محمود درويش.. الحب مثل الموت وعدٌ لا يرد ولا يزول

كتب: شريف حسين

محمود درويش.. الحب مثل الموت وعدٌ لا يرد ولا يزول

محمود درويش.. الحب مثل الموت وعدٌ لا يرد ولا يزول

كتب شاعر فلسطين التاريخي، محمود درويش، قصائد عديدة تحمل مشاعر حب، سواء كانت تدور بأكملها حوله أو تتحدث عن الحياة والموت والوطن والأرض لكنها تتقاطع وتتماس مع أشياء تخالط النفس المحبة، وحملت أبيات كثيرة له ما يدور في دواخل العاشقين، لحظات الهجر والوداع والعناق والسعادة المفاجئة، وكلها على طريقة درويش الخاصة.

ومشاعر الحب، دائما ما تكتسب في أوقات الحرب أو الثورة أو القضايا الوطنية أبعادا خاصا أكثر حرارة ودفئا، ويصبح هناك نوع من الموازاة بين حب الفرد لمحبوبته من ناحية، والحب الجمعي للوطن، ويصبح هناك عنصر مهم يدفع الفرد إلى نضال أكبر من أجل مستقبل وطن يحمل على أراضيه محبوبة وقصة لا بد أن تكتمل في ظروف تسمح لها بالحياة وتمنحها الحرية.

وإضافةً لكل ما سبق، أحب محمود درويش فتاة، في وقت الحرب والاستعمار وفي أعقاب النكبة، لكن هذه المرة لم يكن يجمعهما مستقبل واحد أو وطن يناضلان من أجله، بل كانت تنتمي إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي بينما هو عربي يمارس نشاطا أدبيا وصحفيا وسياسيا تحول فيما بعد ليصبح شاعر القضية الفلسطينية الأول.

ولأن بطل القصة هو محمود درويش، كان لا بد أن تحمل تفاصيلها دراما على هذا النحو، يحب "تمار عوامي"، يكتب لها القصائد، جوابات بالعبرية، يحاول استخراج التصاريح لزيارتها، لا يستطيع، ثم تنضم هي لجيش الاحتلال الإسرائيلي ليفترقا إلى الأبد ويظل هو محافظا على سرية العلاقة، لمدة 40 عاما كتب خلالها قصائد يروي فيها قصة حبه لفتاة مجهولة تحمل اسم "ريتا".. "وأنا قبلت ريتا.. عندما كانت صبية"، ولم تكتشف تفاصيل القصة إلا على يد المخرجة ابتسام مراعنة، والتي تلتقي "تمار" في برلين، ليكتشف العالم أنها "ريتا" بطلة قصائد محمود درويش الشهيرة.

ريتا تحتسي شاي الصباح

وتقشر التفاحة الأولى بعشر زنابقٍ

وتقول لي:

لا تقرأ الآن الجريدة ، فالطبول هي الطبول

والحرب ليست مهنتي . وأنا أنا . هل أنتَ أنتْ ؟

أنا هو

هو من رآكِ غزالةً ترمي لآلئها عليه

هو من رأى شهواتهِ تجري وراءكِ كالغدير

هو من رآنا تائهين توحدا فوق السرير

وتباعدا كتحية الغرباء في الميناء

يأخذنا الرحيل في ريحه ورقاً

أمام فنادق الغرباء

مثل رسائلٍ قرئت على عجل

أتأخُذني معك ؟

فأكون خاتم قلبك الحافي ، أتأخُذني معك

فأكون ثوبك في بلاد أنجبتك ... لتصرعك

وأكون تابوتا من النعناع يحمل مصرعك

وتكون لي حياً وميتاً

ضاع يا ريتا الدليل

والحب مثل الموت وعدٌ لا يرد .. ولا يزولُ

ويقول في قصيدة "ريتا":

بين ريتا وعيوني.. بندقية

والذي يعرف ريتا

ينحني

ويصلي لإلهٍ في العيون العسليّهْ!

وأنا قبّلت ريتا

عندما كانت صغيرة

وأنا أذكر كيف التصقتْ

بي، وغطّت ساعدي أحلى ضفيرة

وأنا أذكر ريتا

مثلما يذكر عصفورٌ غديره

آه.. ريتا

بيننا مليون عصفور وصورة

ومواعيد كثيرة

أطلقتْ نارا عليها.. بندقيّة

اسمُ ريتا كان عيدا في فمي

جسم ريتا كان عرسا في دمي

 

"ريتا" بصوت مارسيل خليفة

 

ويقول في قصيدته الشهيرة "درس من كاما سوطرا":

ولا تُجفل الطير فوق جدائلها

وانتظرها

لتجلس مرتاحة كالحديقة في أوج زينتها

وانتظرها

لكى تتنفس هذا الهواء الغريب على قلبها

وانتظرها

لترفع عن ساقها ثوبها غيمة غيمة

وانتظرها

وخذها إلى شرفة لترى قمراً غارقاً فى الحليب

وانتظرها

وقدم لها الماء، قبل النبيذ

ولاتتطلع إلى توأمي حجل نائمين على صدرها

وانتظرها

ومسّ على مهلٍ يدها عندما تضع الكأس فوق الرخام

كأنك تحمل عنها الندى

وانتظرها

تحدث اليها كما يتحدث ناي إلى وتر خائف فى الكمان

كأنكما شاهدان على ما يعد غد لكما

وانتظرها..


مواضيع متعلقة