ازدراء العقل فى مصر.. بين الكذب والنفاق لا توجد حقيقة
- أكثر الدول
- أكذوبة كبرى
- ارتداء الحجاب
- الحج والعمرة
- العنف والتطرف
- المجتمع المصرى
- المستوى الثقافى
- تجديد الخطاب الدينى
- أبواب
- أحدث
- أكثر الدول
- أكذوبة كبرى
- ارتداء الحجاب
- الحج والعمرة
- العنف والتطرف
- المجتمع المصرى
- المستوى الثقافى
- تجديد الخطاب الدينى
- أبواب
- أحدث
نحن مجتمع فى غيبوبة، أفضل ما ننتجه إما كذب أو نفاق أو سخرية، مع سيولة كبرى فى العنف والفوضى، ونعيش أشباه الأشياء، وتحول المجتمع إلى فترينات ضخمة لعرض جميع أنواع وأشكال الأكاذيب، لقد أصبحنا فى حالة إدمان للمزايدة بالأخلاق والفضيلة، فالأخلاق أصبحت قناعاً نرتديه كلما اقتضت الحاجة، سواء كانت هذه الحاجة مزايدة أو سخرية أو أفضل الأحوال مجرد كلمات لا قيمة ولا تأثير لها، من أشهر الأكاذيب التى نرددها أننا شعب متدين بطبعه بينما هذا التدين اختلت معاييره وأصبح شكليات ومظاهر والأدق أننا شعب مدعٍ بل وطاعن فى الادعاء، نحن الدولة الثانية فى التحرش بعد أفغانستان، ونحن أيضاً أكثر الدول إنفاقاً على رحلات الحج والعمرة والجلسات والدروس الدينية، ونطلق بسخاء ألقاباً كاذبة على من لا يستحق، خاصة من نلقبهم رجل علم أو رجل دين وأغلب من نمجدهم بينهم وبين الدين حجاب غليظ، مظاهر كثيرة تؤكد حالة الادعاء التى نظنها تديناً، فكثير من النساء يرتدين الحجاب كذباً أو نفاقاً لأن المجتمع يحكم على المرأة من خلال ما ترتديه، ونختصر الأخلاق فى زى أو غطاء للرأس، ولهذا فإننا نرى عجائب وطرائف وتحايلاً والتفافاً فى ارتداء الحجاب بما ينزع عنه كل القيم ونكتفى بمظهر شكلى، وفى هذا الإطار توجد أكاذيب كبرى، منها أننا مجتمع وسطى بينما الوسطية انتحرت وتركتنا نعانى من شتى أنواع ومظاهر التطرف، وعلينا أن نواجه أنفسنا لماذا غادرتنا الطيبة والسماحة والرقى واستبدلناها بالعنف والتطرف والسلوكيات الرديئة، لقد أصبحنا مجتمعاً فى غاية العنصرية مع إصرار كامل على التمييز أياً كان شكل هذا التمييز، دينياً أو طبقياً، وإذا كان التطرف كما يعرفه علماء الاجتماع ثلاثة أنواع: معرفى وانفعالى وسلوكى، فغياب المعرفة كانت نتيجته التطرف الانفعالى والسلوكى والمعرفى، نحن بيننا وبين التفكير والفكر الصحيح عداوة، شعار تجديد الخطاب الدينى أكذوبة كبرى فالمجتمع لا يمتلك مناعة التفكير ولا رغبة فى المعرفة فقد ارتضى بجهله ورضى عنه وقُضى الأمر، الحكومة والإعلام فى حالة نفاق دائم مع الشعب والنفاق أعلى درجات الكذب، التظاهر الاجتماعى والمنظرة والتباهى أصبحت إحدى علامات الكذب الكبرى، فكل طبقة فى المجتمع تريد الانتساب إلى الطبقات العليا، فالطبقات التى تشتكى كد المعيشة وصعوبتها تتظاهر بأحدث أنواع الموبايل، وفى الطبقات العليا هناك حالة استعلاء ومفاخرة وأشكال من المظاهر تؤكد أننا مجتمع فقد اتزانه ووضع القيم الحقيقية تحت قدميه ووضع قيمة المادة فوق رأسه مع الحرص على إظهار حجم ثروته من أبسط الأمور إلى أكبرها، وكأن القيمة الحقيقية للبشر أصبحت ما يمتلكه من مال، وبعض أصحاب الثروات لا يكتفى بالمال ولكن يبحث عن النفوذ لمزيد من التضخم فى ثروته، المظاهر الاجتماعية التى أدمناها أصبحت وكأنها طوفان جارف يبتلع الجميع إلا قليلاً، ولا يحتاج أى عقل موضوعى لبذل مجهود كبير ليدرك كم أصبح المجتمع المصرى يعانى من الكذب والنفاق والادعاء، وأن اتجاه العقل الجمعى لتصديق الأكاذيب والثقة بالعقل الرجعى الذى لا يفكر ويتصرف وفقاً لغرائزه هو السائد، وبالتالى فالسلوك الراقى والإنسانية وفضائل الأخلاق من شرف وعلم واحترام وقبول الآخر وتذوق الجمال والإحساس بالفئات الأضعف وبناء عدالة اجتماعية بنوعية مساندة ودعم مختلفة عما هو سائد دون استعراض أو مباهاة أو تظاهر، وللأسف كل هذه الأخلاقيات أصبحت قيماً منقرضة، إننا فى احتياج شديد لثورة اجتماعية نواجه بها أنفسنا ونعيد ترتيب نفسية الفرد والمجتمع ونخرج من نفق الغيبوبة المظلم وننفض ركام نفايات الجهل الذى سد علينا منافذ التنوير والتقدم وأصبحنا مجتمعاً انفعالياً وأنانياً وعقله فى أذنيه واعتادت عيونه القبح والكذب والنفاق، ولا ترى فيه نقيصة وفقدان التذوق والجمال يجعل البشر غير مبدعة وعدائية لا تملك تجويداً أو ابتكاراً، والمؤسف أن السلوكيات والأخلاقيات الرديئة أصبحت عادة وأصبحت القيم النبيلة وجهات نظر وبالتالى فرضت الطبقات الأقل فى التعليم والوعى والمستوى الثقافى والترتيب الاجتماعى والاقتصادى ذوقها على الطبقات المصنفة راقية، فمتى ننزع رداء الأكاذيب الملونة والملعونة والمدمرة؟ ومتى نكتفى بهذا القدر من سياسة الأبواب المواربة وعدم القدرة على الحسم والمواجهة واعتماد أهل الثقة بديلاً للكفاءة؟ متى تنتهى حالة الإنكار الكامل للغيبوبة التى أصبحنا عليها؟ ومتى نعتمد العلم والوعى حلاً والإنسانية والرقى مسلكاً؟ ومتى نتوقف عن ازدراء العقل؟