أسباب براءة رئيس نيابة الهرم السابق من تهمة "حرق الأحراز": القضية خلت من دليل معتبر يدينه

أسباب براءة رئيس نيابة الهرم السابق من تهمة "حرق الأحراز": القضية خلت من دليل معتبر يدينه
- أشياء ثمينة
- أعضاء النيابة العامة
- إدارة الترحيلات
- إضرام النيران
- ارتكاب الجريمة
- الأمن العام
- الأمن الوطني
- التجمع الخامس
- السادس من أكتوبر
- أبناء
- أشياء ثمينة
- أعضاء النيابة العامة
- إدارة الترحيلات
- إضرام النيران
- ارتكاب الجريمة
- الأمن العام
- الأمن الوطني
- التجمع الخامس
- السادس من أكتوبر
- أبناء
فصلت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بالتجمع الخامس، حيثيات حكمها الصادر يوم 16 فبراير الماضي، برئاسة المستشار محمد منصور حلاوة وعضوية المستشارين محمد عمر الأنصاري وأشرف الجميل بحضور عمر رجب وكيل النيابة، والذي يقضي براءة المستشار محمد أبو الحسب رئيس نيابة الهرم السابق من إتهامه بالتحريض على حرق مخزن أحراز النيابة، وبسجن كل من المتهمين بلال عادل محمد أحمد وناصر أبو الوفا عبد الشفيع، لمدة خمس سنوات مشدد، وكذا بمعاقبة محمد سلطان ناجى بالحبس مع الشغل سنة ومصادرة أداوات الجريمة، وقالت المحكمة إن أوراق القضية خلت من دليل معتبر يصح إدانة المتهم محمد على أبو الحسب، على مقتضاه ومن ثم فقد تعين القضاء ببراءته من التهمة المسندة إليه.
وشرحت المحكمة في حيثيات حكمها، وقائع الدعوى بقولها إن المتهم بلال عادل محمد أحمد تربطه صله وطيدة بالمتهم الأول محمد على أبو الحسب رئيس نيابة الهرم الجزئية منذ سنين عددا، فهما أبناء بلده واحدة بمحافظة الفيوم كما تربطهما علاقة أسرية، فقد كان الأول قائماً على خدمة الثانى وتلبية حوائجه حين حاجته إليه وعقب انتقال المتهم الأول رئيساً لنيابة الهرم الجزئية منذ 1اكتوبر2015 بحث له عن مسكن بالقرب من مقر النيابة وقام بتأثيثه بناءا على طلب المتهم الأول، وكان يتردد عليه بمقر عمله بصفة مستمرة ومن خلال هذا التردد تعرف على المتهم الرابع محمد سلطان ناجى المكلف بتأمين مبنى النيابة والمجند محمود سعيد على المعين لخدمة مكتب أعضاء النيابة وعلم بوجود مخزن للاحراز بمقر النيابة يشتمل على أشياء ثمينة كأسلحة وهواتف غالية الثمن ومشغولات ذهبية ولحاجته الملحة إلى المال لسداد قسط سيارته الجديدة الذي يبلغ 10 آلاف جنية شهرياً فكر ملياً في طريقة لسرقة هذه الأحراز وقبل نحو شهرين من ارتكاب الواقعة توجه إلى مقر النيابة ومعه صديقه المتهم ناصر أبو الوفا عبد الشفيع لتغيير زجاج مكتب رئيس النيابة فعرف أن مبنى النيابة مراقب بكاميرات مراقبة وأن جهاز تسجيل هذه الكاميرات موجود بمكتب رئيس النيابة وعرض على المتهم الثالث فكرته في سرقة الأحراز غالية الثمن لقاء مبلغ عشرة آلاف جنية فوافقه شريطة أن يحصل منه على مبلغ عشرين ألف جنية وأتفقا على ارتكاب الواقعة حالة خلود حرس المحكمة للنوم ولتردد المتهم الثالث خشية قتلهما بمعرفة حرس النيابة إذا تم ضبطهما فكرا في خطة بديلة هي أن يقوم المتهم الثاني باستدراج حرس النيابة بدعوتهما على العشاء على أن يقوم المتهم الثالث بدخول مبنى النيابة عن طريق شباك دورة المياه بالدور الأرضي وبحوزته عتلة حديدية لكسر أبواب الحجرات الموصدة وزجاجتين من مادة البنزين وتوجهاً سوياً قبل الحادث لمعاينة مبنى النيابة وتحديد مكان الدخول والخروج من المبنى واستقرا على خطتهما باعتبار أن نافذة دورة المياه بالدور الأرضي خلف المبنى لا يوجد بها عقارات مسكونة وأن يدلف منها المتهم الثالث بعد كسرها بالعتلة التي أحضرها معه من الفيوم ثم يصعد حيث مكتب رئيس النيابة ويكسر بابه بذات العتلة ويأخذ جهاز تسجيل الكاميرات