«المصيلحى» بين استكراد الدولة واستقرار الدولة
- أسعار الوقود
- أصحاب المخابز
- إبراهيم محلب
- استرداد أراضى الدولة
- استرداد الأراضى
- استقرار الدولة
- الأراضى المملوكة للدولة
- آلات
- أجهزة الدولة
- أسعار الوقود
- أصحاب المخابز
- إبراهيم محلب
- استرداد أراضى الدولة
- استرداد الأراضى
- استقرار الدولة
- الأراضى المملوكة للدولة
- آلات
- أجهزة الدولة
لا شك أن الوزير على المصيلحى رجل دولة من الطراز الأول، وما لا يعلمه كثيرون أن قرارات كثيرة بُنيت على الخطط التى وضعها حينما تولى مسئولية وزارة التموين قبل أحداث يناير، وكثير منها طبّقه الوزير خالد حنفى، الذى أرى أن موقع الوزارة قد خسره، وأن الموقع كسب مرة أخرى عودة الوزير المخضرم على المصيلحى، فهو الرجل الذى حقّق نجاحات مذهلة فى تطوير هيئة البريد، فأصبحت بنكاً ينافس البنوك الخاصة، وهو الذى وضع منظومة حماية السلع الغذائية فى وزارة ضمّت وزارتين معاً لأول وآخر مرة فى مصر، وهى وزارة التضامن المسئولة عن دعم الفقراء بالتضامن معهم من خلال بنك ناصر أو معاشات ناصر والسادات ومبارك، ثم معاش السيسى الذى أتمنى أن يُسمى باسمه برنامج تكافل، فهذا حق مثل كل من سبقه من الرؤساء، وضمّت تحت قيادة «المصيلحى» وزارة التموين والتجارة الداخلية (ولعل التجارة الداخلية لمن لا يعرف أهم وأنفع من التموين، وإن كانت مشكلات التموين تغطى على أهمية تنظيم التجارة الداخلية)، ولتنظيم التجارة الداخلية هناك هيئات متفق عليها، منها جهاز حماية المستهلك وقانونه، وجهاز حماية المنافسة وقانونه، وجهاز منع الاحتكار وقانونه، ولهذه القوانين الثلاثة التى نامت فى الثلاجة بعد أحداث يناير أهمية قصوى فى القضاء على ظاهرة جشع التجار فى التسعير المبالغ فيه (مع رفضى لعودة التسعيرة)، والقضاء على احتكار مستورد سكر أو دقيق أو شاى لسلعة دون غيره، ثم القضاء على الغش لحماية المستهلك من أكل لحم الحمير أو لحم الكلاب.
وهذا دور حيوى لحماية الوزارة والتجارة الداخلية، ونعود إلى الوزارة التى أنشئت فى بريطانيا فترة الحرب العالمية الثانية ثم ألغيت، وأنشئت فى مصر أوقات حروب لم تنتهِ إلا بعد حرب أكتوبر التى قال عنها «السادات» إنها آخر الحروب، لكن الحروب توقفت والوزارة انتصرت فى معركة البقاء حتى الآن فى عصر السلام المستقر مع العدو الإسرائيلى!!
وباعتبار أن وزارة التموين أصبحت قضاءً وقدراً لا يستطيع رئيس جمهورية إلغاءها، إلا إذا عاد الضمير للتجار والمستوردين وتجار الجملة والتجزئة والمنتجين الصغار والكبار، وهو أمل مستحيل، وطالما أن الضمير فى مصر غائب، فإن الوزارة لن تغيب عن وجع ضمير كل رئيس جمهورية ورئيس حكومة ووزير، وهذا لُب الموضوع، الضمير الغائب عن أصحاب المخابز تسبّب فى انتشار ظاهرة «استكراد الدولة»، وهى ظاهرة كلما تظاهر بعض عشرات من المواطنين أمام محل جزارة أو فرن عيش أو محل بقالة، تتحرك بسرعة أجهزة الدولة «لعودة استقرار الدولة» بسرعة تلبية طلباتهم، وهذا ما حدث.
الدكتور على المصيلحى، وهو رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، اكتشف عدة عوامل، أعتقد أفضل تسمية لها هى «استكراد الدولة»، وهو نوع من الفساد غير المقنن تحت اسم حماية قوت الشعب منها:
1 - استكراد الدولة فى توريد القمح المخزن والمستورد بدلاً من المنتج زراعياً هذا العام (قضية فساد القمح).
