«معدية خشبية قديمة» آيلة للسقوط.. طريق أطفال عزبة «الشهاوية» إلى المدرسة

كتب: سمر عبدالرحمن

«معدية خشبية قديمة» آيلة للسقوط.. طريق أطفال عزبة «الشهاوية» إلى المدرسة

«معدية خشبية قديمة» آيلة للسقوط.. طريق أطفال عزبة «الشهاوية» إلى المدرسة

عبر معدية خشبية قديمة، آيلة للسقوط، يضعون أقدامهم بحذر للعبور إلى المستقبل، أعمارهم لا تتخطَ عشر سنوات، تجمعهم مدرسة ابتدائية واحدة تفصلها عن العزبة ترعة للرى، غياب المسئولين أجبر الأهالى على الاعتماد على أنفسهم لخلق طريق يصل بين القرية والمدرسة لعبور أطفالهم، فلم يكن هناك حل سوى إقامة معدية بدائية، تحولت مع مرور الأيام إلى مصدر خطر على حياة الأطفال.

{long_qoute_1}

اضطر أهالى عزبة «الشهاوية»، التابعة للوحدة المحلية بقرية الحمراء بمركز كفر الشيخ، إلى حمل أبنائهم على أكتافهم للعبور بهم فوق المعدية التى لا يتجاوز عرضها متراً، خوفاً من سقوطهم فى مياه الترعة، ليصلوا إلى الطريق ويستأنفوا رحلتهم، مستقلين «توك توك» إلى المدرسة، التى تبعد بنحو 3 كيلومترات عن القرية، وفى فصل الشتاء يجبر الأهالى على منع أبنائهم من الذهاب إلى المدرسة حال سقوط الأمطار.

ملامح الكتل السكنية فى تلك العزبة المنسية، تشبه السجن، بشر يعيشون بلا خدمات صحية أو مياه شرب نظيفة، وإذا مرض أحدهم، فإن احتمالية موته أكبر من احتمال النجاة، فسيارة الإسعاف لن تستطيع الوصول إليه، وإذا نشب حريق قد يطول منازل العزبة بأكملها فى حال عدم تمكن الأهالى من السيطرة على النيران وإخمادها، لأن سيارة الإطفاء لن تتمكن من دخول العزبة.

{long_qoute_2}

اللواء أحمد الشهاوى، ضابط سابق بالقوات المسلحة، وأحد أبناء العزبة، أكد أنها تقع على طريق ترابى غير ممهد، واضطر سكانها إلى إنشاء معدية خشبية لعبور الترعة، اختصاراً للطريق، ولعدم سير الأطفال والطلاب مسافة تتخطى أكثر من كيلومتر للوصول إلى المدرسة، مضيفاً «يوم وفاة شقيقى حملت جثته على كتفى وعبرت به على المعدية، علشان كنا فى الشتاء، والعربيات ماتعرفش تمشى على الطريق الترابى، كان مشهداً محزناً، إلى جانب أن الأطفال يذهبون إلى مدارسهم، محمولين فوق ظهور أمهاتهم وآبائهم، وعندما تم اعتماد كوبرى مشاة للعزبة أخذته بلدة أخرى تتمتع بجميع الخدمات بسبب تواطؤ بعض موظفى المحليات، وعندما جاء قائد الشرطة العسكرية ليقدم لى واجب العزاء قال لى ما هذا الطريق الذى تعيشون عليه». ولفت إلى أنهم أرسلوا شكاوى إلى كل الجهات المعنية دون جدوى.

