المنوفية: دور العرض تتحول إلى خرابات ومطاعم.. 4 ملايين مواطن بلا سينما أو مسرح

كتب: محمود الحصرى

المنوفية: دور العرض تتحول إلى خرابات ومطاعم.. 4 ملايين مواطن بلا سينما أو مسرح

المنوفية: دور العرض تتحول إلى خرابات ومطاعم.. 4 ملايين مواطن بلا سينما أو مسرح

بعد أن كانت محافظة المنوفية تعج بالعشرات من دور العرض، التى كانت تستوعب مئات المشاهدين من عشاق الفن السابع، بات مواطنو المحافظة حالياً بلا دار واحدة أو مسرح، وتحولت تلك الدور إلى أطلال ومطاعم وخرابات، أو مبان أسمنتية تبحث عن الترميم والافتتاح منذ عدة سنوات، وكان الزمن كفيلاً بأن تمحى تلك الذكريات من أذهان قاطنى المحافظة العريقة، التى قدمت لفن التمثيل عشرات من الفنانين مثل، توفيق الدقن، وصلاح السعدنى، وممدوح عبدالعليم، وماجدة، وفاروق الفيشاوى، وغيرهم.

{long_qoute_1}

مساحة كبيرة من الأرض يحدها من جميع الجهات سور بلا منافذ، وجزء من الأرض مسقوف ومقام عليه مطعم شعبى هو فى الوقت ذاته مكان للحارس، قليلون بمنطقة البر الشرقى بعاصمة المنوفية يعرفون أنها كانت فى السابق سينما «نادية»، أشهر دار عرض فى المحافظة، جلس الرجل السبعينى الحاج جلال الغرباوى، فى كشك بسيط بنى على أطراف أرض سينما «نادية» يروى لـ«الوطن» ذكرياته بالقرب من المكان الذى عمل فيه فى السابق: «سينما نادية فى الأصل كانت من مشاريع الشركة الشرقية واشتراها 4 أشقاء خواجات، هم أدوارد وسابا وجوزيف وجورج، وأدارها الأول لسنوات طويلة، وكان شغال فيها عامل واشتغلت فيها مكيانيكى أفلام على مكنة يابانى بتشتغل بالفحم كان اسمها سبانى»، ويضيف: «الحجز فى السينما كان بالخناق حتى لو كانت الأفلام المعروضة مش عرض أول بسبب جودة الصورة والصوت، وقتها كان مرتبى 7 جنيهات ونصف، وكان شغلى بالإضافة إلى الصيانة وإصلاح الأعطال فك الأفلام يوم الأحد، سواء هترجع الشركة أو هتروح سينما تانية ونركب الأفلام الجديدة يوم الاثنين»، وتابع «أفتكر أن السينما كانت بتعمل عروض للمدارس بـ9 مليم للتذكرة، وكانت التذكرة الترسو ساعتها بـ3 صاغ ونصف، وتتدرج الأسعار إلى 10 صاغ (قرش) للبريمو، وكانت السينما مشهورة بأفلام فريد شوقى ملك الترسو وأفلام الكاراتيه لبروس لى»، وعن آخر فيلم عرضته سينما نادية قال «الغرباوى»: «أفتكر ده كان سنة 1985 كان فيها فيلم (سواق نص الليل) كان بيتعرض بالرغم من إنه إنتاج الخمسينات لكن الناس كانت بتحبه وكان فيه فيلم كاراتيه تانى أجنبى اسمه (المعركة الكبرى) وبعدها السينما ماشتغلتش تانى وتم هدمها وبيعها أنقاض وأصبح هناك نزاع قضائى بين ورثة الخواجة إدوارد وأحد المشترين، ومؤخراً اشترتها التأمينات، واستمر النزاع على الملكية».

