«ميسى».. تهجير المصريين.. السياحة وفكر مختلف

نشوى الحوفى

نشوى الحوفى

كاتب صحفي

■ على الرغم من أهمية زيارة لاعب الكرة الشهير «ميسى» للقاهرة للترويج للسياحة العلاجية فى بلادى فيما يتعلق بمكافحة فيروس «سى»، واحتياجنا لتسويق وإعلان ما حققناه فى هذا المجال على مدار العامين الماضيين ليعلمه العالم، فإننا تعاملنا مع الزيارة بمنطق «فرح العمدة» دون إدراك لطبيعة المهمة الآتى لها ميسى. فغاب عن المنظمين ضرورة وجود ميسى فى أحد مراكز علاج فيروس «سى» وأمراض الكبد. وغاب عن المنظمين وجود ميسى فى إحدى شركات الدواء المصنع فى مصر لعلاج الفيروس، وغاب عن المنظمين أهمية تصوير لقاء بين ميسى وبعض من تم شفاؤهم من المرضى. نعم، تظل منطقة الأهرامات رمزاً وقيمة تاريخية وأثرية أجدنا استغلالها، ولكننا اعتمدنا كما هى عادتنا على الماضى فقط متجاهلين ما حققناه فى الحاضر ونسعى للوصول له فى المستقبل باعتراف منظمة الصحة العالمية التى وجهت الشكر لمصر فى سبتمبر الماضى لنجاحها فى القضاء على قوائم انتظار المرضى، وباعتراف منظمات الدواء العالمية التى أعلنت فى إسبانيا فى أبريل 2016 عن دواء مصرى مهم لعلاج أمراض الكبد وفيروس «سى» بثمن بسيط يكون متاحاً للجميع. تجاهلنا كل هذا وأسقطناه من حسابات التسويق وتعاملنا مع زيارة ميسى بمنطق الانبهار بحضور الشخص الشهير فتناسينا الهدف من زيارته.

■ على الرغم من إيمانى بأن ما يحدث فى سيناء بمنطقة العريش مع بعض الأسر المسيحية هو من قبيل العنف المصوب نحو المصريين كشعب وتجاه مصر كدولة، وأنه لا علاقة له بدين أو عقيدة؛ فمَن يَقتلون لا ملة لهم ولا دين، كما أن الصورة الإقليمية من حولنا تشير إلى مصير من صدَّق وهْمَ الطائفية واختلاف العقيدة فلا طال «بلح» الوطن ولا «عنب» دول اللجوء (فى العراق وسوريا وجنوب السودان)، فإن الصورة الكاملة للأحداث تُصر على تنبيهنا لحماية وطن بات بحاجة لإعلاء دولة القانون وسيادته وتطوير الفكر والثقافة لينعكسا على المواطن فيمتلك سلوكاً متحضراً وفكراً ناقداً قادراً على فهم وممارسة المواطنة. نعم يا سادة، ما يحدث فى العريش جزء من حرب نخوضها منذ سنوات ويتحمل فيها أمننا ويلات الدفاع عن الأرض والأهل، ولكننا بحاجة لسلاح القوى الناعمة فى الفنون والفكر والتعليم والتربية والخطاب الدينى «مسيحى ومسلم»، لسحب البساط من تحت أقدام إرهابيين مموَّلين من أجهزة مخابرات إقليمية ودولية، وقادرين على جذب المزيد من المغيَّبين الذين يرتعون جهلاً أو يأساً أو خيانةً فى ظل غياب الدولة عن صناعة عقل منتجها البشرى بوعى ناضج يمنح المجتمع القدرة على محاربة كل متطرف. نعم، نحتاج للإصرار على دولة القانون التى ترفع شعار العدالة قولاً وتطبيقاً دون تمييز أو تقاعس لتمنحنا السلام الذى نحارب من أجله والاستقرار الذى نتمناه لبلادنا.

■ على الرغم من إدراكنا لأهمية عودة السياحة المصرية وما تبذله وزارة السياحة من المشاركة فى كثير من المعارض الدولية وما تبذله وزارة الخارجية لرفع الحظر المفروض من قبل بعض الحكومات على مجىء مواطنيها لمصر فى أعقاب حادث إسقاط الطائرة الروسية فوق شرم الشيخ فى نوفمبر من عام 2015، فإننا لم نزل «محلك سر» فى تطوير قطاع السياحة فى بلادى سلوكاً ومظهراً. نعم، أدرك عمق الأزمة التى أصابتنا ولكن من قلب الأزمات تولد الفرص. وكان علينا استغلال تلك الفترة فى تطوير سلوكيات العاملين فى هذا القطاع على اختلاف طوائفهم ومهنهم، وتدريبهم وسن وتطبيق القرارات التى تحسن من صورة مصر السياحية حينما تعود الأمور إلى مجرياتها. نعم، نحتاج لسلوك مختلف وتطوير يصل للعمق لا إلى مظاهر الأمور وحسب.

وتبقى كلمة:

لكل ما سبق، أجدنى متفائلة باختيار دكتور طارق شوقى وزيراً للتعليم لما أعلمه عنه من إصرار على حل المشكلات من جذورها. فما نعانى منه فى بلادى ناجم عن تراجع تعليم وفقدان تأهيل وغياب بصيرة للعقول تحتاج جميعها لفكر «مُعلّم».