«الصم والبكم» يعلنون العصيان ضد «مترجمى الإشارة» فى «التليفزيون المصرى».. «مش بنفهم منهم حاجة.. بيحركوا إيدهم وخلاص»

«الصم والبكم» يعلنون العصيان ضد «مترجمى الإشارة» فى «التليفزيون المصرى».. «مش بنفهم منهم حاجة.. بيحركوا إيدهم وخلاص»
- أقسام الشرطة
- اتحاد الإذاعة والتليفزيون
- اتهامات ا
- الاتحاد العربى
- البرامج الدينية
- التربية والتعليم
- التضامن الاجتماعى
- التليفزيون المصرى
- آسف
- آليات
- أقسام الشرطة
- اتحاد الإذاعة والتليفزيون
- اتهامات ا
- الاتحاد العربى
- البرامج الدينية
- التربية والتعليم
- التضامن الاجتماعى
- التليفزيون المصرى
- آسف
- آليات
«حركات أيديهم هى لغتهم، بها يتحدثون، ويسمعون، ويعبرون، ويشعرون أيضاً، هى وسيلتهم الوحيدة للتواصل مع العالم، يتقنون التعبير بها، ويستخدمون كل أركانها لإيصال ما يريدون»، وقد استطاع «الصم والبكم»، البالغ عددهم نحو 5 ملايين مواطن على مستوى الجمهورية، بلغتهم هذه، التواصل والتفاعل مع غيرهم، لكن لو فرضنا أنه حدثت مشكلة فى لغة التواصل، فحينها لن تصل لهم الرسائل وسينقطع تواصلهم مع من حولهم.
{long_qoute_1}
هذا ما يواجهه هذا القطاع فى التعامل مع التليفزيون المصرى الذى كان يمثل رقماً فى حياة هؤلاء، وبعد أن كان المصدر فى تلقيهم أخبار ما يدور حولهم، عبر مترجمى الإشارة بالنشرات، انقطع تواصلهم هذا، وحدثت فجوة بينهم وبين مقدمى البرامج من مترجمى الإشارة، على حد قولهم، منذ قرابة 14 عاماً، لعدم دقتهم فى استخدام هذه اللغة، وترجمة ما يقوله المتكلم ومقدم النشرة خلال إذاعته للأخبار بشكل دقيق وجيد، خاصة أن التليفزيون يُعد فى نظرهم إنساناً يجلسون معه طيلة اليوم يملأون به أوقاتهم، فى ظل عدم توافر فرص عمل للشباب منهم، واعتماد الشباب منهم على معاش التضامن الاجتماعى، إضافة إلى بعض الأجور الضئيلة نظير بعض الأعمال المؤقتة التى يكلفون بها فى «الجمعية المصرية لرعاية وتأهيل الصم وضعاف السمع».
يكتب «مروان محمد»، 35 عاماً، «ممثل صامت»، من الصم والبكم: «سيأتى مترجم بعد قليل»، بعدها جاء عدد من أصدقائه فى الجمعية، بصحبة رجل تحدّث قائلاً: «أنا رمضان محمد، عضو مجلس إدارة، السلام عليكم»، وما إن بدأنا الدخول فى الموضوع حتى قاطع رمضان الحديث، قائلاً: «آسف، لن أستطيع سماعك، أنا أتحدث فقط، وستأتى مترجمة بعد قليل، ولحين مجيئها عرّفينا أكثر بما ستقومين به لإيصال مشكلتنا»، فما كان من وسيلة سوى الورقة والقلم للتواصل.