محمد فتحى، مسئول نادى السينما بقصر ثقافة شبين الكوم أكد أن فترة الثمانينات وبداية التسعينات شهدت رواجاً حقيقياً لفن السينما بالمنوفية، بواقع دار عرض أو أكثر بكل مركز أو مدينة، لكنها اندثرت، ومع تطور التكنولوجيا أصبح موضوع السرقات والقرصنة خطراً يهدد صناع الأفلام ودور العرض على حد سواء، حيث أصبح لا يمر أسبوع أو أسبوعان على الأكثر حتى نجد الأفلام الجديدة مسربة أو مسروقة ومطروحة على المنتديات والمواقع الإلكترونية. وأشار إلى أن قاعات السينما لها سحر خاص لأن إظلام القاعة يبدو «كأنه حلم»، لكن مشاهدة الأفلام المقرصنة أو المسروقة بشكل فردى فى المنزل أمام شاشات الكمبيوتر شىء بائس جداً، مؤكداً أن نادى السينما بقصر ثقافة شبين الكوم يعرض فيلماً كل أسبوع، ونعتمد على مواقع التواصل الاجتماعى للترويج للفكرة، حيث يتم عرض الفيلم عن طريق بروجيكتور سواء أفلام جديدة أو أفلام الكلاسيكيات وتتم إدارة مناقشة بعد نهايته عن السيناريو والقصة وأدوار الفنانين والرسالة والاستماع إلى آراء المشاهدين، وأضاف «فتحى»: «نعانى فى المنوفية من عدم وجود قاعات عرض أو مسارح مؤهلة أو مكتبات عامة ولا بد من وجود إرادة قوية من الدولة لإعادة السينما والمسرح أو على الأقل تشجيع الناس، حيث إن بعض موظفى وزارة الثقافة يعتبرون الفن حراماً، ومن المصادفات أن تجد بين هؤلاء متخصصين يعملون فى قطاع المسرح أو شعراء أو رسامين أو ممثلين».

وأكد هيثم الشرابى، رئيس مجلس إدارة نادى الأدب بالمنوفية، أن تعداد المحافظة اقترب من حاجز الـ4 ملايين مواطن وأكثر من 300 قرية، ولا يوجد بها دار عرض أو مسرح مجهز سواء للقطاع العام أو الخاص، بالرغم من انتشار دور العرض فى السبعينات والثمانينات، فالعاصمة وحدها كان بها 3 سينمات، هى سينما نادية بالبر الشرقى، وسينما قصر الثقافة، وموفى ستار، وتم إغلاقها جميعاً لظروف مختلفة سواء عدم الجدوى الاقتصادية أو عدم استمرار الورثة فى ممارسة النشاط أو أعمال الترميم المتوقفة لسنوات كما يحدث فى قصر شبين الكوم، وقال إن هناك دور عرض أخرى كانت فى مدن أشمون وقويسنا والشهداء جاء إغلاقها مع تصاعد موجة الإرهاب والتطرف الفكرى، وتنامى نفوذ التيارات السلفية والإخوانية، الذين كفروا الفن، وأضاف «الشرابى» أن إنشاء دور عرض ومسارح أصبح ضرورة بعد ارتفاع نسبة التعليم وانفتاح القرى على المدن، والأولى بالمبادرة هنا وزارة الثقافة المنوط بها نشر الوعى والتنوير وعدم ترك الأمر لمشايخ الفتوى والتشدد، لافتاً إلى أن الفن والسينما والمسرح مكون مهم وأساسى للدولة المصرية الجديدة فى إطار محاربة الإرهاب والفكر المتطرف.

إسلام تهامى، طالب جامعى، قال إنه يفضل مشاهدة الأفلام الحديثة فى السينما، ولكن هذا الأمر غير متاح بمحافظة المنوفية بأكملها، وأشار إلى أن الأفضلية لجو دور العرض السينمائى، حيث إنه لو أتيح لى تحميل الفيلم بجودة عالية من المواقع على شبكة الإنترنت، وهو موجود فى سينما قريبة منى سأشاهده فى السينما، مشيراً إلى أن السينما «طقس وأجواء»، قبل السيناريو والتمثيل والإخراج والموضوع، وعادة ما تكون مشاهدة الأفلام فى قاعات العرض نوعاً من أنواع «الفسحة» سواء مع الأهل والعائلة أو الأصدقاء، وأشار إلى أن المنوفية محرومة أيضاً من المسارح المجهزة بالرغم من أنها متميزة فى مجال المسرح، سواء مسرح الجامعة أو الفرق التابعة لقصور الثقافة، وكذلك ما يعرف بـ«مسرح الشارع»، وهو نوع من الفنون الواقعية من أفلام السينما، وأضاف: «فى الأجازات أسافر إلى الإسكندرية أو القاهرة لمشاهدة الأفلام لكن الموضوع مكلف ويحتاج إلى وقت كبير، كما أن سينمات مدينة طنطا هى الأقرب لمحافظة المنوفية لكن مستوى الخدمة ونوعية الأفلام متدنية ونادراً ما يعرض بها أفلام غير تجارية أو أجنبية، لأن فى النهاية صاحب دار العرض يهتم بعرض الأفلام الجماهيرية التى تحقق أرباحاً سريعة بعيداً عن موضوع الفيلم.


مواضيع متعلقة