رسالة مفتوحة لوزير الثقافة «حلمى النمنم»

قناعتى هى مقولة اليونان الأقدمين الذين كانوا يرون أن الطريق لاكتساب الجنسية اليونانية هو معرفة ثقافتها! كذلك الحال بالنسبة لمصر الحضارة التى تضرب بجذورها لنحو سبعة آلاف عام! وكنت محظوظاً عندما استمعت لكلمة سيادة الوزير فى إحدى الفضائيات المصرية، كان يتحدث عن الثقافة الجماهيرية، وقال إن مصر بها نحو 588 مركزاً ثقافياً جماهيرياً وإنه ينتوى تفعيل هذه المراكز لتفتح أبوابها لكل الشباب من كافة الأعمار.

أقول ذلك وأنا عائد لتوّى من قريتى التى بها مكتبة وحيدة كان الأستاذ حلمى أول من شارك فى عمل نواتها عندما كان مسئولاً عن الهيئة العامة للكتاب، كذلك بعثت بعشرات الكتب الهيئة الإنجيلية المصرية والسيدة سميرة لوقا وأيضاً الأب الدكتور أندريه زكى رئيس الهيئة.

المكتبة موجودة منذ أكثر من ثلاث سنوات.. يشرف عليها الأستاذ عاطف عمارة، مدير ثقافة الدقهلية. ويؤسفنى أن أقول إن الهيئة ظلت لنحو عامين لا يدخلها أحد (صريخ ابن يومين)، لكن منذ عام -هكذا أخبرنى الأستاذ معوض كشك- بات الأطفال الصغار يترددون عليها للقراءة والاطلاع، لكن المؤسف أن الدواعش باتوا يترددون على المسجد الكبير فى القرية وحاولوا جذب الصغار وإثناءهم عن الذهاب إلى المكتبة.

لذا أعترف أن المعركة الآن هى بين الدواعش والتنوير الذى تمثله المكتبة التى يطالها الإهمال من كل جانب.

لهذا نرجو من السيد الوزير أن يمد المكتبة بمئات أخرى من كتب التنوير الذى نذر حياته من أجله، فكل كتاباته ومؤلفاته تسير فى هذا الاتجاه منذ سنوات.

كما نأمل أن يزور المكتبة، فزيارة واحدة له سوف تؤدى إلى اختفاء الدواعش إلى أبد الآبدين، لذلك نرجو أن يزور الوزير حلمى النمنم المكتبة فى أقرب وقت، وكان قد افتتحها الشاعر سعد عبدالرحمن عندما كان رئيساً للهيئة.. كما نرجو أن نسعد بزيارة أخرى للأستاذ صبرى سعيد، الرئيس الحالى للهيئة، وكنت قد فرغت لتوّى من قراءة آخر كتبه التنويرية حول صدمة الحضارات ضمن سلسلة كتب للشباب.

أرجو سيادة الوزير أن يعتقد أن زيارة واحدة من سيادته للمكتبة سوف تحقق أمنية غالية لكل شباب القرية.. كما ستؤدى إلى قهر الدواعش الذين يتحركون كالأفاعى أو الوطاويط فى الليل ويملأون الساحة بأفكار ظلامية نحن فى غنى عنها وتخلق عقولاً مغلقة، مصر اليوم وغداً ليست فى حاجة إليها.

سيادة الوزير حلمى النمنم.. مكتبة القرية فى حاجة إليك فلا تبخل عليها بالزيارة.

ولعلك تذكر أنى قد تحدثت إليك عن مأساة أخرى عندما التقيت بك على هامش احتفال «إبداع 5» الذى نظمه المهندس خالد عبدالعزيز، وزير الشباب والرياضة، فى مكتبة القاهرة قبل أسبوعين.

المأساة هى أننى عرفت لماذا يعزف الشباب عن ارتياد المكتبات، والسبب أن رؤساء الأقاليم، ومنهم رئيس الإقليم فى المنصورة، لا يفعل أى شىء.. ويقولون إنه لم يعد له عن الخروج على المعاش سوى عشرة أشهر، لذلك لا يريد أن يفعل أى شىء للثقافة والمثقفين.

يعنى باختصار هو يمضى الأيام طولاً وعرضاً ولا عزاء للثقافة.

تخيل يا سيادة الوزير أنه فى مناسبة النصف من شعبان بدلاً من ترك شبابنا لقمة سائغة للدواعش اتصلت به لكى يبعث لنا بفرقة من فرق الثقافة الجماهيرية فطلب حينها أن أجهّز قطاراً أقوم بتأجيره لأن الفرقة عددها لا يقل عن 25 شخصاً.

وعندما حسبنا الأجر وجدنا أنه لا يقل عن ثلاثة آلاف جنيه.

وقلت لنفسى إنه من الأفضل -وليس معنا فى القرية هذه الأموال- أن أصمت.. وعندما سألته عن العربة الأوتوبيس قال إنها عطلانة.

يا سيادة الوزير، ماذا يفعل هذا الرجل سوى إفساح المجال رحباً للدواعش وضياع شبابنا؟

ولم ينقذ الموقف سوى موظف آخر هو الأستاذ عاطف عميرة الذى بعث لنا فرقة الموسيقى العربية فى أوتوبيس الهيئة وكانت أمسية دينية رائعة عاش معها أهالى القرية وكانوا سعداء بحق لما قدمته الفرقة برئاسة المايسترو أحمد زكى؟.

يا سيادة وزير الثقافة، أنقذنا من هذا الركود الذى ندفع ثمنه ونخسر كل صباح ومساء أطفالنا، فالقائم على ثقافة الإقليم فى حالة نيام.. نيام. أنت تعمل تنويرياً فى كل اتجاه، وهو يقوم بتجفيف ينابيع الثقافة.. يرحم الله زماناً كان الريف المصرى يتدفق بأهل الثقافة من كل لون وسن.. وكلنا يعرف أن عباس العقاد من قرية تابعة لأسوان، وكذلك طه حسين من قرية الكيلو فى المنيا.

يا سيادة الوزير، حررنا من هذا الركود، وهذا المسئول الإقليمى الذى لا يريد أن يخلق تنويراً فى الثقافة الجماهيرية.

وكلى ثقة أن الصديق الكبير صبرى سعيد، رئيس هيئة قصور الثقافة، لا يرضيه هذا الموات الذى يحدث فى المنصورة والدقهلية التى يذكر التاريخ أن ريف الدقهلية كان شعلة من القوى الناعمة، فجاء رئيس الإقليم ليقضى عليه بالموت.

يا وزير الثقافة، نحن ننتظر زيارتك جداً فى الوقت الذى تريد، كذلك رئيس الهيئة، حيث يعد المخرج مسعد بخيت مسرحية يريد أن يعرضها فى حضرة ووجود الأستاذ صبرى سعيد فى منتصف رمضان.

نريد زيارة من سيادة الوزير ومن رئيس الهيئة.. الدواعش يأكلوننا ويسيطرون على الساحة الثقافية «أنقذونا.. نحن فى خطر».