أهالى «مثلث ماسبيرو» يرهنون الموافقة على التطوير بتوفير وحدات بديلة بـ«إمبابة»

كتب: سمر نبيه

أهالى «مثلث ماسبيرو» يرهنون الموافقة على التطوير بتوفير وحدات بديلة بـ«إمبابة»

أهالى «مثلث ماسبيرو» يرهنون الموافقة على التطوير بتوفير وحدات بديلة بـ«إمبابة»

بين «شقى الرحى»، هكذا يرى أهالى مثلث ماسبيرو أنفسهم، ينظرون إلى محيطهم فيجدون أنفسهم فى بؤرة مشوهة وسط فضاء غنى مرفّه، يتطلعون إلى أن يتطوروا ليتعلقوا به، لكنهم فى نفس الوقت يخشون أن يلفظهم المحيطون طمعاً فيما بين أيديهم بعد التطوير.

الذكريات والمكان جزء من الحالة النفسية التى تدفع الإنسان لاستكمال يومه، فمن هؤلاء من اعتاد هذا الطريق وصولاً لعمله، ومنهم من اعتاد الوجود فى هذه المدرسة، بل والوقوف على كورنيش النيل ليلاً، لعله يغسل همومهم وما يواجهون فى يومهم فى ظل الأوضاع المعيشية السيئة، فماذا إذا ما حُرموا من ذلك!

«لا للتهجير.. نعم للتطوير»، «السكن حق لا مكرمة»، «تطوير البشر قبل تطوير الحجر»، لخصت هذه الشعارات المحفورة على جدران هذا المثلث العشوائى الواقع فى منطقة وسط البلد، بمجرد وصولك إليه، مساعيك لمعرفة ماذا يريد أهاليه من الحكومة، من أجل التطوير، «الوطن» رصدت خلال جولتها أبرز مطالب أهالى هذا المثلث، قبل أيام من توزيع الحكومة لاستبيان البدائل المطروحة لهم، لتطوير المكان. {left_qoute_1}

الحكومة عرضت 4 بدائل لترك مثلث ماسبيرو، من أجل تطويره كما تقول، منها الانتقال لحى الأسمرات، مقابل قيمة إيجارية 300 جنيه للوحدة السكنية، لمدة 30 عاماً، يتملكها الفرد بعدها، والبديل الثانى هو الحصول على وحدة سكنية بنفس المنطقة (مثلث ماسبيرو) مقابل قيمة إيجارية 1000 جنيه لمدة 59 سنة، والبديل الثالث هو الحصول على وحدة سكنية بقسط تملكى، مقابل 1600 جنيه إيجاراً للغرفة الواحدة فى الشهر، و2000 جنيه مقابل الغرفتين، وذلك لمدة 30 عاماً، ثم تصبح الوحدة السكنية ملك صاحبها بعدها، أو الحصول على تعويض مالى قيمته 100 ألف جنيه مقابل الغرفة الواحدة، تقل هذه القيمة فى حال كانا غرفتين لتصل إلى 160 ألفاً، أو بحسب وزارة الإسكان، «تعويض بقيمة 30% من قيمة الأرض على حسب الموقع»، هذه هى البدائل التى عرضتها الحكومة ممثلة فى وزارة الإسكان، ومحافظة القاهرة، وفقاً لـ«محمد صلاح» موظف بمجلة أكتوبر، يضيف: «كل هذه البدائل غير مرحب بها بين أهالى ماسبيرو، ويريدون إجراء تعديلات على بعضها، منها أن يتم تمكين الأهالى من وحدات سكنية بالمنطقة، بعد تطويرها مقابل قسط تملكى يتراوح ما بين 800 و900 جنيه، على أن تكون مساحتها 75 متراً، بدلاً من المساحة المعروضة من قبَل الحكومة، والبالغة 60 متراً».

«أنا جدى مات هنا عام 1945، أنا مولود هنا فى المنطقة وتوارثتها أباً عن جد»، هكذا يصف «أحمد كرم الله»، 58 سنة، علاقته بحى بولاق أبوالعلا «مثلث ماسبيرو»، يقول: «أنا ساكن فى 5 حارة العطر، بشارع أبوطالب، أنا واخواتى الخمسة قاعدين فى 5 حجرات فى الدور الأرضى، إحنا مش ضد التطوير، يطوروا المنطقة، بس بعد ما يقعدونا فى سكن مناسب، مقابل إيجار معقول، مش يقولوا لنا إن السكن لا يورَّث إلا لمرة واحدة».

ويضيف «كرم الله»: «إذا أرادوا أن نترك المكان لتطويره، فعليهم أن يوفروا لنا سكناً بديلاً فى مساكن مطار إمبابة، على ألا تزيد القيمة الإيجارية على 200 جنيه، أنا دلوقتى بدفع 10 جنيه للغرفة، كمان الشخص اللى ينقل لمسكن تانى يضمن أن تعود له الوحدة السكنية فى مثلث ماسبيرو، وأن تكون ملكه وملك أولاده».

