أبو الغيط: كيانات سياسية تاريخية تتعرض أمام أعيننا لخطر الزوال

أبو الغيط: كيانات سياسية تاريخية تتعرض أمام أعيننا لخطر الزوال
قال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط إن "هناك كيانات سياسية تاريخية تتعرض أمام أعيننا لخطر الزوال، وهناك دولٌ نشأت في فتراتٍ مُختلفة خلال القرن الماضي، واستمرت ككيانات وطنية موحدة تواجه اليوم خطر التفكك والانفجار.. الضغوط تتوالي على هذه الكيانات من الداخل والخارج في الوقت ذاته.. العقد الاجتماعي الناظم لهذه المُجتمعات مُهددٌ بالانفصام الكامل.. ولأن الكثير من الجماعات والقوى الإقليمية قد وصلت إلى هذا الاقتناع، فإن سباقاً مُتسارعاً يجري اليوم على وراثة هذه الكيانات السياسية أو الحصول على مناطق نفوذ داخلها.. لا أحد يعلم إن بدأ التفكيك.. متى ينتهي، أو عند أي حدٍ يقف.. فإذا انفصمت عُرى الدولة الوطنية التي عرفتها المنطقة العربية منذ اتفاق "سايكس بيكو" في عشرينيات القرن الماضي، فإن البديل سيكون شيئاً جديداً علينا جميعاً.. بيئة استراتيجية مُختلفة تلعب فيها الجماعات الإرهابية والميلشيات والكيانات الطائفية بل والقبائل والتحالفات المناطقية أدواراً متصاعدة".
وتابع خلال مؤتمر في لبنان، أنه "رغم تسارع هذا الاتجاه نحو التفتت والتشرذم، إلا أنه يتوجب علينا القول بأن ثمة اتجاهاً مُضاداً للإنقاذ وإطفاء الحرائق.. ويتجسد هذا الاتجاه في صحوة عربية ألمس بوادرها في تحركات تسعى للملمة الشتات والتدخل في الأزمات بهدف صيانة وحدة الدول والمجتمعات، وقد بدأت ثمار هذه التحركات في صورة محاولات مُتكررة لتسوية الأزمتين، الليبية واليمنية.. وندعو الله أن تُكلل الجهود الجارية بالتوفيق، وأن نتمكن من إيقاف مُسلسل الفوضى والتفتيت المُستمر منذ ما يربو على ستة أعوام.. إن دور الجامعة العربية في تسوية الأزمات العربية يواجه تحدياتٍ لا شك أنكم ترصدونها جميعاً.. فتحرك الجامعة مرهون بإرادة الدول الأعضاء، ذلك أنها لا تُمثل إرادة أكبر منهم، وإنما تُعد تجسيداً لإرادتهم الجماعية إن اكتملت، ولكلمتهم إن اجتمعت... والجامعة ليست مؤسسة تُعنى بالسياسة فحسب، وإنما هي بوتقة جامعة لكل مجالات العمل العربي المُشترك في الاقتصاد والثقافة وغيرها.. وهي تركز على هذه المجالات بالذات لأنها تنطوي على أمل حقيقي وتغرس ثمراً للمُستقبل.. وليس معنى هذا أن الجامعة تُغفل دورها السياسي أو تتناساه، وإنما هي تحرص على ممارسته بحساب، عارفةً ما لها وما عليها، ومن دون افتئات على رؤية الدول وقرارها السيادي.. وبحيث يوظف ثقل الجامعة المعنوي والأخلاقي والسياسي في المكان والوقت المُناسبين".
وتابع: "أما الاتجاه الثاني الذي أرصده فيتمثل في تغيراتٍ اجتماعية عميقة تجتاح المنطقة من أقصاها إلى أقصاها، ولا يُمكن لأي مُجتمع عربي أن يدعي بأنه بمنأىً عنها.. أخطر هذه التغيرات على الإطلاق هو (الطفرة الشبابية).. 60% من سكان المجتمعات العربية تقلُ أعمارهم عن 29 عاماً.. هناك قوة بشرية هائلة يتجاوز حجمها الـ100 مليون شاب عربي تقع أعمارهم بين 15 و29 عاماً.. المنطقةُ العربية من أكثر المناطق "شباباً" في العالم، ولا يُنافسها في ذلك سوى إفريقيا جنوب الصحراء.. هذا الاتجاه سوف يستمر حتى عام 2050... وهذه (الظاهرة الشبابية) – إن جاز التعبير- تصحبها أزمة عنيفة في الهوية.. فجيل الشباب الحالي هو باليقين الأكثر اتصالاً بالعالم الخارجي بواقع اتاحة وسائط الاتصال وتكنلوجيا المعلومات على نطاق واسع.. وهو جيلٌ ممزقٌ بين ما يراه على الشاشات، وما يلمسه ويعاينه في واقع الحياة.. وهو أيضاً ضحية لحالة من العجز المُزمن عن إيجاد (نموذج تنموي) أو صيغة اقتصادية ناجحة تسمح باستيعاب هذه "الإمكانية" الهائلة وتحويلها إلى طاقة نمو تدفع المُجتمعات للأمام.. إن البعض يُقدر أن المنطقة العربية في حاجة إلى نحو 60 مليون وظيفة خلال العقد القادم لاستيعاب هؤلاء الشباب، وابعاد شبح البطالة عنهم.. والرقم وحده يكشف عن حجم التحدي الذي نواجهه).