خريطة الاستثمار الأجنبى: الأمريكيون والبريطانيون يسيطرون على أسواق الطاقة والسجائر والفرنسيون والإيطاليون والألمان فى الطريق.. والشركات الخليجية تحتل موقعاً متميزاً

كتب: صالح إبراهيم

خريطة الاستثمار الأجنبى: الأمريكيون والبريطانيون يسيطرون على أسواق الطاقة والسجائر والفرنسيون والإيطاليون والألمان فى الطريق.. والشركات الخليجية تحتل موقعاً متميزاً

خريطة الاستثمار الأجنبى: الأمريكيون والبريطانيون يسيطرون على أسواق الطاقة والسجائر والفرنسيون والإيطاليون والألمان فى الطريق.. والشركات الخليجية تحتل موقعاً متميزاً

لفتت الإجراءات التى اتخذتها الحكومة الحالية فى إطار برنامج «الإصلاح الاقتصادى»، أنظار المستثمرين الأجانب على وجه التحديد، خصوصاً بعد قرار «تعويم الجنيه» فى 3 نوفمبر الماضى، وهو القرار الذى يتوقع كثيرون أن يسهم فى جذب استثمارات أجنبية، نظراً لانخفاض قيمة الجنيه، فى الوقت الذى تشهد فيه الساحة المصرية تحركات واضحة من جانب المستثمرين الأجانب على اختلاف جنسياتهم، لاستكشاف فرص الاستثمار بعد تلك الإجراءات، ما يوحى بأن ثمة تغييرات مقبلة على خريطة الاستثمار فى مصر.

صحيح أن تلك الخريطة لن تشهد تغييرات جذرية فى ظل وجود مستثمرين تقليديين بريطانيين وأمريكيين وإيطاليين، إلا أن التحركات الحالية تؤكد أهمية تسليط الضوء على الاستثمارات القائمة وتوزيعها قطاعياً، حيث تمثل فى مجملها محور ارتكاز، أو بمعنى أدق «قصصاً ناجحة» لمستثمرين أجانب قد تمثل عنصر جذب لمستثمرين محتملين. {left_qoute_1}

زيادة معدلات الاستثمارات الأجنبية فى ذاتها تعد دليلاً قوياً على تحسن مناخ الاستثمار، وتعكس ثقة المستثمرين فى السوق، وهو ما بدا واضحاً فى الأشهر القليلة الماضية وعقب الانتهاء من مشروع قانون الاستثمار الجديد المزمع إقراره من قبل البرلمان خلال شهر، حيث أعلنت شركات عالمية عزمها العودة إلى مصر وضخ استثمارات جديدة، منها شركة «بريتش بتروليم» و«كوكاكولا» و«إينى الإيطالية» وغيرها.

وبحسب تقرير حديث لمركز دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، فإن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة داخل مصر خلال الفترة من 2007 حتى 2013، بلغ 72.6 مليار دولار، وكان قطاع البترول صاحب نصيب الأسد فيها بنحو 60%. وفى سبتمبر الماضى أعلنت وزارة الاستثمار أن صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر فى البلاد ارتفع بنسبة 7.2% خلال السنة المالية المنتهية فى يونيو الماضى، ووفقاً لبيانات الوزارة فإن صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر فى العام 2015/2016 بلغ نحو 6.84 مليار دولار ارتفاعاً من 6.38 مليار دولار فى السنة السابقة، محققاً ارتفاعاً بنسبة 7.2%.

قطاعياً، يُعد قطاع البترول صاحب النصيب الأكبر من الاستثمارات الأجنبية الجديدة، فوفقاً لما ذكرته وكالة «بلومبرج» الإخبارية، يُعد حجم الاستثمارات التى تعتزم شركتان بحجم «بريتش بتروليوم» البريطانية، و«إينى» الإيطالية، ضخها فى مصر خلال الفترة المقبلة، هو الأكبر مقارنة باستثمارات الشركتين الرائدتين فى مجال النفط، داخل أى دولة أخرى، خصوصاً بعد إعلان «إينى» عزمها ضخ استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار فى مصر على مدار الأعوام الخمسة المقبلة، كما ذكرت الوكالة أن إجمالى حجم استثمارات «بريتش بتروليوم» خلال العام الماضى فى مصر تخطى استثماراتها فى دول أخرى.