{long_qoute_2}
يكتب «رمضان مصطفى»، 59 عاماً على المعاش: «لدينا مشاكل كثيرة، بعض المترجمين ليسوا على مستوى الترجمة السليمة، وهم يحتكرون الترجمة فى التليفزيون والإعلام، ونحن نريد أن نعرف ما هى الآليات التى يتم اختيار مترجمى الإشارة فى التليفزيون بناء عليها، هل يتم اختيارهم بالمحسوبية أم المجاملة؟ لا بد لمن يمتهن هذه المهنة فى التليفزيون أن يمتلك معايير محددة، تشمل الخبرة والكفاءة فى الترجمة والوعى، وأن يكونوا على دراية كاملة بكل مشاكل الصم.. الإيد دى لا تهتز أى كلام، الإيد دى بتسمع وبتتكلم، وبتعرف كل حاجة، من حقهم كمان، يشوفوا مترجم يكون معبر عنهم، يكون هو لسانهم، حقهم أيضاً أن تصل إليهم الأحداث التى تمر بها بلادهم بالشكل المناسب، ولا يكون مترجم الإشارة مجرد منظر فقط، ولا نفهم شيئاً من ترجمته».
وتابع: «كثير من المحافظات تشكو، فالصم والبكم فى 27 محافظة يطالبون بتغيير المترجمين، ووضع نظام جديد، ومعايير جديدة لاختيار المترجمين، وعلى التليفزيون التواصل مع الجهات الراعية للصم، سواء كانت منظمات أو اتحادات أو جمعيات، ليتحقق منها ويستطلع آراءنا، لكى نختار الكفاءات، فمش أى واحد يفرض نفسه علينا، ويقول أنا مترجم فى التليفزيون، لا بد أن تكون الإشارة التى تعبر بها مطابقة لمن يتحدث بجوارك، ومن تترجم حديثه، بحيث لا نشاهد خيالاً فقط يتحرك مش فاهمين منه حاجة، حتى لا نضطر لأن نذهب للتليفزيون ونقيم ثورة ضده، وقد سبق أن أوصلنا ملاحظتنا بشأن مترجمى التليفزيون دون أى تغيير يتحقق، فهم يعاندون فقط».
تواصل مجموعة من الصم والبكم حديثها على لسان «رمضان» قائلة: «الأستاذ محمد أنور، مسئول فى الجمعية، سبق أن عرض مطالب الصم والبكم فى جميع المحافظات على المترجمين، قال لهم إنهم غير مناسبين، وإنه يكفى وجود بعضهم إلى هذا الحد، ولا بد من تغيير بعض منهم، وهناك من أسر الصم من يستطيع القيام بهذه المهمة، فبعض الأسر الأب والأم فيها من الصم، والابن يتحدث ويسمع، ويستطيع أن يقوم بهذا العمل بشكل جيد، خاصة أنه خير من يترجم الأحاديث ويحولها لإشارات، لنشأته فى مجتمع الصم والبكم منذ ولادته وحتى الكبر، وهم أفضل ممن نراهم فى التليفزيون الذين لا نفهم منهم شيئاً، لا نطالب بتغيير جميع مترجمى التليفزيون، فهناك منهم الجيدون، فيما يحتاج البعض الآخر للتغيير، نريد أن نعرف ما الشهادات التى يمتلكونها، فكثيرون يستطيعون إحضار شهادات غير صحيحة من أى جمعية للصم والبكم تفيد بأنهم مترجمون».
ويضيف: «إحنا كبرنا خلاص، لكن هناك صغار من الصم، يريدون ترجمة سليمة تُعبر عنهم، حيث تأتى هنا لمحمد أنور، عضو مجلس إدارة الجمعية، شكاوى كثيرة، وقبل ذلك، كانت هناك احتجاجات كثيرة، لتغيير هذه الأوضاع المائلة.. هنعمل إيه تانى؟ حتى فى المناسبات الرسمية الخاصة بالرئيس السيسى، لا يوجد مترجم رسمى للصم، نجيب القناة الأولى والثانية نلاقى الكلام غلط، لازم يبقى فيه مترجم رسمى للثقافة، وللمنوعات، وللرياضة، وللاجتماعيات، على درجة عالية من الخبرة، مثلما يحدث فى دول الخليج، حيث المستوى العالى من الخبرة والوعى فى إعلام وبرامج الصم، ونفسنا يكون كل مترجمى مصر على نفس مستوى الخليج، حيث الخبرة العالية، ومهارة الترجمة، فنحن لم نرَ لديهم مطلقاً مترجماً دون المستوى، نريد توفير الرعاية لصم المحافظات، ونظام جديد للتعامل معهم، وأن يعقد التليفزيون، وغيره، لقاءات مجتمعية معنا فى جمعيات الصم والبكم على مستوى الجمهورية لاستطلاع آرائنا فى القضايا المختلفة المتعلقة بنا».
