خريطة طريق لإصلاح التعليم (3)
- الانتماء للوطن
- التربية الدينية
- السمع والطاعة
- الشخصية المصرية
- العملية التعليمية
- القرآن الكريم
- المنهج العلمى
- النظام التعليمى
- الوازع الدينى
- بناء الشخصية
- الانتماء للوطن
- التربية الدينية
- السمع والطاعة
- الشخصية المصرية
- العملية التعليمية
- القرآن الكريم
- المنهج العلمى
- النظام التعليمى
- الوازع الدينى
- بناء الشخصية
ذكرنا فى المقال السابق أن العملية التعليمية قبل الجامعية ينبغى أن ترمى إلى تحقيق ستة أهداف، هى: بناء الشخصية المصرية، الحفاظ على الهوية الوطنية، تأصيل المنهج العلمى فى التفكير، تنمية المواهب وتشجيع الابتكار، ترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز. وقلنا إن هذه الأهداف الستة متكاملة متساوية فيما بينها، فليس لأحدها أولوية على ما عداه منها. فلا يجوز أن يؤدى تحقيق أحدها إلى إهدار غيره من الأهداف أو الانتقاص منه.
بل إننا نعتقد أن تحقيق أحد الأهداف يمكن أن يسهم -ولو بشكل جزئى- فى تعزيز أحد أو بعض الأهداف الأخرى. وبعبارة أخرى، يمكن أن يسهم مقرر دراسى واحد فى تحقيق العديد من الأهداف. فعلى سبيل المثال، قد يعتقد البعض أن الهدف الوحيد لمادة «التربية الدينية» هو غرس القيم الروحية وتقوية الوازع الدينى لدى النشء. والواقع أن حسن اختيار موضوعات «التربية الدينية» يمكن أن يؤدى إلى تحقيق أهداف أخرى، مثل تعميق الانتماء للوطن وحب القراءة والبعد عن التقليد الأعمى و«تأصيل المنهج العلمى فى التفكير» على حد تعبير الدستور. ونعتقد أن السبيل الأول للقضاء على التطرف والتشدد هو القضاء على التقليد الأعمى لفقيه معين أو عالم دين محدد. وإذا كانت بعض الجماعات تعمد إلى غرس ثقافة التقليد الأعمى ومبدأ السمع والطاعة لدى مؤيديها، فإن مهمة النظام التعليمى الذى نريده ونبتغيه هى إرساء ثقافة التفكر والتدبر وإعمال العقل. ولعل من أبرز الموضوعات التى درسناها فى كتب أصول الفقه بالسنة الرابعة من سنوات الدراسة بكليات الحقوق هو موضوع «النهى عن التقليد». ومع ذلك، حدث فى حوار مع أحد الأصدقاء أن استشهد بمقولة سيدنا على بن أبى طالب، رضى الله عنه «لو كان الدين بالعقل لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه»، فكان ردى عليه أن هذا المثال يتعلق بالعبادات، ولا يوجد من يمارى أو يجادل فى عدد الصلوات أو فى عدد ركعات كل صلاة ولا فى وجوب صيام شهر رمضان ولا فى عدد أيام الصوم. وإذا كان العقل لا يدرك لماذا كان الصبح ركعتين والظهر أربعاً، ولكن ليس عنده ما يناقضه. فالعقل السليم لا يتنافى مع الدين الصحيح، والدين لا يتعارض مع العقل الصحيح السليم. ففى كتابه «التفكير فريضة إسلامية»، يقول الكاتب الكبير عباس العقاد إن «من مزايا القرآن الكثيرة مزية واضحة يقل فيها الخلاف بين المسلمين وغير المسلمين؛ لأنها تثبت من تلاوة الآيات ثبوتاً تؤيده أرقام الحساب ودلالات اللفظ اليسير، قبل الرجوع فى تأييدها إلى المناقشات والمذاهب التى قد تختلف فيها الآراء. وتلك الميزة هى التنويه بالعقل والتعويل عليه فى أمر العقيدة وأمر التبعة والتكليف. ففى كتب الأديان الأخرى إشارات صريحة أو مضمونة إلى العقل أو إلى التمييز، ولكنها تأتى عرضاً وغير مقصودة وقد يلمح فيها القارئ فى بعض الأحايين شيئاً من الزراية بالعقل أو التحذير منه، لأنه مزلة العقائد وباب من أبواب الدعوى والإنكار. ولكن القرآن الكريم لا يذكر العقل إلا فى مقام التعظيم والتنبيه إلى وجوب العمل به والرجوع إليه، ولا تأتى الإشارة إليه عارضة ولا مقتضبة فى سياق الآية، بل هى تأتى فى كل موضع من مواضعها مؤكدة جازمة باللفظ والدلالة، وتتكرر فى كل معرض من معارض الأمر والنهى التى يحث فيها المؤمن على تحكيم عقله أو يلام فيها المنكر على إهمال عقله وقبول الحجر عليه». وصدق الله العظيم إذ يقول فى سورة الروم، الآية 28: «كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون». ويقول فى سورة البقرة، الآية 242: «كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون». ويقول سبحانه وتعالى فى سورة يوسف، الآية 111: «لقد كان فى قصصهم عبرة لأولى الألباب». هذه الآيات هى مجرد غيض من فيض. وللحديث بقية..