خبراء: «استراتيجية السيارات» كارثة ولن تحقق أهدافها

كتب: ياسر شعبان

خبراء: «استراتيجية السيارات» كارثة ولن تحقق أهدافها

خبراء: «استراتيجية السيارات» كارثة ولن تحقق أهدافها

حالة من الجدل يشهدها قطاع السيارات منذ فترة بسبب طرح قانون صناعة وتنمية المركبات «استراتيجية السيارات» على الجهات المعنية، حتى وصلت البرلمان المصرى لمناقشتها وإقرارها أو رفضها، وتباينت الآراء ما بين مؤيد ومعارض حتى أطلق عليها البعض استراتيجية المصالح لوجود بعض البنود التى تم وضعها لتناسب بعض الشركات والمصانع القائمة حالياً.

«الوطن» ستعرض وجهات النظر المختلفة للوصول إلى استراتيجية تتوافق عليها كل الأطراف لتصب فى النهاية لصالح الدولة والمستهلك والمستثمر، وعن الاستراتيجية التى تم طرحها، وهل هى الأنسب لقطاع السيارات فى مصر، قال عدد من الخبراء ومسئولى التوكيلات الكبرى فى مصر إن تطبيق الاستراتيجية بشكلها الحالى يعد كارثة على قطاع السيارات ولن تحقق أهدافها بل بالعكس سيكون لها مردود سلبى على القطاع والمستهلك.

{long_qoute_1}

وقال اللواء مهندس حسين مصطفى، المدير التنفيذى لرابطة مصنعى السيارات، إنه إذا تم إقرار استراتيجية صناعة السيارات بشكلها الحالى فإنها ستؤدى إلى زيادة الأسعار على سيارات الركوب بنسب تتراوح بين 35% إلى 135%، ما يؤدى إلى زيادة الأسعار وهو على عكس أهداف الاستراتيجية تماماً، مضيفاً أن حافز التصنيع المحلى ستستفيد منه ثلاثة مصانع فقط تعمل فى مصر، وهو ما يؤدى إلى إيقاف باقى المصانع التى تنتج كميات قليلة وأيضاً خروج من يستورد سيارته من المنافسة وستظهر معه الممارسات الاحتكارية لموديلات المصانع التى تحصل على الحافز الذى يصل إلى 30%، وهنا لا يجد المستهلك التنوع فى اختيار سيارته بل سيجبر على اختيار أحد الموديلات التى تنتج محلياً بمواصفات معينة لفارق السعر الكبير بين المنتج محلياً والمستورد.

وأشار «مصطفى» إلى أن من حق المستهلك أن يجد موديلات سيارات متعددة يفاضل بينها بحيث لا يفرض على المستهلك ممارسات احتكارية، كما أن المواطن من حقه الحصول على سيارة رخيصة الثمن، وأكد «مصطفى» أن المصانع المصرية ليست لديها القدرة على التصدير، خاصة فى سيارات الركوب لعدم تحقيقها المواصفات القياسية، خاصة مواصفات الأمان التى تقبلها الدولة التى ترغب فى الاستيراد فى مصر، لافتاً إلى أن تصنيع وتصدير سيارات الركوب من مصر يجب أن توافق عليه الشركة الأم وتدرس مدى الجدوى الاقتصادية التى ستعود على العلامة، وهو أمر يصعب حدوثه بسبب جودة ومواصفات المنتج.

من ناحية أخرى، قال طارق عبداللطيف، مدير عام شركة أوتو جميل وكلاء فورد ودايهاتسو فى مصر، إنه مع وجود استراتيجية لصناعة السيارات فى مصر ولكن يجب أن تكون عادلة لتصب فى صالح المستهلك والدولة والمستثمر، وأن بنود الاستراتيجية المطروحة حالياً تتوافق مع ثلاثة مصانع فقط فى مصر هى التى لديها القدرة على تحقيق شرط الإنتاج الكمى للحصول على الحافز، ما يخلق لهم وضعاً مميزاً فى السوق، فيما ستضطر المصانع الأخرى للإغلاق وسيتوقف معها الوكلاء عن استيراد السيارات سواء الأوروبى أو غيره لخروجهم من المنافسة، وبالتالى ستختل معه حسابياً حصيلة صندوق تنمية الصناعة، التى تعول عليها الاستراتيجية دعمها للصناعة المحلية من تحصيل ضريبة 30% لصالح الصندوق وهو الذى لا يحقق هدف دعم الصناعة من خلال الاستراتيجية.

{long_qoute_2}

وطالب «عبداللطيف» الحكومة بالاهتمام بتعميق صناعة المكونات أولاً ودعمها لأن التكنولوجيا فى المكونات وليست فى التجميع أو الكم، فضلاً عن أن الاستثمار فى المكونات يعد أفضل استثمار وتكلفته أقل وأسهل بكثير من الاستثمار فى عملية التجميع مع إمكانية إنشاء أكثر من مصنع على مستوى الجمهورية وتشغيل عمالة من الجنسين، على عكس مصانع التجميع التى تشترط مستثمراً ضخماً وتكون فى منطقة واحدة وتشترط تشغيل عمالة من الذكور.{left_qoute_2}

وأضاف أن الاستراتيجية لا يوجد بها ما يشجع على التصدير، مطالباً بتطبيق المعايير العالمية فى طريقة حساب نسبة المكون المحلى، حيث ما زالت طريقة حساب نسب المكون المحلى لا يوجد لها مقياس حقيقى فى مصر يتوافق مع معايير الحساب العالمية للمكون المحلى، مشيراً إلى أن حوافز الإنتاج يجب أن تطبق على المكونات لزيادة جودتها لكى تصبح منافساً فى الأسواق العالمية، مؤكداً أن أهداف الاستراتيجية من الصعب تحقيقها لاستحالة تنفيذ بنودها، خاصة فى نسب المكون المحلى أو الإنتاج الكمى أو التصدير.

