«ستايلست» المتسولين.. كراسى متحركة وأطراف صناعية بالإيجار

«ستايلست» المتسولين.. كراسى متحركة وأطراف صناعية بالإيجار

«ستايلست» المتسولين.. كراسى متحركة وأطراف صناعية بالإيجار

تماماً كما جسدت بعض الأفلام السينمائية شخصيته، يقف «العم غزال»، صاحب الـ63 خريفاً، بعينيه الخبيرتين، وحوله ركام من الكراسى والعجل المتحرك والأطراف الصناعية والزحافات، وغيرها من الأدوات الطبية المخصصة للمعاقين، والمستلزمات المستخدمة فى العمليات الجراحية، منتظراً زبائنه من المتسولين، الذين يقصدونه كل صباح، ليستشيروه فى الشخصية الجديدة التى يجب عليهم تقمصها، لإقناع المارة فى الشارع بوضع أياديهم فى جيوبهم، وإخراج «اللى فيه النصيب»، ووضعه فى أيدى زبائنه، فالعم «غزال» لا يعتبر بالنسبة للعاملين فى «كار» التسول، مجرد شخص يؤجر أدوات تعينهم على استجداء العطف من الناس، بل هو الـ«ستايلست»، الذى يضاهى أبرز مصممى الشخصيات ومنسقى الملابس السينمائية، لكن فى عالم آخر يعيش فى الظلام، أو بالأحرى «تحت الأرض».

يبدأ «ستايلست» المتسولين عمله مبكراً، فى نحو الساعة الخامسة فجر كل يوم، داخل أحد المحال الصغيرة فى شارع جانبى مقابل موقف سيارات الأجرة بمنطقة «محطة مصر» وسط الإسكندرية، ليكون جاهزاً فى الثامنة بمجموعة كبيرة من العجل المكون من ثلاث عجلات، وكراسى المعاقين، والزحافات، لبدء استقبال المتسولين الذين يلجأون إليه لاستئجار «عدة الشغل».

بدأ «غزال» حديثه لـ«الوطن» عن طبيعة عمله بقوله: «فيه ناس كسولة ما بتحبش تطور من نفسها، وبتفضل طول عمرها متقمصة نفس الدور، مثل دور مشلول أو أعرج أو أكتع أو أعمى، وناس تانية بتحب تطور أداءها، وتطلب منى كل يوم شخصية جديدة، وبتغير أماكن شغلها، علشان تكسب أكتر، وأنا دورى أشغل كل واحد حسب طموحه»، مؤكداً أن المئات من المتسولين يترددون عليه على مدار اليوم، منهم من يبدأ عمله بعد صلاة الفجر مباشرة، أمام المساجد الكبرى، إذ يعتقدون أن من ينزل من بيته لصلاة الفجر فى المسجد هو أكثر من غيره حباً لعمل الخير والتصدق، ثم يتجهون بعدها إلى المدارس والجامعات الخاصة، لاستعطاف التلاميذ «ولاد الأغنيا»، بحسب وصفه، وبعدها يقفون على أبواب الشركات والبنوك لمد أياديهم لأبناء الطبقة المتوسطة.

وتابع بقوله: «كل مكان وله الزى الذى يناسبه، فمن يتسول أمام المسجد، يحتاج إلى أطراف صناعية وأدوات تجميل تخدع العيون، وتظهر إصابات وعاهات غير موجودة، بينما يكفى استخدام الكراسى المتحركة أو العكازات أمام المدارس الخاصة، ويحتاج المتسول إلى زحافة يزحف بها أرضاً أمام الشركات والهيئات الحكومية، ليتمكن من إقناع الموظف بإخراج الجنيه من جيبه».

وعلى بعد قرابة 500 متر من محل «العم غزال»، يجلس «الحاج رمضان»، داخل محله مترامى الأطراف فى أحد شوارع منطقة «اللبان» القديم، وسط مجموعة من الأطراف الصناعية، التى تخصص فى تأجيرها للمتسولين، بسبب عدم قدرته على منافسة المحال الأخرى المتخصصة فى بيع الأطراف الصناعية للمرضى، وتحدث لـ«الوطن» عن طبيعة عمله قائلاً: «أنا باساعد الغلابة على قضاء يومهم باللى عايزينه من عدة الشغل»، مشيراً إلى أنه يبدأ أسعار التأجير اليومى للعجل من 30 جنيهاً، بينما تصل الأطراف الصناعية، وهى غالباً ما تكون يداً أو رجلاً صناعية، بـ50 جنيهاً فى اليوم، وعن ارتفاع سعر الإيجار، قال: «المتسول من دول بيقدر يتحصل بشكل يومى على 500 أو 600 جنيه، يعنى مرتب مابيقبضهوش مأمور قسم شرطة، يبقى لما يدفع 50 جنيه فى عدة الشغل، مش هايزعلوه فى حاجة»، وأضاف بقوله: «باخد من المتسول بطاقته لو مش ضامن إنه يرجع الحاجة، لكن لو عرفناه كويس، مابناخدش منه غير الإيجار، وكتير بتقابلنا مشاكل لما بيتقبض عليهم، وبتفضل الأطراف الصناعية معاهم طول فترة الحبس».


مواضيع متعلقة