هنا التقطت «نجلاء محمد» مترجمة الجمعية، 45 عاماً، أطراف الحديث من «رمضان» لتُنهى استخدام الورقة والقلم، الوسيلة الوحيدة للتواصل معه قبل مجيئها، ليقول على لسانها: «قررنا الذهاب للتليفزيون للقيام بوقفة احتجاجية، بقالنا 14 سنة ساكتين، الناس اللى قاعدة فى التليفزيون (مترجمى الإشارة) زهقنا منهم، مش فاهمين منهم حاجة، مش فاهمين الإشارات، لازم يبقى فيه تجديد للمترجمين، بيحطوا نفسهم بنفسهم، من غير استشارة الصم، اللى له أخ، واللى له قريب، لا نفهم شيئاً منهم، الإيد بتبقى مقفولة، وهذا يجعلنا لا نعى ما يقال فى النشرة، لا بد أن نرى إشارات المترجمين، ونختار بناء على ذلك، لكن للأسف أداؤهم يجعلنا نحول لقناة أخرى، لأننا لا نفهم المترجم، وهو ما يدفعنا لأن نتفرج على فيلم أجنبى، أو مباراة كرة».
ويقول «عمر محمد إبراهيم»، 34 سنة مرشد سياحى بلغة الإشارة، عضو بالجمعية، على لسان «نجلاء»: عملنا صفحة وحركة ضد مترجمى التليفزيون على الفيس، لاقينا لايكات كتير، والصم قالوا لى احنا معاك، وهنقف معاك كلنا، عددنا 5 مليون فى 27 محافظة، وكلهم عارفين بعض عن طريق «اتحاد الصم»، وعملناه عن طريق «الجمعية المصرية لرعاية وتأهيل الصم وضعاف السمع»، التى تجمعنا هنا، وهى الجمعية المركزية الأم فى القاهرة.
وتتابع «نجلاء» بلسان عمر: «نريد تقنين موضوع المترجمين، بقالهم 14 سنة بيجيبوا ناس مش فاهمينهم، أى حد له فى الإشارة بياخدوه دون معرفة هل يتوافق معهم الصم أم لا، عايزين الرئيس لما يتكلم تكون فيه ترجمة، والبرامج الدينية يكون فيها ترجمة، وخطبة الجمعة يكون فيها ترجمة. وفيه مترجمة موجودة فى التليفزيون مش فاهمين منها حاجة، وفيه منهم بفهم منهم حلو، وفيه مش فاهمين منهم خالص».
وتضيف: «الـ5 مليون لهم صوت ولازم يتكلموا عن الموضوع ده، واحنا سنجلس أولاً مع رئيسة التليفزيون، وإذا وجدنا منها استجابة لطلباتنا لن نصعّد، وإذا لم تستجب ووجدنا أنه مجرد كلام، هنعمل وقفة كبيرة».
تقول «نجلاء» بلسان «عمر محمد أنور»، 50 عاماً: «المفروض يكون فيه قاموس إشارى موحد لمصر، لكن للأسف لا يوجد قاموس موحد للإشارات، ولا توحيد للغة الإشارة بالنسبة للمحافظات، الاختلاف فى الإشارة بينهم بسيط، لكن المفروض يبقى فيه قاموس إشارى موجود هنا، ويُعمم فى كل مكان، فى أقسام الشرطة، والشهر العقارى، وفى المحافظات، والتربية والتعليم، فلو فيه توحيد فى لغة الإشارة مش هيبقى فيه الكلام ده، لكن فيه اختلاف، وهتكون راحة للمترجم، وللأصم».