وتأتى «بريتش بتروليم» أو «بى بى» البريطانية على رأس الشركات المستثمرة فى مصر، فالشركة التى دخلت السوق المصرية منذ نحو 50 عاماً، تجاوزت استثماراتها 14 مليار دولار حتى 2005، وهو الرقم الذى ارتفع إلى 24 مليار دولار بعد أن توقفت عقب 25 يناير لمدة 3 سنوات، وإعلانها فى سبتمبر الماضى وعقب إعلان خارطة الطريق، عن ضخ 10 مليارات دولار جديدة لاستخراج الغاز الطبيعى خلال 5 سنوات ليبدأ الإنتاج فى العام الحالى.

وتأتى شركة «أباتشى» الأمريكية كثانى أكبر مستثمر أجنبى فى مصر، وهى موجودة فى السوق منذ نحو 16 عاماً ويبلغ إجمالى استثماراتها نحو 10 مليارات دولار، حيث أعلنت عن تخصيص 325 مليون دولار كاستثمارات للتنقيب عن البترول، ورغم إعلان الشركة فى وقت سابق عن بيع 33% من حصتها لشركة صينية إلا أنها لم تتخارج كلية من السوق المصرية.

الأمر ذاته ينطبق على شركة «كوكاكولا» الأمريكية التى رفعت استثماراتها فى مصر، وأعلنت فى أكثر من مناسبة عن استمرارها بالسوق وضخها نحو 500 مليون دولار فيه ضمن خطتها الاستثمارية.

وبعيداً عن قطاع البترول فإن استثمارات جديدة بدأت تتلمس طريقها إلى السوق المصرية، وربما كان أحدثها الاستثمارات الفرنسية، حيث أكد جان كريستوف نائب رئيس شركة بيجو الفرنسية، أن الشركة تتابع عن كثب إجراءات الإصلاح الاقتصادى فى مصر، وتنتظر صدور استراتيجية السيارات وقانون الاستثمار بشكله النهائى بعد إقراره من مجلس النواب، لاتخاذ قرارات الاستثمار بالسوق المصرية، التى تعتبرها إحدى أهم الأسواق الرئيسية لمنتجاتها، وكان ذلك على خلفية زيارة وزير التجارة والصناعة طارق قابيل الأخيرة إلى فرنسا. نفس الأمر فى شركة «ديكاتلون» الفرنسية، إحدى كبريات الشركات العاملة فى إنتاج الأدوات الرياضية، وتمتلك عدداً كبيراً من الفروع على مستوى العالم، إذ قالت الشركة إنها تسعى لضخ استثمارات جديدة فى مصر للتوزيع والإنتاج للسوقين المحلية والعالمية.

وتشير المعطيات الحالية إلى أن هناك استثمارات قد تأتى عبر شركات ألمانية، حيث يفكر مستثمرون ألمان فى إقامة مشروع فى مجال البتروكيماويات برأسمال يصل إلى 6 مليارات دولار فى محور قناة السويس، كما أن وفداً ألمانياً من شركة «مرسيدس» العالمية، يعتزم زيارة القاهرة الشهر المقبل، لبحث ضخ استثمارات فى المحور، من خلال إنشاء مركز لوجيستى يكون نقطة ارتكاز لمنتجات الشركة فى المنطقة.

