مراكز شباب «الخليفة»: قاعات مغلقة.. وأجهزة معطلة.. ودورات مياه محطمة

كتب: محمد سعيد

مراكز شباب «الخليفة»: قاعات مغلقة.. وأجهزة معطلة.. ودورات مياه محطمة

مراكز شباب «الخليفة»: قاعات مغلقة.. وأجهزة معطلة.. ودورات مياه محطمة

ربما يخدعك المشهد من الخارج، وأنت واقف أمام منطقة «الخليفة» شرق القاهرة، فتظن أنك أمام «مراكز شباب» حقيقية تابعة لوزارة الشباب، ولكن بعدما تخطو بقدميك من بوابة المركز وتتجول فى أنحائه، ستتأكد من صحة المثل الشعبى القائل «من بره هالله.. ومن جوه يعلم الله».

لن ترى فى الداخل سوى ملعب من النجيل فقط، وغير ذلك لن تجد شيئاً على الإطلاق، لا مكان تجلس فيه، ولا دورة مياه آدمية تلجأ إليها وقت الضرورة، فالإهمال يتغلغل فى المركز، وليس هناك سوى «الواجهة» فقط.

{long_qoute_1}

«الوطن» قامت بجولة داخل مركز شباب «الإمامين والتونسى» ورصدت الحالة السيئة التى وصل إليها المركز، وهى حالة تعانى منها كل مراكز الشباب المنسية فى حى «الخليفة»، حيث ظهر الإهمال واضحاً فى مختلف الأنحاء، وكانت معظم الغرف مغلقة بأقفال حديدية، بما فى ذلك صالة الألعاب الرياضية، وغرف أخرى لا أحد يعلم ماذا فى داخلها، حتى إن أحد الأعضاء وصفها بأنها «غرف أشباح».

أما «الحمامات» فحالتها يُرثى لها ولا يستطيع أحد البقاء داخلها لبشاعة المنظر وسوء الرائحة، كما أن قاعة الأفراح الموجودة بالمركز، التى يمكن استغلالها لإقامة حفلات زفاف توفر دخلاً إضافياً للمركز، أصبحت خاوية تماماً ولم يتبق منها سوى بعض القطع الخشبية، بالإضافة إلى صالة «الجيم» المغلقة، والوحيدة التى تعمل هى صالة تدريب «الكونغ فو» حيث يتدرب الشباب على بساط غير مُغطى، ويتعرض بعضهم لإصابات بسبب سقوطهم على الأرض أحياناً.

{long_qoute_2}

يقول هانى سعد، أحد أعضاء مركز شباب «الإمامين والتونسى»، إن «إدارة المركز كانت تسعى لإسقاط عضويته لأنه يعرف خبايا المركز، ويعلم كل شىء عنه، خاصة أنه عضو به منذ 30 عاماً، وبالفعل تم شطب عضويته، لأنه كان يطالب بإصلاح أوضاع المركز، وتنظيم أنشطة حقيقية فيه»، حسب قوله.

وأضاف «هانى» لـ«الوطن» أن «الإدارة تريد أن يظل المركز على الوضع الحالى على الرغم من أنه يخدم منطقة (الإمامين والتونسى) التى تضم نحو 12 ألف أسرة، ومن حقهم أن يستفيدوا بهذا المركز، وأن يمارسوا فيه الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية»، مشيراً إلى أن «عدد أعضاء المركز حالياً وصل إلى نحو 1150 عضواً، وأعضاء الجمعية العمومية تقدموا بشكوى إلى الجهة الرقابية العام الماضى، وبعد تقديم الشكوى فحصت هذه الجهة أوراق المركز، وأرسلت رداً، وتبين بعد ذلك وجود مخالفات مالية وإدارية داخل المركز، وهو ما كان يستوجب حل مجلس الإدارة، وحصلنا على هذا الرد وتقدمنا به إلى وزارة الشباب».

وتابع «هانى» قائلاً: «لقد حضر وكيل وزارة الشباب وأعفى رئيس مجلس إدارة المركز من منصبه، وجاب النائب بتاعه وحطه رئيس للمجلس، لكن المجموعة الأصلية من أعضاء المجلس لم تتغير، وظلت الأمور كما هى، والموضوع كله ماشى بالحب!».

وأكد «هانى» أنه «لا توجد أى أنشطة تُقام داخل المركز سوى كرة القدم والكونغ فو، والقاعة التى يتدرب بها الشباب لا تصلُح لممارسة الرياضة، حتى أن ابن المدرب نفسه كُسرت يده من قبل أثناء التدريب، أما قاعة الافراح فقد كانت تعمل منذ سنوات طويلة، ومنذ ذلك الحين وهى خاوية»، واصفاً إياها بـ«الخرابة».