وأضاف عطا محمد، أحد أبناء القرية، أنهم يعيشون بلا خدمات ولا تعليم ولا صحة، حيث يضطر المريض إلى انتظار الموت بسبب عدم استطاعة أسرته نقله عبر الطريق أو حمله للعبور به عبر المعدية الخشبية. وتابع «مفيش مسئول ينظر إلينا، مفيش حد يتحمل مسئولياته، رئيس القرية متعاطف معانا وبيقول إننا أحق بإنشاء كوبرى، ومسئولى المحافظة متواطئين، ومحدش بيعبرنا، نروح فين؟». الطفلة جنا أحمد، تلميذة بالصف الثانى الابتدائى، روت تفاصيل رحلتها إلى المدرسة، مشيرة إلى أنها تستيقظ مبكراً وتجهز أدواتها المدرسية وتضطر والدتها إلى حملها حتى تعبر المعدية للضفة الأخرى، خوفاً من سقوطها فى الترعة، ثم تستقل سيارة أو توك توك إلى مدرستها، مضيفة: «باخاف أغرق فى الترعة، وفى الشتا مش باروح المدرسة بسبب الأمطار وعدم تمهيد الطريق». وأضافت شيماء محمد جمعة، التلميذة بالصف الثالث الابتدائى، أنها أصبحت تكره المدرسة بسبب خوفها من السقوط فى الترعة وتضطر إلى الغياب أحياناً إذا مرضت والدتها التى تحملها وتعبر بها المعدية الخشبية، وتابعت قائلة: «مرة طفل من زمايلى تعرض للغرق بعد سقوطه من المعدية، لولا رجل كبير قفز فى الترعة وأنقذه قبل الغرق، علشان كده أمى بتشيلنى على ظهرها وتعدينى الضفة الثانية أركب توك توك أو عربية نص نقل وأروح مدرستى».

هناء على الشهاوى، سيدة تسكن بالقرب من المعدية، تطوعت لحمل الأطفال والتلاميذ، يومياً، إذا تغيبت أمهاتهم، مشيرة إلى أنها تستيقظ مبكراً لتحمل طفلتها وأطفال القرية على ظهرها والعبور بهم إلى الضفة الأخرى. وأضافت «الأطفال بيبقوا مرعوبين وأنا شايلاهم خوفاً من السقوط فى الترعة، لكن مالناش طريق تانى بنمشى على رجلينا لمسافة 3 كيلو علشان نوصل أول طريق وصعب أطفال فى الحضانة والمدرسة يمشوا مسافات طويلة».

وأكدت أن أهالى العزبة قصدوا كثيراً من المسئولين، دون أن يستجيب أحد لطلبهم بإنشاء كوبرى، لإنهاء عزلة العزبة عن باقى القرى، لافتة إلى أن عدم وجود مياه شرب فى العزبة يجبر النساء على عبور المعدية وجلب المياه فى الأوانى من القرية المجاورة. وتابعت «بعض الأهالى يرفضون إعطاءهم المياه بسبب استخدامهم عدادات كروت، وبيدفعوا فلوس كتير».

وأكد ياسر أحمد، من سكان العزبة، أنه تم تخصيص ميزانية لإنشاء كوبرى لإنهاء معاناة الأهالى، إلا أن تلاعب المسئولين فى المحليات، حال دون ذلك، حيث تم توجيه الميزانية لإنشاء الكوبرى بمدخل عزبة لبيب، بسبب الواسطة والمحسوبية. وأوضح عبدالعزيز جمعة، رئيس قرية الحمراء التى تتبعها عزبة الشهاوية، إن العزبة تستحق إنشاء كوبرى مشاة للحد من معاناة الأهالى، مشيراً إلى أنه عرض الأمر سابقاً على رئيس مركز ومدينة كفر الشيخ، وذهبت لجنة للمعاينة على الطبيعة، وبعد وعود فوجئ بعدم إدراج القرية ضمن القرى التى سيتم إنشاء كوبرى بمدخلها. وأضاف أن الأهالى يعانون فى العبور أعلى المعدية الخشبية، مؤكداً أن الوحدة المحلية ليست لها سلطة لإنشاء الكوبرى، ويقتصر دورها على عرض المشكلة مرة أخرى على رئيس المدينة لعرضه على المحافظ.


مواضيع متعلقة