كفر الشيخ تنقسم: شريان الحياة لسكان القرى.. وأبناء المدن: «عامل زحمة»

كتب: سمر عبدالرحمن

كفر الشيخ تنقسم: شريان الحياة لسكان القرى.. وأبناء المدن: «عامل زحمة»

كفر الشيخ تنقسم: شريان الحياة لسكان القرى.. وأبناء المدن: «عامل زحمة»

قبل سنوات قليلة، كان وجود «التوك توك» فى مصر شيئاً غريباً، لكنه تحول فى وقت بسيط إلى وسيلة مواصلات مهمة وسريعة، خاصة فى الأماكن التى تفتقد وسائل المواصلات كالقرى، أصبح التوك توك أهم وأسرع وسيلة مواصلات يستخدمها المواطنون لتوصيل الأطفال والتلاميذ لمدارسهم، وقضاء احتياجات الأسر من أسواق القرى، لكن له مساوئ عديدة كارتكاب العديد من الحوادث لعدم قيام سائقيه بترخيصه وتركه للصبية الصغار يقودونه.

فى كفر الشيخ «التوك توك» له وضع خاص، لأن المحافظة ريفية وتفتقد وسائل المواصلات الآمنة داخل مدنها وقراها خاصة «النائية»، ومع عدم وجود «سرفيس» أو تاكسى داخل معظم مدن كفر الشيخ فإنه يعد الوسيلة الوحيدة، حيث إن مدينتى كفر الشيخ ودسوق فقط هما اللتان يوجد بهما تاكسى وسرفيس، أما باقى المدن فتعتمد على التوك توك، أبناء المدينتين يرفضون وجوده وسبق أن نظم سائقو التاكسيات وقفات احتجاجية اعتراضاً عليه، ما أدى لقيام إدارة المرور بعمل حواجز «إسمنتية» على مداخل مدينة كفر الشيخ وإرغامه على الوجود فى أماكن معينة كغرب المدينة ومنطقة السوق والقنطرة البيضاء، لكنها لم تستطع تحجيمه داخل مدينة دسوق.

{long_qoute_1}

أحمد سلامة، سائق توك توك، يعيش فى إحدى قرى كفر الشيخ، يؤكد أنه اشتراه منذ 4 سنوات بعد فشله فى الحصول على وظيفة حكومية عقب تخرجه فى كلية الدراسات الإسلامية عام 2010 ليستطيع الإنفاق على أسرته، مضيفاً أنه يعد الوسيلة الأهم بالنسبة لأبناء القرى فى الذهاب إلى مشاويرهم ولانخفاض أجرته عن السيارات العادية، قائلاً بروح مشاوير داخلية بين القرى وبعضها وأقصى أجرة حصلت عليها 50 جنيهاً بعد الانتقال بالزبائن من إحدى قرى مركز الرياض لأخرى فى الحامول.

ويضيف «سلامة»: «بخاف أمشى داخل المدن حتى لا يتمكن ضباط وأفراد المرور من الإمساك به وتغريمى أكثر من 2000 جنيه»، لافتاً إلى أنهم يكتفون بالعمل على الخطوط الداخلية للقرى وإنهاء المشاوير القريبة: «أجرة التوك توك 2 جنيه داخل القرية ولما بروح مشوار ربنا بيرزقنى وبقدر أصرف على طفلتى شهد وجنا، بدل الجلوس على القهاوى وانتظار الوظائف».

{long_qoute_2}

بينما يؤكد رضا ملاك، أحد سائقى التوك توك، أنه لم يكن له حظ وفير من التعليم، ووجد نفسه دون عمل، فقام بشراء توك توك والعمل عليه واستطاع توفير نفقات أسرته من خلال العمل عليه، موضحاً أن لديه 3 تلاميذ بالمرحلة الابتدائية ويقوم بتوفير نفقاتهم من شغل «التوك توك»، قائلاً: «التوك توك لو تم ترخيصه بينزل من ثمنه أثناء البيع، أما لو فضل من غير ترخيص بيتباع بثمن عالى».

ويضيف «ملاك»: «أنا اشتريت التوك توك من عامين بـ25 ألف جنيه ولم أقم بترخيصه رغم امتلاكى لمستندات ملكيته، لعدم انخفاض ثمنه ولأننى أعمل به داخل القرية «خط داخلى»، أما السائقون الذين يعملون داخل المدن فلا بد من ترخيص مركباتهم لتحديد مرتكبى الجرائم المختلفة»، قائلاً: «بسمع عن حوادث قتل وسرقة كتير من ورا التكاتك غير المرخصة، بس كمان فيه تعقيدات فى الترخيص وبندفع تأمينات وضرائب بجانب رسوم فى المرور».