وأوضح «هانى» أن «هناك دعماً يأتى إلى المركز من وزارة الشباب والرياضة، كما تأتى إليهم أموال أخرى مُقابل تأجير الملعب أيضاً، ولكنهم يحرمون خزينة المركز من مصادر دخل منها الكافيتريا المُغلقة منذ عامين»، على حد قوله.

من جانبه، قال رضا عطية، أحد أعضاء المركز، إن «القائمين على إدارة المركز لا يفعلون شيئاً من أجل تطوير المركز، والمركز على هذا الوضع السيئ منذ سنوات طويلة، ومع كل تغيير لمجلس الإدارة لا يحدث أى تطوير أو تجديد يذكر، وأنا مسميه (مركز العائلات) كأن الوزارة عاملة المركز ده لعائلات الكام شخص اللى ماسكينه بس».

وعن مشكلة غياب أى فرد أمن عند دخول المركز، يقول «رضا»: «المركز مش واقف عليه حتى غفير، وكل من هب ودب بيدخل، ومفيش أى اهتمام بالنشء الصغير، وأنا أخاف أودى ابنى أو بنتى هناك، لأن كمان الإضاءة ضعيفة جداً داخل وخارج المركز»، موضحاً أن «المكتبة التى توجد بالمركز كانت مليئة بالكتب، ولا أحد يعرف أين ذهبت، وهناك الكثير من الغرف المغلقة لا أحد يعلم ما بداخلها، وكأنها غرف أشباح».

ويتفق معه محمود الشافعى، عضو آخر بالمركز، قائلاً: إن «إدارة المركز بتعمل رحلات وبيطلعها ناس غريبة لم نرها من قبل، بينما الأعضاء محرومون منها، وبنعرف إن فيه رحلة بالصدفة، ومحدش بيعلن عن أى رحلات ولا بنعرف عنها حاجة أصلاً، وعملنا قبل كده مذكرة قدمناها لوزارة الشباب، ومحدش سأل فينا».

أما عن صالة الألعاب الرياضية «الجيم» المغلقة بقفل حديدى فيقول «الشافعى»: «دى محدش بيدخلها أصلاً من سنين طويلة لحد ما الأجهزة صدت، مكتوب عليها (صالة جيم) لكن الحقيقة هى أوضة مقفولة بقفل محدش بيدخلها، ولا نعرف عنها حاجة برضو».

وانتقلت «الوطن» إلى مركز شباب آخر يقع فى حى «الخليفة» أيضاً، ويُسمى مركز شباب «المواصلة»، ولم يكن حاله أفضل من سابقه، بل كان ربما أسوأ بمراحل، إذ تظهر عليه آثار الإهمال من الخارج، حيث توجد فتحة كبيرة فى السور المحيط بالمركز، وهو مُحاط بأكوام القمامة من الخارج، أما من الداخل فهو مجرد «أطلال مركز شباب».

وقال محمود سمير، عضو مجلس إدارة سابق بالمركز، إنه تقدم باستقالته من المجلس الحالى منذ عامين بسبب تردى أوضاعه، مؤكداً أنه أراد دخول مجلس الإدارة لكى يُطور المركز ويستطيع أن يفعل شيئاً من أجل أعضائه، غير أنه فوجئ بأن غالبية أعضاء المجلس لا يحضرون الاجتماعات ومن يحضرها هو رئيس المجلس فقط، و«كل واحد مكبر دماغه ولقيت نفسى مش بعمل حاجة ومفيش جديد، وقعدت سنتين معملتش فيهم أى حاجة عشان كده استقلت».

وعانى «سمير» خلال فترة عضويته بمجلس الإدارة، كما يقول، من «عدم معرفة مصير الأموال التى تصل إلى المركز سواء كانت دعماً من الوزارة أو من خلال تأجير الملعب»، مؤكداً أنه «لم يكن يعلم عنها شيئاً، بمعنى أن تلك الموارد لا يتم صرفها على المركز، فأين تذهب؟ لا أحد يعلم».

وأضاف عضو مجلس الإدارة السابق: «أنا كنت عامل نظام كافتيريا وكراسى ومكان نضيف وترابيزات وريسيفر ودش وشاشة، كنت بعرض عليها مباريات بطولة كأس أوروبا لكرة القدم، وكان فيه ناس كتير بتيجى وتقعد، لكن دلوقتى بقت خرابة».


مواضيع متعلقة