قبل أزمة "شينخوا".. أخطاء إعلامية سببت أزمات دولية أبرزها "حرب صليبية"

كتب: دينا عبدالخالق

قبل أزمة "شينخوا".. أخطاء إعلامية سببت أزمات دولية أبرزها "حرب صليبية"

قبل أزمة "شينخوا".. أخطاء إعلامية سببت أزمات دولية أبرزها "حرب صليبية"

قد تتسبب الترجمة من لغة إلى أخرى، والنقل غير الصحيح للمعاني، إلى فهم خطأ ومشكلات كبرى بين الدول، بخاصة إن كانت في أمور شديدة الدقة، وهو الخطأ الذي وقعت فيه وكالة أنباء "شينخوا" الصينية الرسمية، أمس، والذي كان من الممكن أن يؤدي إلى اندلاع حرب عالمية.

وذكرت الوكالة، أن كوريا الشمالية أطلقت صاروخا في أثناء احتفالاتها بيوم الشمس، في حين كانت تقصد أن بيونج يانج "استعرضت" الصاروخ فقط، ومع التوتر المتصاعد بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة مؤخرا، والتهديدات المتبادلة بين البلدين بإمكانية شن هجمات، كاد العنوان أن يحفز على اندلاع حرب، وسرعان ما تداركت الوكالة الصينية خطأها وأصلحته، وتبعها في ذلك وسائل الإعلام الأمريكية بما فيها "بلومبرج"، بحسب ما أورده موقع "سكاي نيوز" الإخباري، الذي وصف الخطأ بأنه "كاد يشعل حربا عالمية ثالثة".

لم تكن تلك هي المرة الأولى التي تتسبب فيها وسائل الإعلام في أزمات، فكان للترجمة أيضا نفس الأمر، ففي أثناء الحرب الباردة، ألقى نيكيتا خروتشوف رئيس الاتحاد السوفيتي السابق، خطابا، ذكر فيه عبارة موجهة للولايات المتحدة، وتُرجمت من اللغة الروسية على أنها "سوف ندفنكم"، واعتبرته أمريكا "تهديدا خطيرا" بشن هجوم نووي ضد الولايات المتحدة.

وتسببت الترجمة في تصعيد التوتر بين الدولتين، بينما كانت الترجمة الأقرب هي "سوف نعيش لنرى نهايتكم" أو "سوف نشهد نهاية دولتكم"، ومع أن الترجمة الصحيحة، لم تكن ودودة أيضا، إلا انها لا تحمل أي معنى للتهديد بهجوم نووي، وفقا لما أورده موقع "بي بي سي".

وهو الأمر نفسه الذي تكرر في العام 1977، خلال زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، إلى بولندا، حيث ألقى خطابا أثار جدلا تاريخيا ضخما، أظهرته الترجمة وكأنه يبدي رغبة جنسية تجاه شعب بولندا التي كانت شيوعية آنذاك، فيما كان يقول إنه يرغب في أن يعرف المزيد عن "رغبات البولنديين في المستقبل"، وفي الخطاب نفسه، أوضح كارتر أنه "غادر الولايات المتحدة هذا الصباح"، إلا أنه تُرجم إلى "غادرت الولايات المتحدة ولن أعود أبدا"، حسبما قالت مجلة "تايم".

كان للترجمات حضورا بالغا في الأخطاء التي سببت كوارث بين الدول، فمن بين أشهر تلك الوقائع، الخطأ الذي أدى إلى توتر في المفاوضات بين باريس وواشنطن في العام 1830، نتيجة الترجمة الخاطئة للكلمة الفرنسية التي تعني "يسأل"، وترجمتها إلى البيت الأبيض بدأت بجملة "الحكومة الفرنسية تسأل" على أنها "الحكومة الفرنسية تطلب"، فما كان من الرئيس الأمريكي إلا أن تعامل مع الرسالة على أنها تحتوي قائمة من المطالب، لكن الجانبين استأنفا المفاوضات بعد تصحيح الخطأ.

وبعد 10 أعوام، وتحديدا في العام 1840، تكررت الواقعة، حيث عقدت الحكومة البريطانية معاهدة مع زعماء الماوري، وهم السكان الأصليون في نيوزيلندا، وأرادوا من بريطانيا توفير الحماية لهم من المحاربين والبحارة والتجار الذين كانوا يمارسون أعمال شغب وسلب في قراهم، وكان البريطانيون يريدون توسيع ممتلكاتهم الاستعمارية، لذا تم إبرام معاهدة "وايتاني"، ووقع الجانبان عليها، لكن نسختي المعاهدة كانتا مختلفتين، ففي النسخة الإنجليزية، تعهد "الماوري" بالتنازل لملكة بريطانيا عن حقوق "السيادة" دون تحفظ، وفي النسخة التي كتبت بلغة "الماوري"، لم يكن فيها جزء التخلي عن السيادة، لكن التنازل عن بعض سلطات الحكم، وظن "الماوري" أنهم يؤسسون لنظام قضائي، دون المساس بحقوقهم في حكم أنفسهم بأنفسهم، لكن ليس هذا ما حدث، فالبلاد الآن تتبع نظاما ملكيا دستوريا، وتعد الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا، هي قائدة الدولة، وتدعى ملكة نيوزيلندا بموجب قانون الألقاب الملكي، ومن ثم نشبت نزاعات بينهم، واعتبر الماوريون أن "الاتفاقية مزورة".

وقبل إعلان رغبتها في الحصول على الطاقة النووية بفترة طويلة، نقلت قناة "سي إن إن" عن الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد، قوله: "لإيران الحق في صنع سلاح نووي"، بينما كانت العبارة "لإيران الحق في الطاقة النووية"، وسرعان ما اعتذرت القناة عن الخطأ، الذي كاد يؤدي إلى كارثة حقيقة آنذاك.

وكان للأمم المتحدة نصيب من الأخطاء، فمن بين أشهر أخطاء الترجمة، ما حدث مع قرار مجلس الأمن رقم 242، الذي يقضي بانسحاب إسرائيل from occupied arab lands، من الأراضي التي احتلتها في العام 1967، وعند ترجمة القرار الى اللغة العربية، كُتب: "انسحاب إسرائيل من أراض محتلة منذ العام 1967"، حيث تسببت الأداة التعريفية في اختلاف ضخم بين الجملتين، ولم يتم تغييرها في ذلك الوقت، ما أدى إلى جدل دولي ضخم بشأن تنفيذ القرار، برد بعض الأراضي المحتلة، وليس جميعها.

وفي أعقاب حادث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية، تُرجمت عبارة للرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش: "لا بد من محاربة الإرهابيين"، إلى أنه ينتوي شن غزوة صليبية ضد المسلمين، لكنه تدارك هذا الخطأ واعتذر عنه، وقال إن المترجم نقل عنه خطأ، في حين أنه قصد توصيل معنى آخر، وهو محاربة الإرهابيين، وليس المقصود معاداة الشعوب الإسلامية".


مواضيع متعلقة