«إسرائيل والأملاك اليهودية».. أوهام فى مواجهة الحكومات العربية

كتب: محمد الليثى

«إسرائيل والأملاك اليهودية».. أوهام فى مواجهة الحكومات العربية

«إسرائيل والأملاك اليهودية».. أوهام فى مواجهة الحكومات العربية

رغم أن خروج اليهود من الدول العربية وأوروبا كان بمحض إرادتهم، بدليل استمرار وجود بعض الجاليات اليهودية حتى الآن فى بعض البلدان العربية، واستمرار وجود التراث اليهودى كاملاً، واعتباره جزءاً من الحضارات، فإن دولة الاحتلال الإسرائيلى مرتدية «الثوب الدينى» ومتقمصة دور «الأخطبوط» نحو فريسته، حاولت البحث عن «التراث اليهودى» فى تلك البلدان طوال العقود الماضية، التى مثلت ما يقرب من نصف عمر الكيان الستينى، حيث سعت إسرائيل فى تحركات -سواء كانت علنية أو خفية- لحصر تراث، أو مطالبة بتعويضات عما خلفته الجاليات اليهودية فى البلدان.

{long_qoute_1}

«الكنيست» الإسرائيلى يحاول بين الحين والآخر إثارة تلك المسألة من خلال مشروعات القوانين المختلفة التى يُقدّمها بعض النواب، وكان آخرها التصويت على مشروع قانون لحصر التراث اليهودى فى الدول العربية وإيران، وهو ما أعاد إلى الأذهان المحاولات الإسرائيلية السابقة من قِبَل الحكومات من أجل تحصيل الأموال من البلاد العربية بحُجة الأملاك اليهودية.

ويقول الدكتور عاصم الدسوقى، أستاذ التاريخ الحديث: إن «المطالبات الإسرائيلية بالحصول على ما يدّعونه أملاكاً لليهود فى مصر بدأت فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فى إطار تصالحه مع إسرائيل بعد اتفاقية عام 1979»، مشيراً إلى أن الإسرائيليين انتهزوا فرصة التصالح وتطبيع العلاقات وقتها، لكن «السادات» لم يعَش، لأنه تم اغتياله بعد عامين فقط.

{long_qoute_2}

أما عن عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، فقال أستاذ التاريخ الحديث، لـ«الوطن»: إن «مبارك لم يلتفت من الأساس إلى أىٍّ من تلك المطالبات»، مضيفاً: «هذا كله يتعلق بما حدث فى عهد (عبدالناصر)، فالمسألة كانت تنظيماً اقتصادياً فى مسألة ما يتعلق بالتأميم أو الإصلاح الزراعى، ولم يكن له أى علاقة باليهود، لكن هناك حداً أقصى تم تحديده بـ200 فدان للأراضى الزراعية، وكذلك كان هناك حد أقصى للشركات، وهو ما يساوى أكثر من 100 ألف جنيه، وكان الأمر ليس حصراً على اليهود، لكنه كان على الشعب كله، وهناك يهود تركوا مصر قبل عام 1952، أثناء الحرب العالمية الثانية، خوفاً من انتصار (هتلر)، ودخوله مصر التى كانت تحت حكم الإنجليز، ويحدث لهم ما حدث من قبل».

وتابع «الدسوقى»: «ترك اليهود محلاتهم، بعد أن باعوها للمصريين، وهذا واضح فى فيلم (لعبة الست) للفنانة تحية كاريوكا عام 1943، حيث إن الخواجة (إيزاك) الذى يعمل عنده (الريحانى) قرّر بيع المحل عندما بدأ (هتلر) فى الاقتراب من مصر، ووقتها تجمّع اليهود وفكروا فى كيفية التخلص من المصير الذى يطاردهم إذا دخل (هتلر)، وباع المحل لأحد المصريين، على أن يقوم بتسديد قسط شهرى فى حسابه البنكى، حتى يصبح مالك المحل»، مضيفاً: «اتجه اليهود وقتها إلى جنوب أفريقيا، خوفاً من المصير نفسه فى أوروبا». وتساءل: «ما سبب حصرهم تلك الممتلكات أو التراث؟ فأنت لن تلغى تاريخ دولة». وأشار «الدسوقى» إلى أن كل هذه التحركات «صناعات أمريكية فى منطقة الشرق الأوسط»، مستطرداً: «هذه صناعة أمريكية مرتبطة بالربيع العربى لتفكيك الأمة العربية إلى دويلات صغيرة».