ثم يصعد إلى الدور الرابع الموجود به مخزن الأحراز ويحطم بابه ويستولى على الأحراز الثمينة من هواتف محمولة ومشغولات ذهبية ثم يقوم بإضرام النيران في مخزن الأحراز بأكمله وقبل يوم من الحادث هاتف المتهم الثانى المتهم الثالث وتواعدا على اللقاء بشقة المتهم الثانى المواجهة لمبنى نيابة الهرم يوم الجمعة والتقيا حيث اتفقا وقد حمل المتهم الثالث معه عتلة حديدية أحضرها معه من بلدته وزوده المتهم الثاني بزجاجتين من سائل البنزين بداخل حقيبة لاب توب ، وتوجه الأخير لاستدراج حرس النيابة بينما كان المتهم الثالث يراقب الحالة من شرفة مسكن المتهم الثاني المطلة على مبنى النيابة وعقب استدراج المتهم الثاني للمتهم الرابع والمجند محمود سعيد على بدعوتهما على وجبة العشاء بأحد المطاعم بمدينة السادس من أكتوبر تبادل المتهمين الاتصال الهاتفي لتنفيذ جريمتهما فغادر المتهم الثالث المسكن وبحوزته العتلة الحديدية وزجاجتي البنزين ودلف إلى مبنى النيابة من شباك دورة المياه الخلفي وتوجه إلى مكتب رئيس النيابة وكسر باب الغرفة واستولى على جهاز تسجيل كاميرات المراقبة ولعدم اتساع حقيبة اللاب توب له حمله وصعد إلى حيث مخزن الأحراز وحطم بابه بالعتلة الحديدية فلم يجد شيئاً ثميناً يمكن سرقته فألقى بداخله بجهاز تسجيل الكاميرات وسكب سائل البنزين بداخل غرفة الأحراز وأضرم فيها النيران فأتت على جميع الأحراز المودعة بالغرفة ثم غادر المبنى حيث دخل وهاتف المتهم الثاني مقررا له بتنفيذ الجريمة ثم التقيا في مسكن المتهم الثاني بالحي السادس بمدينة أكتوبر بعد أن تخلص المتهم الثالث من العتلة الحديدية بإلقائها في مكان مظلم وحمل معه حقيبة اللاب توب إلى أن قبض عليه في شقة المتهم الثاني وتم ضبط حقيبة اللاب توب وجركن به مادة البنزين ، وبضبط المتهمين أقرا بمحضر الضبط بارتكاب الواقعة ، كما اعترفا تفصيلاً في تحقيقات النيابة العامة بأنهما خططا ونفذا جريمة حرق مبنى نيابة الهرم بقصد سرقة الأحراز.
وتلتفت عن عدول المتهم بلال عادل محمد، عن الاعترافات لعدم اطمئنانها إلى صدقه واستقامته فيما أدلي به من أقوال تتناقض مع اعترافه بجلسة تحقيق الأول من يونيو 2016، وتري أنه أدخل الكذب على روايته الأولي وأراد بعدوله إثارة الشك والريبة لدي سلطتي التحقيق والمحاكمة، وتعول على اعتراف المتهم في تحقيقات النيابة العامة، كدليل عليه وعلى المتهمين الآخرين ناصر أبو الوفا عبد الشفيع ومحمد سلطان ناجي.
وأشارت المحكمة إلى أن الأمر الذي لا مراء فيه أن المتهم موظفاً عاماً – مساعد شرطة بهيئة الشرطة المدنية – وأنه من قوة إدارة ترحيلات أكتوبر المنوط بها تأمين وحراسة مقر نيابة الهرم الجزئية وقد أوكلت إلي المتهم تأمين وحراسة مقر النيابة المذكور وسلحته بسلاح ناري وذخائره وخصصت له غرفة بمقر النيابة لتسهيل عمله وقضاء حوائجه فما كان له أن يغادر مقر حراسته دون إخطار إدارة الترحيلات لتتخذ شئونها نحو تعيين بديلاً له أما وقد ترك محل خدمته دون سبب مقبول فسهل للمتهمين إرتكاب جريمتهما بتسلق مبني النيابة وإتلاف أبوابه الموصدة والعديد من الأجهزة التي تقع في ملكية الجهة التي يتصل بها بحكم وظيفته ومنها ما يقع في ملكية أحد أعضاء النيابة العامة فضلاً عن إضرام النيران في مخزن الأحراز مما أدي لفقدها جميعاً وهي تتعدي الآلاف وتتعلق بها حقوق المواطنين متهمين كانوا أم مجني عليهم ولها قيمة كبيرة مادية
كانت أم أدبية لتعلقها بحقوق الدولة وهيبتها وحقوق مواطنيها هذا فضلاً عن الضرر المادي الذي تقدر قيمته بآلاف الجنيهات، ولما تقدم تضحي أركان الجريمة المؤثمة بنص المادة 116(أ) من قانون العقوبات قد توافرت في حق المتهم /محمد سلطان ناجي.