ولم تقتصر الاستثمارات الإيطالية هى الأخرى على مجال البترول، إذ بدأت قطاعات أخرى تطرق أبواب القاهرة، ففى يناير الماضى قال باولو ميرالونى، رئيس مجلس شركة «أريستون» الإيطالية للأجهزة الكهربائية والإلكترونية، إن شركته تعتزم ضخ استثمارات جديدة لها فى مصر لتصنيع منتجاتها تلبية لاحتياجات السوق المصرية وللتصدير إلى الأسواق الخارجية، إذ يصل إجمالى مبيعاتها سنوياً إلى 1.4 مليار يورو، وتوزع منتجاتها فى 150 دولة.

وبالعودة إلى الوراء يمكن القول إن قطاع الاتصالات يتمتع بوضع خاص على خريطة الاستثمارات الأجنبية فى مصر، فشركة «اتصالات» الإماراتية تمثل أكبر استثمار أجنبى عربى فى سوق الاتصالات، منذ أن اشترت رخصة تشغيل المحمول بنحو 16 مليار جنيه فى 2006، تليها شركة «فودافون» البريطانية التى دخلت السوق عام 1998 تحت اسم «كليك»، ورصدت مؤخراً 9.5 مليار جنيه كاستثمارات فى السنوات الثلاث المقبلة.

وتأتى شركة «سامسونج» الرائدة فى مجال الإلكترونيات، كأبرز اللاعبين الأجانب على خريطة الاستثمار فى مصر وأحدثهم، حيث قررت دخول السوق فى 2012، بإنشاء مصنع لها فى منطقة كوم أبوراضى الصناعية بمحافظة بنى سويف، وبإجمالى استثمارات وصل إلى 1.5 مليار دولار، بينما وصل حجم استثمارات المرحلة الأولى فقط من المشروع لنحو 1.7 مليار جنيه.

وفى مجال الدخان وصلت الاستثمارات الأجنبية إلى سوق السجائر، وكانت أبرز الشركات فى هذا المجال «فيليب موريس» الأمريكية، و«بريتش أمريكان توباكو» البريطانية، ومؤخراً قررت شركة «جابان توباكو» اليابانية التى دخلت فى صفقة لشراء شركة أدخنة «النخلة» للمعسل بلغت قيمتها أكثر من 250 مليون دولار.

وعربياً تحتل الشركات الخليجية موقعاً متميزاً فى خريطة الاستثمارات الأجنبية، وبدا واضحاً تراجع المشروعات القطرية التى كان مزمعاً تنفيذها خلال فترة الإخوان، مقابل زيادة فى المشروعات الإماراتية والسعودية والكويتية، وخصوصاً فى تنمية قناة السويس.

ومن بين الشركات العربية الأشهر المستثمرة فى مصر تأتى مجموعة «الخرافى» الكويتية فى المقدمة، حيث تحظى بأهمية خاصة على خريطة الاستثمار المصرية، بسبب وجود الشركة فى مصر منذ أكثر من 30 عاماً، باستثمارات ضخمة تتجاوز الـ٣٨ مليار جنيه فى ٣٥ مشروعاً صناعياً وسياحياً، يعمل فيها أكثر من ٢٨٥ ألف مصرى بشكل مباشر.

وتحتل الإمارات المركز الثالث عالمياً ضمن المستثمرين فى مصر، والثانى عربياً بعد السعودية، حيث زادت استثماراتها عقب الإطاحة بنظام الإخوان، وثورة 30 يونيو.

ويبرز اسم مجموعة «الفطيم» العقارية على خريطة الاستثمارات الخارجية الوافدة لمصر، وأعلنت المجموعة قبل أسابيع عزمها ضخ استثمارات تصل إلى 19 مليار جنيه فى القاهرة بحلول عام 2019 من خلال مشروع «كايرو فستيفال سيتى» الذى يقام على مساحة 700 فدان.

حركة الاستثمار الإماراتى لم تقتصر على النشاط التجارى، فقد سبقت مجموعة «الفطيم العقارية» صفقة أخرى شهيرة تمثلت فى استحواذ بنك «الإمارات دبى» على بنك «بى إن بى باريبا مصر» فى صفقة وصلت إلى 500 مليون دولار، ما يعادل 3٫5 مليار جنيه.


مواضيع متعلقة