وقال كريم نجار، صاحب توكيلات العلامات فولكس فاجن وأودى وسيات وسكودا فى مصر، إنه ليس ضد وجود استراتيجية لصناعة السيارات فى مصر بل بالعكس مهتمون بهذا الأمر لأن لدينا خططاً مستقبلية واعدة فى السوق المصرية، ولكن نحن نرفض الاستراتيجية المطروحة حالياً بشكل كامل لوجود بنود تم تفصيلها لأشخاص بعينها سينتج عنها احتكار تجارة وصناعة السيارات لهؤلاء الأشخاص ويمنع المنافسة ويدمر القطاع بأكمله.

وأوضح أن الاستراتيجية بوضعها الحالى سوف تزيد الضرائب على سيارات الركوب بنسب تتراوح بين 35% و135%، بينما يتم إعفاء المُصنع المحلى فى حال تحقيقه بعض الشروط المتعلقة بالإنتاج الكمى أو بالتصدير، وأشار إلى أن وضع جمارك أو ضرائب على السيارات الأوروبية المنشأ يهدد اتفاقية الشراكة الأوروبية، التى بمقتضاها ستصبح الجمارك على السيارات صفراً فى يناير 2019، لافتاً إلى أن السيارات المستوردة من أوروبا تمثل جزءاً بسيطاً بالمقارنة بباقى المنتجات التى يتم تصديرها من مصر إلى أوروبا، خاصة فى المنتجات الزراعية، فبتطبيق بند وضع جمارك على كافة السيارات المستوردة سيعد خرقاً للاتفاقية وسيجلب لمصر خسائر عديدة أكثر من فائدة وضع جمارك على السيارات الأوروبية.

{long_qoute_3}

وعن تحقيق هدف توفير العملة الصعبة فى حالة التصدير، قال «كريم» إن زيادة الإنتاج المحلى ستطلب زيادة فى طلب المكون المحلى الذى يدخل فى صناعته خامات يتم استيرادها من الخارج وبذلك سيكون هناك طلب مرتفع على العملة الصعبة، خاصة الدولار، مع الأخذ فى الاعتبار عدم قدرة المصانع فى مصر على التصدير، وطالب الحكومة بوضع استراتيجية لقطاع السيارات والصناعات المغذية يكون لها مردود إيجابى على الجميع مثل دول عديدة حققت نجاحاً كبيراً فى مجال السيارات والصناعات المغذية لها مثل المغرب وجنوب أفريقيا.

وطالب أحمد الخادم، مدير عام التسويق والمبيعات لتوكيل كيا فى مصر، بإلغاء شرط الإنتاج الكمى من الاستراتيجية التى يتم مناقشتها حالياً فى مجلس النواب، موضحاً أن الشرط الكمى يخرج العديد من الشركات من السوق وسيجعل الشركات التى ترغب فى التصنيع تفكر أكثر من مرة قبل البدء فى ضخ استثماراتها، خاصة أن هناك بعض الشروط يصعب تحقيقها، مضيفاً أن السوق تمر بحالة انكماش كبيرة وأنه بتطبيق شرط الكمية سيتم تغيير خريطة الحصة السوقية فقط دون أى نمو للمبيعات فتخرج علامات ليستحوذ بدلاً منها المنتج المحلى بنفس عدد مبيعات السوق دون أى فائدة.

وأشار إلى أنه يجب أن نبدأ بعمل خطة لوضع الأسس العالمية فى تقييم نسبة المكون المحلى لكى تكون القيمة المضافة على المكون المحلى بنفس المقاييس العالمية المتعارف عليها، ثم نبدأ فى التوسع والنمو فى تصنيع المكون المحلى بمواصفات وجودة عالمية تجعل الشركات تهتم بهذه الصناعة وليس الاهتمام بالكم فى تصنيع سيارة كاملة لكى يستفيد من الحوافز المقدمة فى الاستراتيجية.

وأضاف «الخادم» أن اقتصاديات الكم لن تتحقق فى هذه الاستراتيجية بل ستفتح الباب لعدم الاهتمام أو التركيز على صناعة المكون حيث سيهتم المصنع بتصنيع عدد من العلامات المختلفة فى وقت واحد لتحقيق شرط الكمية ليحقق الحافز، وتابع أن قطاع السيارات سيصبح مهدداً فى حالة تطبيق الاستراتيجية بشكلها الحالى، مطالباً الجهات المسئولة بدراسة الأمر من كافة الجوانب لأن الضرر سيقع على المنظومة كلها فى حالة التطبيق وأن المستهلك سيكون ضحية صدورها بهذا الشكل، مضيفاً أن الاستراتيجية يجب أن يتضمنها تطبيق بعض المواصفات القياسية، خاصة مواصفات الأمان، التى لم تذكرها الاستراتيجية تماماً.


مواضيع متعلقة