المرضى يصرخون من أمام «مستشفى المنيا العام»: «ملناش مكان فيه»

كتب: أحمد عصر وإسلام فهمى

المرضى يصرخون من أمام «مستشفى المنيا العام»: «ملناش مكان فيه»

المرضى يصرخون من أمام «مستشفى المنيا العام»: «ملناش مكان فيه»

بوابة حديدية كبيرة تتوسط مبنى ظهرت عليه علامات القدم، يعلوها لافتة متوسطة الحجم كُتب عليها بخط واضح «مستشفى المنيا العام» باللغتين العربية والإنجليزية، وعلى يسار الداخل لافتة أخرى صغيرة بهتت ألوانها تشير إلى «مكتب خدمة المواطنين»، و«الاستعلامات».

على بعد أمتار من البوابة الحديدية وقف ممسكاً فى إحدى يديه هاتفه المحمول بعد أن ارتفع صوته المرتعش وهو يطلب ممن يتحدث إليه سرعة البحث عن مستشفى آخر ينقل إليه نجل عمه الملقى على أحد أسرة المستشفى العام منذ منتصف الليل ولا يجد له مكاناً به، بعد أن جاء إليه من حادث على الطريق الصحراوى للمنيا: «إحنا من قنا وابن عمى هنا من إمبارح بالليل، ولما وصلنا لقيناهم سايبينه على (الترولى) ومفيش حد سائل فيه»، يقولها «البطل أحمد»، ابن عم المريض، مشيراً إلى أنهم كانوا يرغبون فى الذهاب به إلى مستشفى جامعة المنيا، إلا أن الصدمة كانت كبيرة عندما أخبروهم أن المستشفى تم إخلاؤه منذ قرابة أسبوعين: «رُحنا اشتكينا لديوان المحافظة ولولا هما مكانوش اتحركوا هنا، وإدونا تحويل نروح نعمل له أشعة فى مستشفى الجامعة، لأن قسم الأشعة فيها لسه شغال، وهنا مفيش أشعة».

يلتقط منه شقيقه «جمال أحمد» أطراف الحديث، موضحاً أن ما بينته الأشعة كان عبارة عن «نزيف على المخ» يستدعى ضرورة وضعه داخل العناية المركزة: «لما اتكلمنا معاهم هنا فى المستشفى قالوا لنا مفيش عندنا مكان فاضى، وحاولنا نشوف فى مستشفى أسيوط برده قالوا لنا مفيش مكان»، مضيفاً: «تعبنا من كتر اللف هنا، ومش عارفين نوصل لحل، وآدينا بنحاول نشوف أى مستشفى خاص، حتى لو هنبيع اللى حيلتنا لأننا ماقدامناش حل تانى، وإلا هنسيبه يموت».

ارتفع أذان الظهر مصاحباً لصوت سيارة الإسعاف المقبلة من بعيد، أمتار قليلة قطعتها السيارة فى الشارع الرئيسى لتقف بعدها أمام بوابة المستشفى ويخرج منها رجل فى متوسط العمر محمولاً من رجال الإسعاف مسرعين به إلى الداخل ومن خلفه مجموعة من أقاربه وأصدقائه وزملائه، ليخرجوا به بعد دقائق قليلة ويضعوه داخل سيارة الإسعاف مرة أخرى وقد بدت على وجوههم علامات الغضب.

«شُفنا المستوى جوّا المستشفى معجبناش خالص ورفضنا إن زميلنا يفضل فيه وهنخرجه نوديه أى مستشفى تانى خاص»، يقولها «زاهر توفيق»، أحد أصدقاء المريض، مبدياً حسرته على إغلاق مستشفى المنيا الجامعى الذى كان ملاذهم فى مثل هذه الحوادث: «المستشفى الجامعى كان هو اللى بيستقبل كل الحوادث اللى من النوع ده، وطبعاً عشان قفل كل الضغط هيكون على المستشفى العام، وللأسف لما جينا هنا مش لاقيين أشعة ولا لاقيين سراير ولا فيه أى حاجة، وحتى (الترولى) اللى بيشيلوا عليه المريض مكسر».

لم يكن «زاهر» راضياً عن الخدمات التى كان يقدمها المستشفى الجامعى بشكل كامل، إلا أنه يرى فى إغلاقه، رغم ذلك، أزمة كبيرة، ستظهر بصورة أكبر كلما مر الوقت: «مستشفى الجامعة كان هو اللى بينقذنا فى الحاجات اللى زى دى، وحتى لو كانت جودة الخدمات اللى موجودة فيه بنسبة 60%، كان على الأقل أرحم من هنا، لأن هنا الخدمات تحت الصفر».

وأمام بوابة المستشفى وقبل أن تذهب الشمس إلى مستقرها، وقف الخمسينى «إبراهيم خلف» مستنداً على عكازه الحديدى، وقد بدت على وجهه علامات الحيرة، بعد أن قضى ساعات يحاول فيها مداواة قدمه المتورمة: «وقعت على رجلى ومن الصبح وأنا بلف ومش عارف أعمل إيه، الساعة 8 كنت فى مستشفى الجامعة، وهناك قالوا لى مفيش دكاترة خالص ومش شغال، فجبت بعضى وجيت على المستشفى العام، ولما دخلت للدكتور هنا قالى مفيش أشعة، وقال لى روح اعملها بره، ورُحت عملتها على حسابى وجيت، ولما شافها قال لى دي مش واضحة، روح اعمل واحدة غيرها، ولما جيت أتكلم معاه عشان أفهم منه قال لى اطلع بره معنديش حل لمشكلتك»، مضيفاً: «أنا مش عارف دلوقتى رجلى هيبقى إيه وضعها، وعشان أرجع بيتى تانى قدامى 35 كيلو مش عارف همشيهم إزاى ورجلى تاعبانى كده، وأنا عامل على باب الله وعشان أروح لدكتور خاص مش هقدر أدفع له فلوس الكشف».

من جانبه قال الدكتور عماد حنا، نائب مدير مستشفى المنيا العام، إن إخلاء مستشفى المنيا الجامعى أدى إلى تكدس فى أقسام بعينها فى المستشفى العام على رأسها قسم الحوادث والباطنة والسموم، بالإضافة إلى زيادة عدد الحالات المترددة على المستشفى بشكل عام بصورة كبيرة خلال الأيام القليلة الماضية، مشيراً إلى وجود تنسيق بين المستشفى العام والجامعى منذ إخلائه فى بعض التخصصات الدقيقة مثل الأوعية الدموية والمخ والأعصاب.


مواضيع متعلقة