ومن حيث أن النيابة العامة اتهمت:
ــ محمد على أبو الحسب
بأنه في يوم 27/5/2016م بدائرة قسم أكتوبر ثان محافظة الجيزة.
ــ بصفته موظفاً عمومياً - رئيس نيابة الهرم الجزئية – إشترك بطريق التحريض والإتفاق والمساعدة مع المتهم الثاني – الذي قضي بإدانته – في وضع النار عمداً في مال ثابت ومنقول مملوك للجهة التي يعمل بها بأن حرضه واتفق معه على وضع النار بمخزن المضبوطات وساعده على ذلك بأن دله على مخزن المضبوطات فقام المتهم الثاني بتحريض المتهم الثالث – الذي قضي بإدانته – والإتفاق معه ومساعدته على تنفيذ الجريمة فقام المتهم الثالث بوضع النار في المخزن فوقعت الجريمة بناءاً على هذا التحريض وذلك الإتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات.
ــ أضر عمداً بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها بأن إرتكب الأفعال المبينة بوصف التهمة الأولي فتحقق ضرراً تمثل في حرق جميع المضبوطات الموجودة بالمخزن والمثبته وصفاً وقدراً بالأوراق على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالته إلي هذه المحكمة لمعاقبته بالمواد 40 ، 41/1 ، 116مكررا ،117مكررا ، 118 ، 119 (أ) ، 119مكررا(أ) ، 253 من قانون العقوبات.
وقد ارتكنت النيابة العامة في إثبات ذلك إلي – أقوال المتهم الثاني/بلال عادل محمد أحمد بجلسة تحقيق 4/6/2016م ، وما شهد به كلاً من الرائد/أحمد محمد على بقطاع الأمن الوطني ، والعقيد/ مصطفي كمال عبد العظيم بمباحث مصلحة الأمن العام.
فقد قرر المتهم الثاني/ بلال عادل محمد أحمد برغبته في إبداء أقوالاً جديدة والعدول عن اعترافاته بجلسة تحقيق 1/6/2016م وقال بجلسة 4/6/2016م أنه ارتكب الواقعة محل الدعوي بالإشتراك مع المتهم الثالث/ ناصر أبو الوفا عبد الشفيع بناءاً على تحريض.
من المتهم الماثل محمد على أبو الحسب رئيس نيابة الهرم الجزئية واتفقا على ذلك وإضرام النيران بمخزن احراز النيابة العامة بداعي أن أحد الضباط محل اهتمام المتهم الماثل قد سرق بعض الأحراز ولو ظهرت الحقيقة سيفقد مستقبله الوظيفي – فقام هو بتحريض المتهم الثالث واتفق معه على سرقة الاحراز الثمينة من داخل مخزن الأحراز وإضرام النيران فيه كي يبدو الأمر وكأنه ماس كهربائي وساعده بأن أخبره بمداخل ومخارج النيابة ومكان مخزن المضبوطات وأن يقوم هو باستدراج المتهم الرابع محمد سلطان ناجي المكلف بتأمين مقر النيابة وذلك بدعوته على العشاء ليبعده عن محل حراسته ليتمكن المتهم الثالث بذلك من الدلوف إلي مقر النيابة عن طريق كسر نافذة دورة المياه الكائنة بالدور الأرضي وكذا الأبواب المؤدية إلي مخزن المضبوطات ووضع النار في المخزن بعد سرقة الأحراز الثمينة.
وشهد الرائد أحمد محمد على – بقطاع الأمن الوطني – أن تحرياته السرية توصلت إلي قيام المتهم الماثل بالإستيلاء على بعض الأحراز من مخزن المضبوطات وحرض المتهم الثاني واتفق معه على وضع النار في مخزن النيابة لإخفاء معالم جريمته مقابل حصول الأخير على مبلغ مالي.
وشهد العقيد مصطفي كمال عبد العظيم – بإدارة المباحث الجنائية بمصلحة الأمن العام – بمضمون ما شهد به سلفه بشأن دور المتهم الماثل في الجريمة محل الدعوي.
ومن حيث إنه إذ سئل المتهم محمد على أبو الحسب - في تحقيقات النيابة العامة أنكر ما أسند إليه.
وبجلسة المحاكمة حضر وأعتصم بالإنكار والدفاع الحاضر معه التمس القضاء ببراءته مما أسند إليه.