{long_qoute_3}

وعن المغرب، ففى عام 2014 خططت إسرائيل للحصول على أكثر من 30 مليار دولار ثمناً لما تعتبره ممتلكات اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل. وأفاد موقع «بديل» المغربى بأن «واشنطن» ساعدت إسرائيل فى هذا الهدف، بجعله ضمن التسوية الشاملة بين العرب وإسرائيل، حيث سيكون فرض تلك التعويضات فى مواجهة خطة عودة الفلسطينيين المهجّرين من أراضيهم.

لم تكن المرة الأولى التى تسعى فيها إسرائيل إلى التعويضات آنذاك، بل كانت إدارة الأملاك بوزارة الخارجية الإسرائيلية أعدت مشروع قانون وطرحته على الكنيست الإسرائيلى فى مارس 2012، لمطالبة مصر والمغرب والجزائر وتونس وليبيا وسوريا والعراق والسودان ولبنان والأردن والبحرين وموريتانيا، بدفع تعويضات عن أملاك 850 ألف يهودى بقيمة 300 مليار دولار، وكان نصيب المغرب آنذاك 30 مليار دولار، حسب الموقع. وفى عام 2013، كشف المؤرخ الإسرائيلى إيجال بن نون، الأستاذ بجامعة «بار إيلان»، فى بحث نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، عن أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلى «الموساد» أرسل فى الستينات خلية كبيرة، لتنفيذ أعمال إرهابية ضد اليهود أنفسهم، لاتهام السلطات المغربية بذلك، فى خطوة لجلب يهود المغرب إلى فلسطين المحتلة.

وفى عام 2014، أثار الرئيس الإسرائيلى رؤوفين ريفلين، جدلاً واسعاً بعد دعوته دولاً عربية إلى دفع تعويضات عن ممتلكات اليهود الذين وصفهم بأنه تم إجبارهم على ترك الدول.

وحسب صحيفة «التونسية»، أطلقت الحكومة الإسرائيلية ومصالح الرئاسة لدولة الكيان الصهيونى، حملة لاستعادة ما تزعم أنه «أملاك يهودية» فى تونس وعدد من الدول العربية، حيث اعتزمت وزارة شئون المتقاعدين فى الحكومة الصهيونية رفع دعاوى قضائية فى هيئات أممية، بحثاً عما تعتبر أنه «أملاك لليهود الذين هاجروا من تونس، واستعادة ملكيتها، أو طلب تعويضات مالية عنها»، وفقاً لما نشرته فى 2014. وحسب الصحيفة ذاتها، جاء ذلك بعد أن أحيت إسرائيل «الأسبوع الماضى» أول ذكرى رسمية لما تسميه يوم «خروج وطرد اليهود من الدول العربية وإيران»، حيث انتظمت مراسم وطقوس رسمية للذكرى الأولى فى ديوان الرئيس الإسرائيلى رؤوفين ريفلين، وذلك بموجب قانون جديد بهدف لفت الأنظار إلى اليهود الذين قدموا إلى إسرائيل من الدول العربية وإيران. وأعلن وقتها متحدث باسم الحكومة الصهيونية عن إنشاء دائرة خاصة للبحث عن الأملاك اليهودية واستعادتها فى ثمانى دول عربية، بينها تونس، وتتبع وزارة شئون المتقاعدين.

وفى ما يتعلق بـ«الممتلكات اليهودية» فى الجزائر، تسلمت الأمم المتحدة ملفاً من وزارة الخارجية الإسرائيلية، بما تزعم الوزارة الإسرائيلية أنه «ممتلكات يهودية فى عدد من الدول العربية من بينها الجزائر عام 2012». وذكر الموقع الإلكترونى لصحيفة «الشروق» الجزائرية، أن الخارجية الإسرائيلية تزعم فى أوراق الملف أن «865 ألف يهودى كانوا يسكنون فى الجزائر والدول العربية بين نوفمبر 1947 وحتى عام 1968، قبل أن يهاجروا إلى إسرائيل، تاركين أملاكاً تُقدر بمليارات الدولارات».

وأضافت الصحيفة أن «وزارة الخارجية الإسرائيلية أعدت خطة من مرحلتين لاستعادة أملاك اليهود فى الدول العربية.

 

أحد الشوارع المتفرعة من حارة اليهود


مواضيع متعلقة