حكمه. «الوطن» ناقشت الخبراء بشأن إمكانية نجاح الخطة فى ظل الوضع المعقد والعشوائى القائم على أرض الواقع. وتستند خطة «مرسى» التى تضمنها برنامجه الانتخابى للقضاء على أزمة المرور وتحقيق سيولة مرورية فى القاهرة وعواصم المحافظات، على عدة محاور أهمها إلغاء إشغالات محطات المترو، وتوفير مواقف جيدة بجوار المحطات، لتيسير استخدام المترو لمالكى السيارات، وإزالة كافة إشغالات الطرق، وتحديد أماكن محددة لوقوف الميكروباصات بكافة الطرق، وتخفيض قيمة الضريبة على المركبة التى تلتزم بقواعد المرور خلال سنة الترخيص، وإلغاء فكرة «كلبشة» السيارات، مع عمل حملات توعية فى وسائل الإعلام، وخطب الجمعة، عن آداب السير وحق الطريق وتقوى الله فى المارة، وغيرها من المحاور.[Quote_2] ويرى الدكتور حسن المهدى أستاذ هندسة الطرق بكلية الهندسة جامعة عين شمس، أن بعض النقاط التى طرحها «مرسى» تصلح للتنفيذ، وبعضها لا يصلح، سواء فى عواصم المدن أو فى القاهرة الكبرى، التى تعتبر من أكثر مدن العالم ازدحاما، وارتفاع مستوى الحوادث والتلوث فيها، فالمدينة، كما يقول: «يبلغ عدد السكان فيها 22 مليون نسمة، يتنقل منهم 2٫5 مليون نسمة يومياً بواسطة مترو الأنفاق، ويملك 20% منهم سيارات خاصة، وهؤلاء هم الذين يسببون المشكلة، فهم لا يستطيعون ركوب المواصلات العامة بحالتها الحالية، والحل هو تطوير النقل العام حتى يستطيع ركاب «الملاكى» الاستعانة به فى تنقلاتهم، وهذه خدمة لا يصلح أن تؤديها الدولة، إنما تنجزها شركات تعمل بنظام BOT فتربح، وتعطى جزءا من مكسبها للدولة». ويضيف «المهدى» أنه من الممكن أن توضع خطة تنظيم المرور فى 100 يوم، لكن يستغرق تنفيذها وقتاً أطول. ويقول الدكتور أسامة عقيل، أستاذ هندسة الطرق بكلية الهندسة جامعة عين شمس، إن «ما طرحه الدكتور مرسى غير علمى، ويقال فقط فى الدعاية الانتخابية، ولا يمكن تنفيذه لا على المدى الطويل أو القصير، وليس له علاقة بحل المشكلة المرورية التى تفاقمت فى الأشهر الأخيرة»، ويرى «عقيل» أن حل الأزمة يتلخص فى تشجيع الناس على اللجوء للنقل الجماعى، وهذا لن يتحقق إلا بتطوير وسائل النقل الموجودة حالياً، مثل الأتوبيسات والميكروباصات، التى يجب أن تعمل فى إطار مؤسسات، وهذا لن يحدث فى 100 يوم.[Quote_1] وانتقد «عقيل» الأفكار المطروحة فى الخطة، قائلاً إنها سوف تفاقم المشكلة، فعندما أقول لأصحاب السيارات الخاصة إننا سنقلل قيمة الترخيص فهذا يعنى إننا نشجعهم على استخدام سياراتهم، وهذا عكس المطلوب، وعندما ندفع بإشارات مرورية إلى الشوارع، فهذا لن يغير شيئا، وإنما سيظل الوضع على ما هو عليه، طالما ظلت السيارات كثيرة فى الشارع. أما الحديث عن التوعية، فيوضح «عقيل» أنها من الممكن أن تؤتى ثمارها بعد 20 عاماً، لأن الفئة التى سوف تستجيب للتوعية هم طلاب المدارس الصغار، وهؤلاء يلزمهم 15 عاما على الأقل، حتى يسمح لهم باستخدام السيارات واستخراج رخص قيادة. ويقول اللواء فؤاد عبدالعزيز رئيس الجمعية المصرية للطرق، إن تطوير المرور والقضاء على الفوضى فيه لا يكون بين يوم وليلة، إنما يتحقق بخطط طويلة المدى، ويضرب مثلاً على ذلك بأن الدولة أعدت خطة قديمة للغاية بالاشتراك مع اليابانيين الذين جاءوا إلى مصر عام 1989 حملت عنوان «خطة النقل فى القاهرة الكبرى»، جرى فيها الحديث عن ظاهرة انتظار السيارات فى الشوارع، ووضعوا حلولا حقيقية تستغرق وقتا طويلا، وتتكلف 40 مليار جنيه، وقالوا لنا كيف نوفر الأموال، عن طريق رفع ثمن البنزين 5% سنويا، جرى الاستعانة بعدد من الخبراء، وأنفقوا مبالغ كبيرة على الخطة، لكن لم ينفذ منها شىء، وعندما تولى الدكتور عصام شرف وزارة النقل حاول تنفيذها، واستعان مرة أخرى باليابانيين، لكنهم رفضوا فى البداية بسبب فقدان الثقة فى الجهات التنفيذية المصرية، وبعد مفاوضات معهم عادوا ووضعوا خطة كبيرة، قدروا لها 20 سنة للتنفيذ، ولأن الخطة لم تدخل حيز التنفيذ، وصلنا لما نحن فيه الآن من فوضى مرورية. واستشهد «عبد العزيز» بمثال آخر للتأكيد على أن أزمة المرور تحتاج مدى زمنيا طويلا للقضاء عليها، وقال إن «كوبرى أكتوبر جرى إنجازه فى 30 عاما، وحل أزمة مرورية كبيرة كان من الممكن أن تتوحش ما لم يتم إنشاء الكوبرى، وكذلك الخط الثالث لمترو الأنفاق الذى بدأ العمل فيه، منذ عام 2009، ونفذ منه ربع الخط فقط».