ومن حيث إنه من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وأن سلطتها مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك ما دامت قد اطمأنت إلي صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع، كما أن لها أن تعول على ما يتضمنه محضر جمع الاستدلالات من اعترافات ما دامت قد اطمأنت إليها بما في ذلك محضر ضبط الواقعة
لما كان ذلك ، وكانت المحكمة – على النحو المار – تطمئن ويطمئن وجدانها واستقرت قناعتها لاعترافات المتهم الثاني/ بلال عادل محمد أحمد بمحضر جمع الاستدلالات وفي تحقيقات النيابة العامة بجلسة تحقيق 1/6/2016م في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين الثالث والرابع ، إذ تتفق اعترافاته في مادياتها وتفصيلاتها مع اعترافات المتهم ناصر أبو الوفا عبد الشفيع بذات جلسة تحقيق 1/6/2016م وقد تأيدت هذه الاعترافات بما انتهت إليه تحريات الشرطة وأقوال القائمين عليها وهم الشهود الثالث والرابع والخامس والسادس وما اطمأنت إليه من أقوال الشاهدين الأول والثاني في شأن المتهمين جميعاً عدا ما دلتا إليه في تحرياتهما وأقوالهما في التحقيقات بشأن المتهم الماثل – كما أن المحكمة لا يستريح وجدانها لأقوال المتهم الثاني عادل بلال محمد أحمد في شأن دور المتهم الماثل في الواقعة من أنه حرضه على ارتكاب الجريمة محل الدعوي إذ أن هذا القول قد جاء مرسلاً لا دليل معتبر عليه ، ولا تأبه به المحكمة فقد أدخل الكذب على روايته الأولي بإقحام المتهم الماثل في أتون الاتهام لإثارة الشك والريبة لدي سلطتي التحقيق والمحاكمة فضلاً عما أكتنف هذا العدول من ظلال كثيفة من الشكوك والريب ؛ ولا يقدح في ذلك ما ورد بتحريات الرائد أحمد محمد على ، والعقيد مصطفي كمال عبد العظيم من وجود تواطئ واتفاق وتحريض بين المتهم الماثل والمتهم الثاني على حرق مخزن الاحراز لإخفاء جريمة الاستيلاء على بعض هذه الأحراز، لأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون دليلاً بذاته أو قرينة بعينها على ثبوت التهمة – ولا ينال من سلامة ما انتهت إليه المحكمة اطمئنانها إلي التحريات بالنسبة للمتهمين الذين قضي بإدانتهم واطراحها بالنسبة للمتهم الماثل/ على محمد أبو الحسب لعدم اطمئنانها إليها ، لما هو مقرر من أن تقدير الأدلة بالنسبة إلي كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها ؛ وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلي متهم وعدم اطمئنانها إلي ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر ، لما كان ذلك ، وكان الأصل في كل اتهام أن يكون جاداً ، ولا يتصور أن يكون الإتهام بالتالي عملاً نزقاً تنزلق إليه النيابة العامة تتبسرعها أو تفريطها ، وكان من البديهي أن الاتهام بالجريمة ليس قرين ثبوتها، ولا يعدل التدليل عليها ، وكان الاتهام ولو قام على أسباب ترجح معها إدانة المتهم عن الجريمة، لا يزيد عن مجرد شبهة لم تفصل فيها محكمة الموضوع بقضاء جازم لا رجعة فيه سواء بإثباتها أو نفيها ؛ وكان افتراض البراءة لا يقتصر على الحالة التي يوجد الشخص فيها عند ميلاده ،بل يمتد إلي مراحل حياته حتي نهايتها، ليقارن الأفعال التي يأتيها، فلا ينفصل عنها باتهام جنائي أياً كان وزن الأدلة التي يؤسس عليها، وكان افتراض البراءة يمثل أصلاً ثابتاً يتعلق بالتهمة الجنائية من ناحية إثباتها ، وليس بنوع العقوبة المقررة لها، وكان هذا الأصل كامناً في كل فرد سواء أكان مشتبهاً فيه أم متهماً باعتباره قاعدة جوهرية أقرتها الشرائع جميعها – لا لتكفل بموجبها الحماية للمذنبين – ولكن – لتحقق بموجبها أصلاً شرعياً مؤداه أن الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة التي يتعين درؤها عن كل فرد تكون التهمة الموجهة إليه مشكوكاً فيها أو مبناها أدلة لا يجوز قبولها عقلاً أو قانوناً ، وكان الإتهام الجنائي – على نحو ما سلف – لا يزحزح أصل البراءة ولا ينقض محتواه ، بل يظل هذا الأصل مهيمناً على الدعوي الجنائية ، بل قائماً قبل تحريكها ومنبسطاً على امتداد مراحلها وأياً كان زمن الفصل فيها.