كفر الشيخ.. الحملات الأمنية تطارد الصغار وتترك الحيتان والبلطجية ونقيب صيادى البرلس: الأسماك اختفت بسبب سرقة الزريعة

كتب: سمر عبدالرحمن

كفر الشيخ.. الحملات الأمنية تطارد الصغار وتترك الحيتان والبلطجية ونقيب صيادى البرلس: الأسماك اختفت بسبب سرقة الزريعة

كفر الشيخ.. الحملات الأمنية تطارد الصغار وتترك الحيتان والبلطجية ونقيب صيادى البرلس: الأسماك اختفت بسبب سرقة الزريعة

هم والأسماك متشابهون، فهم لا يستطيعون الخروج من المياه، كما أنهم مهددون من آن لآخر بالموت غرقاً، ولا يأملون سوى فى توفير نفقات أسرهم.. يتركون منازلهم أياماً طوالاً بحثاً عن «لقمة العيش»، يصطحبون أطفالهم الصغار وأحياناً نساءهم بحثاً عن أرزاقهم على «فلوكة» صغيرة بداخلها أدوات معيشة كاملة، يتوكلون على الله أولاً ثم أدواتهم الصغيرة التى يصطادون بها فى بحيرة البرلس بكفر الشيخ، ورغم قناعتهم بما قدر لهم من رزق فإن استيلاء الحيتان على البحيرة تسبب فى قلة الرزق وانتشار البطالة والفقر ووقع الصيادون ضحايا لمافيا وأباطرة البحيرة التى تحولت إلى بقعة مائية منهكة بسبب التلوث والإطماء وتجفيف الزريعة، ما دفعهم إلى السفر عبر المراكب الكبيرة للبحث عن الرزق فى سواحل الدول المجاورة.

{long_qoute_1}

مصطفى عبدالحميد، صياد (40 عاماً)، أكد أن قلة الرزق فى البحيرة بعد استيلاء أصحاب النفوذ عليها تسببت فى هجرة الصيادين الشباب إلى رحلات الصيد عبر مراكب تستغرق الرحلة الواحدة شهراً، يتعرضون لخطر الموت غرقاً والاحتجاز داخل السجون إذا ما اضطرتهم الظروف الجوية للشحوط داخل المياه الإقليمية لإحدى الدول مثل تونس واليونان واليمن. وأضاف على الجندى (19 عاماً)، أنه لم ينل حظه من التعليم، وخرج على متن أحد المراكب إلى تونس للصيد بعد ندرة الأسماك ببحيرة البرلس، ليستطيع مساعدة والده الذى كان يعمل صياداً لكنه هجر المهنة لكبر سنه، مشيراً إلى أن عدم وجود آليات لتطوير أدوات المهنة واستيلاء الكبار على أجزاء كبيرة من البحيرة، مع وجود حملات أمنية تقوم بمطاردة صغار الصيادين، كل تلك الأسباب وقفت وراء هجرة الصيادين للبحيرة. وتابع: «تعرضت للغرق عندما كنت على متن أحد المراكب بالقرب من المياه الإقليمية اليمنية، إثر هبوب نوة لولا قيام القوات اليمينة بإنقاذنا».

محمد فرج، صياد مقيم بسيدى سالم فى كفر الشيخ، أكد أن استيلاء البلطجية على البحيرة وسرقة الزريعة كانا سبباً إما فى هجرة الصيادين لمهنة الصيد أو البحث عن مهنة أخرى أو الخروج إلى رحلات خطر فى المتوسط بحثاً عن الرزق، مضيفاً: الصياد غلبان والبحيرة 90% منها خيره رايح لأعيان البلد وبعض الكبار ومساحات كتيرة استولوا عليها ومفيش صياد صغير عنده «لنش».. المافيا بس هما اللى عندهم «لنشات» واستولوا على البحيرة وخلصوا الزريعة بعلم المسئولين الكبار فى هيئة الثروة السمكية.

