الإمام الأكبر والخروج من الأزمة!

أحمد رفعت

أحمد رفعت

كاتب صحفي

قبل أن تتهم صاحب المقال اقرأ أولاً سطوره.. فكأن النسيان وباء يضرب الناس هنا وهناك حتى باتت ذاكرات البعض ضعيفة تلقى ما فيها كذاكرات أجهزة الكمبيوتر فلا يعد فيها شىء! وكأن وباء النسيان تسلط على نقطة محددة فى الدماغ، فمحا منها عند الكثيرين بيننا تاريخ ديننا وسيرة نبينا عليه الصلاة والسلام وخلفائه رضى الله عنهم! وكأن التاريخ القريب جداً كتاريخ أمم أخرى.. لشعوب أخرى.. لم نعاصره ولم نره ولم نعشه من الأساس! فكأننا لم نعرف كيف كان الرسول عليه الصلاة والسلام رفيقاً بمن أساء الأدب معه، بل وأمر عمر بن الخطاب بالرفق به.. وكأن أبابكر الصديق الذى شملته إشارات وحى السماء بأنه «ثانى اثنين إذ هما فى الغار» ومن شرفه الله فكان أول من أسلم من الرجال، وكان وكيل الحبيب فى الصلاة بالناس كأنه لم يقل بعد بيعته «أما بعد أيها الناس فإنى قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينونى وإن أسأت فقومونى»! وكأن عمر بن الخطاب الذى اعتقدت بعض الكتابات الغربية أنه أسطورة عربية من خيال المسلمين من فرط الإعجاب بسيرته، وهو الذى قال عنه الحبيب «لو كان نبى بعدى لكان عمر»، الفاروق الذى فرق به الله بين الحق والباطل، والذى قال عنه الحبيب أيضاً «إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه»، ولكن كأن عمر لم يتواضع ويقول «أخطأ عمر وأصابت امرأة» ولم يستنكف أن يفعل ذلك أمام الناس وعلى منبر مسجد الإسلام الأول.. ولم يقل إن المرأة التى اعترضت على كلامه تهز صورة الإسلام ولا تستهدف المسلمين ولا ترغب بذلك إلى الانتقاص من الخلافة الإسلامية ولا من الخليفة ولم تذهب ظنون أمير المؤمنين وتجىء، ولم يخلط واحد من كل السابقين بين ذاته وبين الإسلام ولا بين شخصه وما لهم من مكانة لدينا جميعاً وبين الدين ولا بينهم وبين الدعوة ولا بينهم وبين عموم المسلمين! وحديثاً.. «يكنسل» البعض عمداً أو تهريجاً من ذاكرته الفيديو الشهير للشيخ عباس شومان، يدعو لرئيس الإخوان ودولة الإخوان فى بيت من بيوت الله (مسجد الشربتلى)، ويقول عن مرسى إن له «الحق فى أن يفصل فى القضايا كما فعل الخلفاء الراشدون فإن لم يحسن ذلك بنفسه لأعباء الحكم جاز له أن يفوض غيره وأن يراقبهم ويحاسبهم»، أى إن مرسى بعد إعلانه الدستورى هو القضاء فإن لم يستطع جاز له أن يراقب القضاة أيضاً!! ويرفض ذلك عامة المصلين وينهرونه فينهرهم ولم يقتد بأمير المؤمنين ولم يتأس به! ولأن الذاكرة ضعيفة، ذاكرة البعض وليس ذاكرة التاريخ، فقد نسوا أو تناسوا بيان الشيخ حسن الشبراوى عن 30 يونيو وعن اعتصام رابعة وعن هجومه على ثورة الشعب وعن هجومه على حصار الاعتصام! ولأن الذاكرة ضعيفة فقد نسى البعض أو تناسى بيان الدكتور محمد عمارة عقب 30 يونيو، وكيف وصفها وبماذا وصف أصحابها وكيف أنها «انقلاب عسكرى»، وعلى «الإسلام نفسه»، بل إن الدكتور عمارة نفسه يستهجن مطالب البعض له بإصدار بيان، حيث يبدأ بيانه بقوله «كنت أحسب أن مواقفنا لا تحتاج إلى بيان وأنها واضحة للكافة»! عمارة يصف 30 يونيو، التى خرج فيها الشعب المصرى كله، بالعمل القمعى الإقصائى الذى ضرب الدستور والقانون وعزل الشعب كله سياسياً، بل هو فى الأصل انقلاب على الهوية الإسلامية كلها، أما ما كتبه محمد عمارة فى مجلة الأزهر عن المسيحية وعن المسيحيين، أيوة والله فى مجلة الأزهر وليس فى مجلة الإخوان، فلا داعى لإعادة نشره، لكن يتذكر الناس ممن لم يزالوا يمتلكون ذاكرة نشطة ما جرى من ضجة وقتها وغضب عارم من المسلمين قبل غيرهم! هل تعلم قارئنا العزيز أن الشيخ الأول هو وكيل الأزهر؟ وأن الشيخ الثانى هو مستشار الأزهر؟ وأن الدكتور الثالث كان رئيساً لتحرير مجلة الأزهر وأنه أُجبر على الاستقالة بعد عامين كاملين من 30 يونيو وتحت ضغط وإلحاح كبيرين، وأنه قد رفع اسمه من رئاسة تحرير المجلة ليوضع على هيئة تحريرها؟ وهل تعلم عزيزنا القارئ أن كل الوقائع الثابتة موجودة صوتاً وصورة على شبكة المعلومات الدولية وقد حفظها موقع يوتيوب للأبد؟! طيب.. هل تعلم أن كل من ذكروا ذلك واختلفوا مع أصحابه تمت جرجرة أغلبهم للمحاكم؟ بدلاً من العكس ومحاسبة هؤلاء تمت محاسبة من انتقدوهم؟ هل تعرف لماذا نقول ذلك؟ نقوله لأن زميلنا العزيز الكاتب الصحفى عامر محمود نشر بجريدة فيتو «خطة أخونة الأزهر» وهى مشفوعة بالأسماء والتواريخ ولم يتم الرد عليه حتى اللحظة وربما تنتظره المحاكم فى أى لحظة، وهل تعلم عزيزى القارئ أن الدكتور عبدالغنى هندى الأستاذ بالأزهر وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية قال على الهواء وعلى شاشة «صدى البلد» إن مرسى أثناء فترة هيمنة الإخوان عين فى جامعة الأزهر ما يقرب من 6300 معيد، منهم ما يقرب من 4 آلاف إخوانى؟ ليس هذا مهماً إنما المهم أنه لم يتم التحقيق فى كلام الدكتور هندى حتى اللحظة؟ ولا حتى على سبيل النفى؟ أو حتى على سبيل التكذيب وطمأنة الناس؟ يكفى بيان صغير سيحسب باليقين للأزهر يقول إن الأزهر طلب من الدكتور هندى تقديم ما لديه من معلومات لمناقشتها والتحقيق فيها! ولم يحدث.. وطبعاً دعكم مما نشرته «فيتو» فطبعاً ستتوالى الاتهامات بالتربص والمؤامرة على الأزهر لكن حتى «خلونا» فيما قاله عضو بالأعلى للشئون الإسلامية!

