ساعة لقلبك مع يوسف عوف.. "مين يضحك لك وتكشر له"

كتب: سعيد محمود

ساعة لقلبك مع يوسف عوف.. "مين يضحك لك وتكشر له"

ساعة لقلبك مع يوسف عوف.. "مين يضحك لك وتكشر له"

"الأمر أمر الله يا سيدنا.. ألف رحمة ونور عليه.. ده شيء مقدر ما هو بإيدنا.. ليه بقى راح تبكي ليه"، بهذه الكلمات تغنت فرقة الدراويش الساخرة ناعية محسن فخر الدين الذي ادعى وفاته في فيلم "حماتي ملاك"، لتلقين زوجته آمال فريد، وحماته ماري منيب درسا على سوء معاملتهما له، قبل أن يعاني الأمرين من تلك الخدعة، بعد وقوعه في براثن الحانوتي "الغشيم" إسماعيل يا سين، وصبيه "المفجوع" حسن أتلة.

بـ"جاكيت" أسود وعمة مع مفرش سفرة فوق البنطال، قاد الفنان يوسف عوف، المجموعة أثناء الأغنية، في مشهد كوميدي، وهو يقول "أحزنتنا وفاته.. ليه ما كانتش حماته.. 200 خسارة على اللي ذهب.. شباب وصحة وحتا باتا كاتو"، لكن الكثير لا يعلم أن ذلك الرجل هو مؤلف كلمات تلك الأغنية الساخرة، ويعد واحد من أشهر كتاب الكوميديا في مصر، إنه الكاتب الراحل يوسف عوف المولود في الثامن والعشرين من يناير سنة 1930.

"مين تضحك له ويكشر لك.. ساعة لقلبك".. تلك هي كلمات مقدمة البرنامج الإذاعي الشهير الذي اشتهر اسم يوسف معه عام 1953، وهو البرنامج الكوميدي "ساعة لقلبك" الذي كان يستمع إليه الجميع عبر أثير الراديو وقتها، وقدم الكثير من نجوم الكوميديا، فمن ينسى عبدالمنعم مدبولي صاحب مدرسة "المدبوليزم"، وأستاذ الكوميديا فؤاد المهندس، وأمين الهنيدي، وخيرية أحمد، وأبو لمعة، وغيرهم من الفنانين، ورغم مشاركة أسماء أخرى في كتابة البرنامج الكوميدي، ارتبط اسم يوسف عوف بـ"ساعة لقلبك"، كونه أنشأ فرقة مسرحية حملت نفس الاسم.

كما ارتبط يوسف عوف بالفنانة الكوميدية خيرية أحمد إحدى بطلات "ساعة لقلبك" والتي اشتهرت بأداء دور الزوجة المملة صاحبة الجملة الشهيرة "محمووووووووود.. إنت جيت يا حبيبي"، وتزوجا بعد توقف البرنامج عام 1962.

قدم عوف، الكثير من الأعمال الإذاعية الساخرة، منها حلقات "مش معقول" عام 1984، والتي كانت تناقش مشكلات المجتمع المصري بشكل نقدي لاذع، وقام ببطولته حسن عابدين وخيرية أحمد ويحيى الفخراني وعبدالرحمن أبو زهرة وإنعام سالوسة.

"يا صم صم يا ثانوية.. يا عامية يا أم العقل أصم".. بهذه الكلمات غنى المطرب -الشاب وقتها- عمرو دياب، من كلمات شوقي حجاب وألحان هاني شنودة، تتر السهرة التليفزيونية التي حملت اسم "مش معقول.. سهرة مع الثانوية العامة" معبرا عن معاناة طلاب الثانوية التي لم تنتهي حتى وقتنا هذا، وهو ما تناوله يوسف عوف في أحداث العمل الذي قام ببطولته حسن عابدين وخيرية أحمد.

نتيجة للنقد الشديد الذي قدمه يوسف عوف، توقف برنامج "مش معقول"، قبل أن يعود في نسخة جديدة بطولة حسن عابدين وخيرية أحمد أيضا، وهي حلقات "عجبي" التي تحدثت عن العديد من الأمور التي كانت تشغل الرأي العام المصري، فها هو المواطن المصري حسونة يحاول المساهمة في سداد ديون مصر فيتم ترحليه إلى مستشفى الأمراض العقلية.

قدم عوف للمسرح العديد من الأعمال الكوميدية، فهو مؤلف العمل المسرحي "هاللو شلبي"، الذي ضم العديد من نجوم الفن على رأسهم عبدالمنعم مدبولي وسعيد صالح، وفيها ظهر نجمان شقا طريقهما بعد ذلك نحو الناجح وهما أحمد زكي ومحمد صبحي، كما قدم مسرحية "حواديت" مع ثلاثي أضواء المسرح، و"كنت فين يا علي" مع نور الشريف ومحمد عوض وبوسي، و"راقصة قطاع عام" مع يحيى الفخراني وسماح أنور.

كان للشاشة الصغير نصيبا كبيرا من أعمال يوسف عوف، فقدم من خلالها أعمالا لا تقل قيمة عن ما قدمه للمسرح والراديو، تحدثت جميعها عن مشكلات المجتمع أيضا بأسلوب عوف الساخر ونقده اللاذع الذي تميز به، ومن أشهر تلك الأعمال، مسلسل "ساكن قصادي"، ذلك العمل الفني الذي لا يعلم الكثير أن الإذاعة المصرية قدمته في البداية باسم "صباح الخير يا جاري"، وأدى بطولته محمود مرسي في دور "كمال الحمراوي"، وحسن مصطفى في دور "سيد الخضراوي"، بينما قدمت خيرية أحمد دور "أنيسة" زوجة سيد، وجسدت سناء جميل دور "سلوى" زوجة كمال.

بعد نجاح العمل الإذاعي، تم تحويله لمسلسل تليفزيوني قصير حمل نفس الاسم، وقام فيه بدور "كمال" الفنان عمر الحريري، بينما قدم محمد رضا دور "سيد" الذي تحول من "الخضراوي" في الإذاعة إلى "الأخضر" في الحلقات التليفزيونية، قبل أن يتم تقديم المسلسل مرة أخرى في جزئين تحت اسم "ساكن قصادي".

قدم يوسف عوف للسينما أيضا العديد من الأعمال، منها على سبيل المثال: "عالم عيال عيال"، و"اللي ضحك على الشياطين"، و"أذكياء لكن أغبياء"، و"المشاغبون في الجيش"، ليرحل الكاتب الساخر عن عالمنا في الثامن والعشرين من أبريل سنة 1999 تاركا خلفه تراثا فنيا رسم البهجة على وجوه الكثير، ولن نبالغ إن قلنا في رثائه ما قاله هو نفسه ذات يوم "الأمر أمر الله يا سيدنا.. ألف رحمة ونور عليه.. ده شيء مقدر ما هو بإيدنا.. ليه بقى راح تبكي ليه".


مواضيع متعلقة