انفراجة تنتظر تشكيل الحكومة المغربية وغضب وسط قيادات حزب بنكيران

كتب: وفاء صندي – المغرب

انفراجة تنتظر تشكيل الحكومة المغربية وغضب وسط قيادات حزب بنكيران

انفراجة تنتظر تشكيل الحكومة المغربية وغضب وسط قيادات حزب بنكيران

يبدو أن "انسداد" تشكيل الحكومة المغربية بدأ يجد له منفذا إلى الحل، بعد إعفاء العاهل المغربي الملك محمد السادس لرئيس الحكومة المكلف السابق، عبد الإله بنكيران، وتعيين سعد الدين العثماني رئيسا جديدا معينا للحكومة، والذي اقتنع واقنع الأمانة العامة لحزبه، العدالة والتنمية، بأن "لا حكومة إلا بدخول الاتحاد الاشتراكي إليها".

وأمام رضوخ العثماني إلى شرط إشراك حزب الاتحاد الاشتراكي في حكومته، وحصوله على الضوء الأخضر من قيادات حزبه "مادامت أطراف وازنة في السلطة وعدت إدريس لشكر، الكاتب العام لحزب الاتحاد الاشتراكي، بالدخول إلى الحكومة"، حسب ما صرحت به مصادر مطلعة، تكون ملامح الحكومة المغربية قد اكتملت تقريبا، أي حكومة برئاسة العثماني ومشاركة أحزاب العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري، في انتظار تشكيلة الوزراء، والتي يمكن الإعلان عنها خلال الأسبوع المقبل.

لكن في المقابل، خلفت التنازلات التي أبان عنها العثماني في تشكيل حكومته الكثير من الإحباط والاستياء لدى بعض قيادات وقواعد حزب العدالة والتنمية، الذين اختاروا نافذة فيس بوك للتعبير عن غضبهم.

وفي هذا السياق، كتبت القيادية والبرلمانية في حزب البيجيدي، أمينة ماء العينين، "أنا حزينة.. هادشي اللي عطا الله" (هذا ما قدره الله)، مضيفة "أعترف أن ما نتعرض له صعب جدا وأن إعفاء الأمين العام لم يكن أبدا سهلا علينا، نعترف أن الضربات المتتالية التي تلقيناها منذ قبل الانتخابات إلى الآن كانت صعبة لكنها بالتأكيد ستقوينا".

في سياق متصل، عبرت سمية بنكيران، ابنة عبد الإله بنكيران، في صفحتها على فيس بوك عن عدم رضاها على مسار المشاورات الحكومية التي يقودها سعد الدين العثماني خلفا لوالدها، قائلة: "ما يقع بين جنبات مقر الحزب اليوم هو نقض للعهد وهدم لخط مناهضة الفساد والتحكم الذي جعلناه شعارا وبذلنا من أجله المواقف والتضحيات اللي خلات حزبنا حزب الشعب وصوته العميق".

وأضافت سمية بنكيران "أما أولئك المداهنون، المتساقطون، المطبلون والمزمرون عباد المناصب ولي الريح لي جات تديهم أقول لهم خسئتم وخبتم وخاب مسعاكم في نهاية المطاف تذهب المناصب وتبقى المواقف".

من جهتها، انتقدت زعيمة حزب الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، في تصريحات اعلامية، عدم استماع العثماني لحزبه ضمن مشاورات تشكيل الحكومة، معتبرة أن "المفروض أن رئيس الحكومة يجب أن يستمع لكل الأصوات الجادة في وطننا، خاصة أننا أعلنا منذ البداية أننا لن نكون في حكومة لا نتوفر فيها على إمكانية المشاركة والفعل ما دمنا لا نتوفر على سلطة حقيقية، ولكن كان بإمكاننا المشاركة بتنبيهه لبعض القضايا المهمة وقراءتنا لها ، لكنه اختار نهجا آخر".

وفي تحليله للأحداث، اعتبر المحلل السياسي، عمر الشرقاوي، أن سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المكلف بتشكيلها، أمامه معطيات مختلفة عن التي كانت متوفرة لعبد الإله بنكيران، ما دفعه إلى عدم تكرار تجربة الأخير على مستوى إدارة مفاوضات تشكيل الحكومة.

واعتبر الشرقاوي أن قرار إعفاء بنكيران من طرف الملك كان له تأثير على مستوى التنظيم الداخلي للحزب، مؤكدا أن خمسة أشهر ونصف من الانسداد الحكومي قد أثر على المزاج السياسي لأعضاء "البيجيدي".

في سياق آخر، اعتبر المحلل السياسي، ميلود بلقاضي، أن قبول العثماني بإشراك حزب الاتحاد الاشتراكي، يعني تحميل مسؤولية "البلوكاج" لبنكيران، ما سيدفع هياكل ومناضلي حزب العدالة والتنمية إلى مواجهة رئيس الحكومة المعين بعواصف من الاحتجاجات، قد تأزم الوضع الداخلي للحزب، خصوصا بعد صدمة هياكله بكيفية إبعاد بنكيران من تشكيل الحكومة.

وأردف بلقاضي، أمام ضيق مساحات التحرك سيعمل العثماني على تدبير ملف تشكيل الحكومة وفق تعليمات ملك البلاد، ووفق براغماتية سياسية حزبية، لكن ليست بالضيقة، حتى لا يتهم الحزب بأنه هو الذي يدبر ملف تشكيل الحكومة وليس العثماني الذي كلفه جلالة الملك ليكون ممثلا لكل الأحزاب وليس ممثل حزب العدالة والتنمية، لكي لا يسقط في ما وقع فيه بنكيران.

وخلص بلقاضي إلى أن تعيين العثماني لتشكيل الحكومة في هذا الوقت بالذات ليس أمرا سهلا، موضحا ان العثماني يتفاوض من أجل تشكيل الحكومة وهو واع بأن كل تحركاته تحت المجهر، خصوصا أنه ينتظره المؤتمر الوطني لحزبه نهاية السنة، والذي يطمح فيه العثماني إلى الجمع بين رئاسة الحكومة وبين الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، شريطة الوفاء بمنهجية بنكيران عبر الالتزام بمضامين بلاغات الأمانة العامة في تشكيل الحكومة حفاظا على مصداقية ووحدة الحزب، ولإقناع مناضليه بأنه ليس أداة بيد قوى ترغب في إضعافه وتشتيته من الداخل قبل انتخابات 2021 لوضع حد لاتساع قاعدته الشعبية التي من الأكيد أنها ستتراجع مع رحيل بنكيران، عن قيادة الحزب، وفق تعبير ذات المحلل.


مواضيع متعلقة