زيارة كفيف إلى معرض الكتاب
- أعمال سينمائية
- العام المقبل
- الهيئة العامة للكتاب
- جهود ذاتية
- دور النشر
- رئيس الهيئة
- سى دى
- شهر فبراير
- صوت القاهرة
- فاقدى البصر
- أعمال سينمائية
- العام المقبل
- الهيئة العامة للكتاب
- جهود ذاتية
- دور النشر
- رئيس الهيئة
- سى دى
- شهر فبراير
- صوت القاهرة
- فاقدى البصر
لا تنفرج أساريرى حينما تأتى سيرته، ولا أتعلق بمزيد من الأمل عندما يحين أوانه، فأنا من الذين يسقطون من حسابات القائمين عليه، فربما أزوره لتخطف يدى ما استطاعت إليه سبيلاً من كتب أثارت شغف غيرى، فأشعر أننى جائع أُلملم فُتات خبز لأوهم نفسى بالشبع، فإذا بـ«معرض الكتاب»، الذى يحمل النور لكل من تتوق نفسه إلى المعرفة، هو نفسه الذى يحمل لأمثالى من فاقدى البصر «ظلمة» تتجدّد بحلوله، مثلما أفعل فى الأيام الأولى من شهر فبراير كل عام.. قرّرت أن أنفض غبار الإحباط عن نفسى وأرتكز إلى بضعة من أصدقائى لنتجرّع معاً «عصير كتب» لا ينضب، فما إن تمر لحظات من وصولى إلى مقر «معرض الكتاب» حتى أشم رائحة الكتب تفوح من كل مكان، وأقف ناظراً إلى من يتحيرون بين آلاف من الكتب المتناثرة، فتمتد يدى لتمسك بكتاب، وتتلمس وريقاته دون أمل فى الحصول على محتواها، قبل أن تسمع أذنى عشرات الأسماء من المؤلفين الذين يهفو القلب إلى قراءة ما تجود به عقولهم.
بعد رحلة سير طويلة دون فائدة.. ذهبت إلى المكان نفسه الذى تطأه قدماى أثناء زيارتى معرض الكتاب كل عام، جناح صغير يتخلل «صالة 2» بالمعرض، تستقبلك لافتة مكتوب عليها: «جمعية مزايا للمكفوفين»، يقوم عليها كفيف فاضل يُدعى «محمد حسن الزياتى»، ويعتاد دوماً على تخصيص ذلك الجناح، بجهود ذاتية، للكتب المسموعة والمطبوعة بطريقة «برايل» من أجل قرائه من المكفوفين.. أبحث طويلاً عن كتاب صوتى أقرأه بأذنى، فيخبرنى ذلك الكفيف أنه لم يجمع سوى ما تيسّر له من كتب، إما لضعف الإمكانيات، أو تعنّت المؤلفين وأصحاب دور النشر، لأخرج من جناحه، محمّلاً بسخط شديد عليهم، الصدفة تُلقى بى فى طريق جناح آخر سماه أصحابه «مؤسسة الرسالة»، فأدخل سائلاً عن أى كتب صوتية تُرضى شغفى، فيُقدم لى المسئول عن الجناح «سى دى» مجانياً، قال إنه يحوى كتباً مسموعة، لكنه لا يعلم شيئاً عن ماهية تلك الكتب أو الجهة التى توزعها، لأكتشف أنها تحوى عدداً من الكتب لم يُثر حفيظتى منها سوى القليل، فأسمعها ولسان حالى يقول: «أهى حاجة تتقرى والسلام».
«صوت القاهرة هى الحل».. ذلك ما دلّنى عليه قلبى حينما زُرت جناح الشركة بمعرض الكتاب، منيت نفسى ببرامج إذاعية ومسلسلات تاريخية وشرائط وثائقية تروى ظمئى، فإذا بالمسئول عن الجناح يفاجئنى بابتسامة عريضة: «والله يا افندم ماعندناش غير مسلسلات وأفلام»، وحينما ناشدته تفنيدها بالتفصيل، سرد لى أسماء أعمال سينمائية ودرامية يسهل متابعتها على «يوتيوب»، لتزداد خيبة الأمل ويتنامى الإحباط ويعز الرجاء.
ربما يدحض البعض كلماتى، ويستنكرون مشاعرى بداعى أن هناك جهات كثيرة تهتم بتسجيل الكتب وتضعها على بعض مواقع «الإنترنت»، مثل «اقرأ لى» و«مشروع الكتاب الصوتى» و«اسمع كتاب»، إلا أن تلك المحاولات، مع كامل التقدير لها، تبدو منقوصة غير منظمة، فبعضهم يسجل الكتب مجتزأة، وآخرون يختارونها وفقاً لرؤاهم وأهوائهم، وفئة ثالثة تهتم بنوع محدّد من الفكر دون غيره، فضلاً عن اعتماد كل تلك الجهات على جهود ذاتية وافتقادها إلى إمكانيات تعينها على البقاء.
نظرة يا سادة.. يا معالى وزير الثقافة.. يا سيادة رئيس الهيئة العامة للكتاب.. يا أصحاب دور النشر.. هناك ملايين المكفوفين ينتظرون تدخلكم لإتاحة أبسط حقوقهم فى المعرفة.. تحركوا من أجل مكفوفين حرمهم سكوتكم من الغوص فى أعماق بحور المعرفة.. حوّلوا «معرض الكتاب»، فى العام المقبل، إلى نور يملأ بصيرة من فقد بصره.