«الذكاء الاصطناعى» يعنى تجيب جون وانت أصلاً مش لاعب كورة

«الذكاء الاصطناعى» يعنى تجيب جون وانت أصلاً مش لاعب كورة
كان جالسا كعادته فى نادى تجديف جامعة القاهرة، يرتشف من كوب شاى، ويقرأ فى إحدى الصحف. لم يصدق عينيه حين لمح على مقربة منه «جبرائيل كحالة» ابن سوريا وصديق المراهقة، فما أن جلسا معا حتى استعادا ذكريات الدراسة التى لم تدم طويلا.
استرجاع شريط الذكريات قاده إلى يوم ظهور نتيجة الثانوية العامة، عندما جرى إلى أهله يزف إليهم خبر حصوله على المركز الثانى على مستوى الجمهورية، بمجموع 90%، وهو يحلم باليوم الذى يناديه الناس بلقب دكتور.. نعم فكلية الطب هى الأمنية التى يحلم بها منذ كان صغيرا.
سافر الطالب المتفوق لدراسة الطب فى سوريا وقت الوحدة بين سوريا ومصر، ولكن لم يخدمه الحظ طويلا، شهران فقط ثم قضى الانفصال بين الدولتين على حلمه، إذ عاد إلى مصر وهو يشعر بخيبة أمل.
«أيه.. إنت فين؟».. قالها صديقه جبرائيل الذى لاحظ أن صديقه سرح بعيدا عنه، وهو يتذكر الأيام التى جعلته يسافر إلى سوريا والأيام التى جعلته يعود منها سريعا.
من كلية الطب فى سوريا إلى التجارة فى جامعة القاهرة.. هكذا انتقل مجبرا على دراسة مواد لم يكن يوما يحبها، ولكن ساعده عليها والده الذى حصل على زمالة إنجلترا فى مجال المحاسبة، ويحلم أن يتفوق ابنه عليه أو يحقق حلم جده؛ رئيس وزراء مصر الأسبق، وأحد رموز الحركة الوطنية.
«يااااه.. فكرتنى بالذى مضى».. قالها ليعتذر لصديقه الذى ظل يحادثه دون أن يسمع منه كلمة واحدة.
انتهى اللقاء بين الصديقين لكن الذكريات ظلت تحيط بالابن الذى حصل على دبلومة دراسات عليا فى الضرائب، ودرس أيضاً الصحافة فى كلية الآداب جامعة القاهرة.
ماجستير فى الإعلام.. دكتوراه فى المحاسبة.. سفر وتدريس فى جامعات أجنبية، ثم تم ترشيحه للالتحاق بالأكاديمية الملكية البريطانية للحاسبات الإلكترونية.. كل ذلك عوّض الابن قليلا عن دراسة الطب التى كان يعشقها، خاصة التحاقه بالأكاديمية، فهى تتطلب أعلى معدل ذكاء، وقتها تجسدت صورة والده أمام عينيه، وهو يقول له الكلمات التى ما زالت تتردد فى أذنه: «الأقدار تأخذك للأفضل دائما».
أصبح أستاذا للذكاء الاصطناعى، وقت أن كان هذا المصطلح لغزا، بل إن عدد الذين خاضوا هذا المجال لا يتعدى أصابع اليد الواحدة.. أصبح يلقى محاضرات فى الكثير من دول العالم، يحقق حلم والده فى المحاسبة وحلم جده فى القانون، فقد فهم الدرس جيدا وظل يردده لأبنائه وكل من حوله فيما بعد: «مش شرط تشتغل مهنة بتحبها، لكن اخلق جنبها مهنة تانية تحبها.. أنا مثلا كنت ماشى فى الشارع خبطت الكورة برجلى دخلت الجون وانا أصلا مش لاعب»!
الدكتور سمير مرقص، أستاذ المحاسبة والقانون بالجامعة الأمريكية، والخبير الدولى فى مجال الذكاء الاصطناعى.