إكرامى على، أحد أبناء مدينة دسوق، يؤكد أن انتشار التوك توك فى المدينة تسبب فى أزمة كبيرة، خاصة فى الشوارع الرئيسية، إضافة إلى الازدحام الذى يسببه سائقوه، خاصة أن أكثرهم من الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم الـ10 أعوام، ويقومون بمزاحمة السيارات والتاكسيات ما يتسبب فى وقوع حوادث يومية، لافتاً إلى أنه لا بد من تقنين أوضاعهم ووضع ضوابط لسائقيهم واستخراج تراخيص لهم ورخص قيادة، مطالباً بمعاملتهم مثل السيارات.

ووصف حسام أحمد، أحد أبناء كفر الشيخ، التوك توك بـ«الصداع» الذى يتسبب فى أذى المواطنين وإزعاجهم، خاصة أن من يقوده صبية صغار يقومون بتشغيل الأغانى الرديئة بأصوات عالية أثناء وقوفهم أو سيرهم فى الشارع مما يُعلم أطفالنا أشياء سيئة، مشيراً إلى أنه لا بد من منع التوك توك من داخل المدن واقتصار عمله على القرى التى لا توجد بها مواصلات قائلاً: «دول بقوا زى النمل فى الشوارع وممكن وانت ماشى بعربيتك توك توك يزنق عليك يخبطك وماتعرفش هو أى واحد فيهم».

وطالب «حسام» بضرورة ترخيص التكاتك ووضع ألوان معينة عليها خاصة بالمناطق بحيث لا يخرج التوك توك من منطقته المحددة، وبالتالى سيحد من الزحام، إضافة إلى معرفة الإمساك بهم حال حدوث أى حوادث، مثل سيارات «التاكسى»، لافتاً إلى ضرورة التسهيل فى إجراءات الترخيص وتشجيع أصحابهم على ذلك وعمل رقابة على محلات وشركات بيع التوك توك بإلزامهم بإجبار صاحب التوك توك على الترخيص عند البيع. وبرغم عيوب ومساوئ التوك توك إلا أن هناك نموذجاً جيداً بكفر الشيخ، وهو لطفلة فى الثانية عشرة من عمرها تعمل سائقة توك توك لتستطيع توفير نفقات أسرتها ومساعدة والدها، سهام أحمد، أو «شاكيرا» كما تحب أن يناديها الزبون، تستيقظ مبكراً وتغيب من مدرستها بقرية إبشان التابعة لمركز بيلا، أحياناً، لتعمل سائقة توك توك وتساعد والدها «طريح الفراش».

وتؤكد «سهام» أو «شاكيرا»، أن «التوك توك» وسيلة مواصلات للكثير من المواطنين كغيره من الوسائل الموجودة، والتى قد يسىء الإنسان أو يحسن استغلالها، موضحة أن هناك الكثير من الحوادث تقع بسبب السيارات أيضاً، وأن إجراءات ترخيص التوك توك تختلف كثيراً عن المركبات الأخرى لذا يلجأ أصحابه لعدم ترخيصه، خاصة أن هناك رسوماً يتم دفعها. وأضافت قائلة: «لازم يكون فيه تقنين أوضاع، خاصة فى المدن بسبب حدوث حوادث كثيرة، أما القرى كلنا عارفين بعض والتكاتك معروفة، فيستطيع الاهل والجيران معرفة صاحب من ارتكب المخالفة أو المعاكسة من سائقى التوك توك، لكن فى الكدينة صعب»، أوضحت «شاكيرا» قائلة: «التوك توك بيصرف عليا أنا وإخواتى وبيجيب علاج أبويا، إحنا لا نملك من حطام الدنيا شيئاً سواه، فهو يساعدنا على توفير نفقاتنا وأموال دروسى»، لافتة إلى أنها تتعرض لمضايقات لكن هناك الكثير يساعدونها من خلال الاستعانة بها لتوصيلهم من مكان لآخر. وتابعت قائلة: «لا أقوم بتشغيل الأغانى خوفاً على راحة الزبائن (بربى زبون)، وبختار الزبون الكويس علشان ميضايقنيش».


مواضيع متعلقة