التعديل الوزارى.. وأسباب للتفاؤل!

فى البداية ينبغى أن أعترف أننى لست من أنصار البكاء على اللبن المسكوب.. فالتوقف أمام ما حدث بالفعل لن يفيد المستقبل فى شىء.. والحياة تحتاج دوماً إلى جرعة من التفاؤل.. لتستمر!

لم يكن التعديل الوزارى الأخير مرضياً لقطاع كبير من المراقبين للوضع السياسى فى مصر.. إنها الحقيقة التى ينبغى أن تقرها الحكومة.. بل ربما يمكننى أن أزعم أنه قد تسبب فى توزيع الشعور العام بالإحباط فى نفوس الجميع فى هذا الوادى الطيب، لقد أتى التعديل -الذى ترقبه الجميع كطوق نجاة من أداء دون المستوى- مخيباً للآمال إلى درجة كبيرة عند المواطن البسيط.. فباستثناء وجود نقاط مضيئة قليلة فى تفاصيل التعديل.. لم نجد تعديلاً يأخذ فى الاعتبار مشاكل الحكومة الأساسية التى عانت منها فى الفترة السابقة.. لم نجد محاسبة للسادة الوزراء الذين اجتمعت الآراء -بما فيها الحكومية- على فشلهم فى إدارة الملفات العالقة فى وزاراتهم! إن تعديلاً يشمل تسعة أسماء لم يكن ينبغى أن يخرج دون تغيير لوزير الصحة على سبيل المثال بعد كل الأزمات التى عانت منها الوزارة فى عهده! وتدخل الرئاسة أكثر من مرة لحل مشاكل متعددة.. كان سيادته طرفاً رئيسياً فيها.. ولكن يبدو أن الحكومة ترى ما لا نراه.. وتخشى أن تعلن عنه للناس خوفاً من «الحسد»

وربما يلعب الوقت الذى استغرقه ذلك التعديل أيضاً سبباً رئيسياً فى كل تلك المشاعر السلبية نحوه.. فإعلان السيد الرئيس عنه كان فى الأيام الأولى من العام.. وانتظره الجميع يوماً بعد يوم دون حدوثه.. ومعروف بالطبع أن الوقت يرفع من سقف الطموحات.. ولذا فقد أتى أقل مما ينتظره الناس!

لكل الأسباب السابقة.. فقد قررت أن أنظر للجانب المضىء من الصورة.. وأتوسم الخير فى تلك النقاط المضيئة التى لمحناها بين ثنايا التعديل! بالتأكيد لم يأت الأمر فى مجمله سيئاً.. فوجود قامة مثل الدكتور طارق شوقى على رأس وزارة التعليم هو اختيار أكثر من جيد.. الرجل يحمل مشروعاً متكاملاً للتعليم فى مصر.. ويحمل من السمات الشخصية ما يجعل وجوده مبشراً.. خاصة عقب الفترة الماضية التى عانينا فيها جميعاً مع سيادة الوزير السابق وتسريباته! كما أتى انضمام وزارة الاستثمار لمهام الدكتورة سحر نصر بجانب وزارة التعاون الدولى تأكيداً على ما أثق فيه أن سيادة الوزيرة تحمل طاقات وخبرات تحتاج إلى أن يتم توظيفها واستغلالها أكثر بكثير من ملف التعاون الدولى منفرداً.. فخبرتها السابقة فى البنك الدولى كان ينبغى الاستفادة منها منذ البداية.. والفترة المقبلة ستحمل ما يؤكد وجهة نظرى.. أذكر أننى وجهت سؤالاً لسيادة الوزيرة فى أحد نماذج المحاكاة للحكومة ضمن فعاليات مؤتمر شرم الشيخ للشباب منذ عدة أشهر يتعلق بجذب فرص الاستثمار.. فكان ردها منظماً ومنطقياً بل ومقنعاً.. لذا أثق أنها ستتعامل مع الملف الأهم فى هذا التوقيت بالشكل الذى يليق به.. هناك مقولة شهيرة للرئيس الأمريكى الراحل جون كينيدى أن ربع المواطنين سيعترضون على أى شىء تقدمه ولو كان عشاء مجانياً فاخراً.. لا أعرف إن كان قد صرح بمثل هذا التصريح عن دراسة علمية ممنهجة أو أنه كان يحاول الاستخفاف بالمعارضة القوية التى ظهرت ضده أيام حكمه.. ولكننى أرى -وبمقاييس حيادية- أنه ربما يكون محقاً إلى حد كبير! لن يرضى الجميع عن أداء الحكومة وإن كان مثالياً.. وستظل الاعتراضات موجودة باستمرار.. ولكن ينبغى أن نمتلك قريحة متفتحة إلى حد ما للتفريق بين العيوب الحقيقية التى تحتاج إلى تدخل سريع وفورى.. والنقاط المضيئة التى ستضيف حتماً إلى أداء الحكومة.. التى ننتظر منها الكثير سريعاً للقضاء على ذلك الجو الملبد بالتشاؤم!