ويتابع «أنور»: «الشاشة التى يوضع فيها المترجم صغيرة، والرؤية صعبة، مفروض مربع الإشارة يكون كبير عن كده، والإشارات بتبقى مش واضحة، وده بيخلينا نتعصب ونتنرفز، المفروض المترجم تبقى معاه شهادة عالية، ويكون بيشاور صح، وإشاراته مفهومة، مش بيهز إيده وخلاص، كده عيب، إنتوا بتستهزأوا بينا، ده حتى فى دول زى السودان، وسوريا، والأردن، والعراق بتطلع ناس كويسة تترجم، لكن مصر الدولة الوحيدة اللى المترجم فيها بيطلع كده من نفسه، مفيش مقننات، ولا حساب له، واللى عايز يطلع فى التليفزيون تلاقيه بيطلع منه لنفسه، مفروض يتم تدريب المترجم بشكل جيد، مش أى حد يطلع، كده غلط، مش فاهم حاجة».
وتتابع نجلاء بلسان «محمود توفيق»، 70 عاماً على المعاش: «إحنا وصلنا إلى إن الأصم بيجيب بنته يقول لها هو المترجم بيشاور يقول إيه، وممكن بنتى تقولى كلام خلاف ما يترجمه المترجم بلغة الإشارة، وبكده يكون بيتقال كلام غير اللى فى الخبر، كذلك الأمر مع المترجم اللى راح لنقل أخبار وزارة الداخلية فى التليفزيون، لا يعرف إشارات، ويختصر الكلام، ومن ثم لا نفهم ما يقول».
يضيف «توفيق»: «الأفلام عايزة ترجمة، والندوات الدينية أيضاً، المترجمين شايفين إن الصم عبط، ومستقويين علينا، ومطنشينا، إحنا وصلنا النهارده إننا عايزين نعمل مشكلة جامدة مع المترجمين، عشان مش فاهمين منهم حاجة».
وحاولت «الوطن» الحصول على تعقيب من الإعلامية صفاء حجازى، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، على الكلام السابق، إلا أنها لم ترد على اتصالنا، ولم تتجاوب مع الرسالة النصية التى أرسلناها والتى تفيد بوجود شكوى من التليفزيون.
فى المقابل، قالت الدكتورة هالة محفوظ، أستاذ الإعلام، وخبير لغة الإشارة بالتليفزيون المصرى، إنها معتمدة من جامعة الدول العربية، وإنها تعمل فى هذا المجال منذ 27 عاماً، إضافة إلى اعتمادها فى الاتحاد العربى للصم وجامعة الدول العربية، رافضة اتهامات الصم والبكم وشكواهم العامة من مترجمى الإشارة فى التليفزيون المصرى، قائلة: «مفيش حاجة اسمها عندهم مشكلة مع مترجمى الإشارة بالتليفزيون المصرى، يحددوا مين هما هؤلاء المترجمين، وأسماءهم، وبعدين كيف تواصلتِ معهم، إنتِ بتفهمى فى لغة الإشارة، مين ترجم لك حديثهم، ولو فيه مترجمة، كيف وثقتِ بها، ما الذى يضمن صحة ترجمة هذه المترجمة؟».
وتضيف «محفوظ»: «لدىّ برامج فى الدول العربية، وكانوا عايزينى فى الجزيرة ورفضت، أنا فضّلت أكون فى التليفزيون المصرى، إضافة إلى إنى حاصلة على دكتوراه فى لغة الإشارة».
ويقول الإعلامى محمد عبدالله، مترجم لغة الإشارة بالتليفزيون: «هناك بالفعل مشكلة تواجه الصم والبكم، حيث لا يوجد قاموس إشارى موحد لهم، ومن ثم ربما فى بعض الأوقات لا تصلهم الرسائل كما هى، لكن إن تحدثت عن نفسى فأنا منذ 40 عاماً موجود فى أسرة من الصم، حيث إن والدى من الصم، ومن ثم استطعت أن أتقن لغة الإشارة قبل العمل بها».