السؤال: هل من يطلب استبعاد هؤلاء من الأزهر يكون متآمراً عليه؟ هل من يطلب التحقيق العاجل فى معلومات خطيرة تمت حتى فى عهد سابق ولا دخل للأزهر نفسه فيها، فقد تمت فى وقت اُعتدى فيه على كل مؤسسات مصر بما فيها القضاء العظيم.. نقول.. هل من يطالب بالتحقيق فى ذلك يكون متآمراً على الأزهر؟ ويريد هدمه؟ فكيف يكون إنقاذه إذاً؟ وكيف يكون تحذير الإمام الأكبر وتنبيهه؟ بل كيف تكون النصيحة التى هى لله ولرسوله ولعامة المسلمين؟ بل كيف يكون تغيير المنكر إن لم يكن بالإشارة إليه؟ وكيف يكون «المؤمن مرآة أخيه» كما جاء فى الحديث الشريف، إن كان كل ناصح متآمراً وكل نصيحة مؤامرة؟ عند الإمام الأكبر الحل والحسم والإجراءات ذكرناها سابقاً.. إما أن يقول الناس ويقولوا ولا مجيب فهو ما لا نقبله لا على فضيلة الإمام ولا على أزهرنا الشريف.

اللهم بلغت.. اللهم فاشهد