«لو خرجنا من هنا مستحيل نرجع تانى زى ما الحكومة بتقول، حكومتنا كذابة»، بهذه الجملة عبّر محمد على، 47 سنة، عن مخاوفه ومخاوف أهالى مثلث ماسبيرو، من ترك المكان، خوفاً من عدم العودة له مرة أخرى، يقول: إحنا قاعدين هنا بـ2 جنيه إيجار، كمان شغلنا جنب البيت، أنا شغال صنايعى، خراط معادن فى شارع الجلاء، إحنا عايزين حل عادل، لو عايزينّى أطلع من هنا، يضمنوا لى العودة، أو أن تبنى الحكومة على مراحل، لكن لا ترمينى فى مكان بعيد فى الصحراء فى المقطم وسط ناس لا نعرفها، المكان هنا فى بولاق هو عمرنا وحياتنا، كلنا إيد واحدة، ولو طلنا هنسميها «بولاق يا دولة».

يقول «أسامة سرى»، 46 سنة: «مش عارفين لو نقلنا هنلاقى شغل هناك، وهنعرف نعيش ولا لا؟ لو نقلنا عايزين نعرف حياتنا هناك هتكون عاملة ازاى، أنا عايز افهم هو فيه حد مننا معاه 100 جنيه عشان يدفع 1000 جنيه، فيه ناس فينا مش لاقية تاكل، عايزين يطوروا المنطقة، يطورونا معاها».

«مساكن المطار أحسن حاجة لينا، وهناك فى مساكن مطار إمبابة فيه مساكن كتير فاضية»، توضح الحاجة «سعدية موسى»، 65 عاماً: «لو لقينا المكان حلو فى إمبابة ومريحنا، هنفضل هناك، وعايزين إيجار معقول، معاشى 700 جنيه، يعملوا إيه ولا إيه؟ ناكل ولا نجيب دواء، الحيطان هنا مريّحة على العفش، لو شلنا الدولاب الحيطان هتقع، إحنا مش رافضين التطوير بس خايفين، يثبتوا لينا حرصهم علينا الأول، ويعطونا شقة فى إمبابة، وبعدين نسيب المنطقة».

ويضيف «عيد موسى عيد»، 60 سنة: «فيه بلوكات كتير فاضية فى مساكن مطار إمبابة، وعايزينها بإيجار مناسب، خاصة أننا لا ندفع أى إيجار هنا، لأنها بيوتنا، بندفع نور ومياه فقط».

يقول «مصباح حسن»، 32 عاماً، موظف: «موضوع تطوير المثلث ليس جديداً، بيتكلموا فيه من زمان، وبدأوا يتكلموا فيه بجد بداية من 2008، لكن كل مرة لم نجد لديهم البديل المناسب لنا، وما نريده هو أن يتم التطوير على مراحل، وأن يتم بشكل جزئى، وأن يتم إحلال المساكن وبناء مساكن جديدة فى جزء من المثلث، وأن يتم تسكينها على مراحل، أما بالنسبة لهؤلاء الذين يريدون تعويضاً مالياً مقابل ترك المنطقة، فتم تحديد 150 ألفاً كتعويض مقابل الغرفة الواحدة، وليس 100 ألف كما حددت الحكومة، وفى حال تنفيذ الإخلاء الجزئى، فنحن نريد لمن سيتركون المنطقة بشكل مؤقت أن يتم توفير مساكن بديلة لهم فى مطار إمبابة».

«اللى مش هيدافع عن أرضه مش هيدافع عن عرضه، تطوير، إخلاء مبانى هنا مش هيحصل، عشان مانضحكش على بعض، ويقولوا هنرجع تانى بعد 4 سنين، ده كلام ابن عم حديت، ومش هيحصل ومش هيقدروا يعطونا تعويض مناسب، لأننا قاعدين هنا فى بيوتنا ببلاش، ومش هنروح مساكن الأسمرات»، يُعد هذا اتجاه معظم أهالى مثلث ماسبيرو، الذى عبّرت عنه «فوقية أنور»، 62 عاماً، والتى يعتبرونها إحدى المتحدثات باسمهم، وتضيف: «إحنا مصالحنا وشغلنا كله هنا فى وسط البلد، ورزقنا هنا، وعشان نيجى من الأسمرات ولا الأصفرات لهنا عذاب، إحنا هنا جنبنا النيل، التليفزيون، وميدان التحرير اللى قامت فيه الثورة وحميناه بأرواحنا وولادنا، عايزين نروح مساكن مطار إمبابة، بيقولولنا إمبابة تبع الجيزة، وانتم هنا تبع القاهرة، هى الجيزة لها رئيس والقاهرة لها رئيس، ما مصر كلها لها رئيس جمهورية واحد وهو قادر يحل لنا مشكلتنا، المكان هنا غالى علينا جداً، أنا اتولدت هنا، وولدت العيال هنا، وأهل جوزى هنا، ماتضحكوش على نفسكم، لو طلعنا من المبانى هنا ننسى نرجع لها تانى، ده واحد منهم شعره أبيض جه هنا وقال لنا ديّتكم قنبلة مسيلة للدموع، خليه يورينا القنبلة هتعمل إيه».

وتتابع «هانم عويس»، 48 سنة: «أنا عندى أقعد تحت الكوبرى أو فى ميدان التحرير، ولا إنى أروح الصحراء فى الأسمرات»، وتضيف: «عايزين كلنا نروح مساكن مطار إمبابة، بس بإيجار مناسب، ليس لدىّ القدرة أدفع 300 أو 400 جنيه، يحددوا لى إيجار مناسب لحالتى وأنا أروح مساكن مطار إمبابة».


مواضيع متعلقة