2 - استكراد الدولة فى حصول صاحب الفرن على 5000 - 3000 رغيف، بحجة أن البطاقات لم تصل، أو ورقية، أو غير صالحة، فتصدر لها الدولة الهبلة «كارت ذهبى»، من أجل رغيف العيش لكل من يريد استكراد الدولة، وإلا فإن المظاهرات جاهزة فوراً، وحسب حديث عمر الحينى خبير المطاحن والقمح بالتليفزيون: ما يقرب من 12 مليار جنيه قيمة استكراد الكارت الذهبى.
3 - استكراد الدولة فى ما يُسمى «صندوق دعم التصدير» الذى تذهب أمواله إلى جيوب كبار رجال الرأسمال المنفوخة بالأموال المنهوبة من الشعب.
4 - استكراد الدولة فى دعم الدولار لصالح المستورد الذى يستورد أعلى السلع والديكورات والفخفخة، ويا ليت لاستيراد معدات وآلات، بل إن الدولة تضع العراقيل أمام استيراد المعدات الأصلية والمكملة للصناعات، فضلاً عن فضيحة استيراد المواد الخام فى مصر بنسبة تصل إلى أكثر من 80% كان أكبر فضائحها المواد الخام لصناعة النسيج فى بلد كان مشهوراً بأنه بلد زراعى وليس صناعياً، فأصبح بلا زراعة ولا صناعة.
5 - استكراد الدولة فى البناء على الأراضى المملوكة للدولة، ثم يضطر الرئيس السيسى لأن يشكل لجنة رئاسية برئاسة مساعد رئيس الجمهورية، الرجل النشيط والواعى إبراهيم محلب، لاسترداد أراضى الدولة المستكردة من المواطنين الذين استكردوها، فى ظل عدم الاستقرار، فإذا حاولت أجهزة الدولة استرداد الأراضى المستكردة هدّدها المواطنون بالمظاهرات أو الضرب أو الاعتداء على الأجهزة التى تسعى للاستقرار بالقوة وليس بالخضوع.
6 - استكراد الدولة فى دعم وقود مصانع الأسمنت التى تكسب 400 جنيه فى الطن، أو صناعة الحديد التى تكسب 1500 جنيه فى الطن، فإذا تحركت أسعار الوقود قالوا إن السلع سيرتفع ثمنها.
ولقد كتبت أكثر من 25 مجالاً يستكرد فيها المواطن الدولة، منها الكهرباء والمياه، لكننى توقفت لأن المقال سيحتاج إلى صفحة كاملة على الأقل، وأعلم مدى ازدحام جريدة «الوطن» بالتحقيقات والخبطات الصحيفة التى تنشرها يومياً، آخرها تحقيقات «الرى، والصحة، والقمامة، وجمهورية إمبابة، وأهمها فى نظرى التحقيق الصحفى مع رئيس جهاز مكافحة الإرهاب بالعراق الذى شعرت من خلاله بأن العراق الدولة بدأ يعود رغم أنف الأمريكان.
وختاماً..
فإن على المصيلحى فعل ما يجب أن يفعله كل وزير فى مجال عمله، وهو وقف ظاهرة استكراد الدولة التى استمرت أكثر من 60 عاماً تحت مسمى استقرار الدولة، وهو فى الحقيقة استكراد للدولة حتى إن هذه الدولة عيّنت 1٫5 مليون موظف بعد أحداث يناير لتأكل المرتبات الحكومية 40% من الموازنة فى أكبر ظاهرة استكراد مالى من شعب لحكومته؟.
ملحوظة: حاولت أن أعرف معنى كلمة «استكراد» بالعامية المصرية، ومن أى مصدر مشتقة، هل هى من الأكراد ومفردها كرد أم من القرود ومفردها قرد، أى لا تنتهى ألاعيبه، ويبدو أن هذا ما قصده المصريون من اختراع هذه الكلمة العجيبة التى تعنى استعباط طرف لطرف آخر، وكلاهما يعلم أن أحدهما يستعبط والآخر عبيط، لكنهما مستمران فى الحفاظ على الحالة، فإذا حاول أحدهما وقف الاستعباط، قامت الدنيا ولم تقعد؟