تقارير المخابرات الفرنسية عن تمويل قطر للإخوان
يكشف الكتاب الفرنسى، من خلال تقارير المخابرات الفرنسية التى حصل عليها المؤلفان كريستيان تشيسنو وجورج مالبونو، عن أن تمويل قطر للإخوان وللجماعات الإسلامية كان مثار قلق المسئولين الفرنسيين الذين دخلوا فى مواجهة أكثر من مرة مع القطريين بسببها.
وينقل الكتاب تفاصيل مقابلة جرت بين أحد الوزراء الاشتراكيين الجدد فى الحكومة الفرنسية ومحمد الكوارى، السفير القطرى فى باريس، قال فيها الوزير الفرنسى للسفير القطرى: «نحن لدينا مشكلة مع قطر، نريد أن نعرف كيف تفكرون بالضبط، ما سياستكم؟ أنتم تقدمون التمويل للإسلاميين، وتمويلكم للإخوان فى تونس بالتحديد يثير قلقنا».
هنا رد السفير القطرى على الفور: «هل لديكم دليل على هذا الكلام؟ نحن نتحدث مع كل الأطراف لأننا نلعب لعبة الديمقراطية على أصولها، ثم إن نموذج حركة النهضة الإخوانية الحاكمة فى تونس هو نموذج مشجع، ونحن نريد نشره وتطبيقه فى دول أخرى».[FirstQuote]
وإن كان السفير القطرى يجيد المراوغة فى رده على دعم قطر للإخوان، فإن وزير الخارجية الفرنسى العتيد، لوران فابيوس، لا ينخدع بهذا الكلام.
يقول الكتاب: «إن وزير الخارجية لوران فابيوس أظهر تحفظه الشديد على تورط قطر فى تمويل الإسلاميين المتصلين بجماعة الإخوان، سواء أكانوا فى مصر أم فى تونس أم فى سوريا. على الرغم من أن الرئاسة الفرنسية رأت أن تحافظ على علاقة قوية بقطر؛ لأنها ستحتاج لاتصالاتها مع الإخوان، سواء فى سوريا أو غيرها، خاصة أن حكام قطر ينفعون فى تمرير الرسائل وأثبتوا نفعهم للفرنسيين أكثر من مرة، خاصة عندما ساعدوهم فى مفاوضات تحرير عميل للمخابرات الفرنسية، أسرته الفصائل الإسلامية فى الصومال».
لكن حتى هذا الدور لم يشفع لقطر لدى المخابرات الفرنسية أو يقلل من توجس الأجهزة الأمنية الفرنسية من تحركات الدوحة.. يتابع الكتاب الفرنسى: «إن أجهزة المخابرات الفرنسية تتابع، بقلق بالغ، تحركات عملاء قطر فى عدد من الملفات الشائكة ومسارح العمليات الحساسة، خاصة فى منطقة الساحل الأفريقية، وهى المنطقة التى تعتبرها المخابرات الفرنسية ساحة حربها الجديدة ضد الإرهاب والأصولية الإسلامية، كما ظهر من تدخلها العسكرى فى مالى ضد المتطرفين الإسلاميين».
ويواصل: «إن سياسة قطر متحيزة، وطريقة تحركاتها لا بد أن تثير تساؤلات مشروعة. لقد أصبح مؤكدا الآن أن أمير قطر يراهن على الإسلاميين المتصلين بالإخوان، لكنه يراهن عليهم من باب المصلحة، وليس بسبب تمسكه واقتناعه بمشروعهم».[SecondQuote]
ومن أجل مصلحته أيضا، يمكن أن يتخلى أمير قطر ببساطة عن الإخوان. يتابع الكتاب: «هناك مشكلة تواجه دعم أمير قطر للإخوان، هى أن غالبية شعبه، الوهابية المحافظة، تود أن تراه يدعم التيارات الأكثر تشددا من الإخوان. من ناحية أخرى، كان الأمير حمد يصر دائما على القول إنه ربما كان الإخوان متشددين عندما كان يدعمهم وهم فى موقع المعارضة للنظام المصرى أو التونسى أو الليبى، لكنهم سيصبحون أكثر اعتدالا واستقرارا عندما يصبحون فى موقع سلطة. وهو ما يجعل شركاءه الغربيين على حق فى ألا يثقوا فى تأكيداته».
ويرى الكتاب أن حالة ليبيا بعد سقوط «القذافى» هى أكثر ما يثير قلق الحلفاء الغربيين من سياسة قطر مع الإخوان. يقول: «إنه بعد عام ونصف العام من سقوط نظام القذافى، فإن الوضع فى ليبيا حاليا يشير إلى أن طرق وأساليب حمد بن جاسم وميل قطر لمضاعفة الأزمات لتظهر فى صورة الدولة القادرة على حلها، قد صارت تشكل أزمة فى حد ذاتها».[ThirdQuote]
ويبدو أن كل حكام العالم يتعاملون مع قطر بالمنطق الذى تعامل به رؤساء فرنسا مع العائلة المالكة القطرية: «رؤساء فرنسا يدركون حدود الوساطة القطرية وعيوبها، لكنهم لا يريدون إغضاب القطريين. أما الولايات المتحدة الأمريكية، فمن الواضح أنها صارت لديها سياسة جديدة فى الشرق الأوسط، وأن القطريين يمثلون أداة شديدة النفع بالنسبة لها بعلاقاتهم القوية مع الحكام الإخوان والإسلاميين، الذين جاءوا للسلطة بعد الثورة».