{long_qoute_2}

وأشار على الشعيرى، صياد، إلى أن عدم تطهير قناة «برنبال» وبوغاز رشيد، سببان رئيسيان لمشاكل أكثر من 40 ألف صياد فى البركة الغربية من البحيرة، لافتاً إلى أن صيادى البركة الغربية هم أكثر من هجروا المهنة لقلة الأسماك واضطروا للسفر فى رحلات على مراكب الصيد الكبيرة فى ليبيا أو مالطا أو تونس، ولفت إلى أن عدم إنهاء تطهير بحيرة البرلس يعوق عمليات الصيد، إضافة إلى عدم مراعاة الدولة للصيادين وعمل قوانين حماية لهم، إضافة إلى وجود الأقفاص السمكية داخل نهر النيل ما يؤثر على المياه المتدفقة لبحيرة البرلس ويؤدى لتلوثها.

ولفت عبدالمجيد القن، شيخ صيادى البرلس، إلى أن مشاكل الصيادين تتلخص فى وجود تعديات على حرم البحيرة، مما يقلل فرص الصيد، إضافة إلى عدم تطهير بوغازى البرلس ورشيد مما يؤدى لتدمير استثمارات بأكثر من 10 مليارات جنيه متمثلة فى مراكب الصيادين، مطالباً بتفعيل جهاز G.P.S للحفاظ على حدود البحيرة وإزالة الحوش والسدود من البحيرة وضبط اللنشات المخالفة والصيد الجائر، وضرورة قيام وزارة الرى بمهام أعمالها نحو تطهير فرع نهر النيل أمام مراكز دسوق وفوه ومطوبس والقضاء على ورد النيل الذى يعوق حركة الصيد. وأكد «القن»، أن هناك 12 نوة فى فصل الشتاء تجعل الصياد لا يخرج للصيد مما يؤدى إلى قلة الرزق، موضحاً أن هناك أنواعاً كثيرة للصيد المخالف منها «الصيد بمراكب الوقود والصيد بالتحاويط والغزل الضيق، والصيد بالمواد السامة مثل «البودرة» وهذه كارثة إنسانية والصيد باللنشات المخالفة أكبر جريمة يعاقب عليها القانون، مضيفاً أن تطوير ميناء الصيد الحالى، وتطوير بحيرة البرلس ومشروع الاستزراع السمكى ببركة غليون عوامل ستساعد على تنمية الثروة السمكية على المدى البعيد وتشهد توفير فرص علم للصيادين ويعدان طوق نجاة للصيادين.

وأوضح زارع البيطانى، نقيب الصيادين فى البرلس، أن الحكومة فشلت فى إدارة المسطحات بشكل صحيح، لافتاً إلى سيطرة البلطجية على بحيرة البرلس قائلاً: «ليس هناك أى قوانين تطبق عليهم إنما تطبق على صغار الصيادين، والمسئولون عن تطبيق القانون يساعدون المافيا». وقال عبدربه الجزايرلى، شيخ الصيادين ببلطيم، إن التعديات على بحيرة البرلس أدت إلى تقلص مساحة البحيرة خلال السنوات الماضية، وتحولت إلى مزارع سمكية خاصة للكبار وأصحاب النفوذ مما أدى إلى تشريد أكثر من 40 ألف صياد من أبناء كفر الشيخ بسبب صيد الزريعة الصغيرة، مشيراً إلى أن كل ما يخص حرفة الصيد بات مهدداً ومنها صناعة المراكب بالبرلس التى كانت رائدة فى تصديرها للدول العربية إلا أنها انهارت خلال السنوات الماضية بسبب التعديات على البحيرة ونقص الأسماك على الشواطئ المصرية، لافتاً إلى أن أكثر من 130 ألف صياد أصبحوا مهددين بالتشرد.

أحمد نصار، نقيب الصيادين بكفر الشيخ، أوضح أن إنشاء ميناء للصيد وتنمية بركة غليون وتطوير بحيرة البرلس ستساعد على زيادة فرص تنمية الثروة السمكية، خاصة أن الصيادين يعانون من مشاكل كثيرة جعلتهم يهجرون المهنة ويعملون على المراكب بالدول العربية ويخترقون المياه الإقليمية للدول ونتج عن ذلك احتجاز المراكب والصيادين وسجن البعض.

اللواء السيد نصر، محافظ كفر الشيخ، أوضح أن بحيرة البرلس يتم تطويرها للقضاء على الصيد الجائر وسرقة الزريعة، عن طريق عمل كورنيش للصيادين بما لا يؤثر على أحواض الترسيب، إضافة إلى أعمال رفع ناتج التطهير والتكريك وتعميق المصبات ومد القنوات الإشعاعية من بوغاز البرلس إلى داخل البحيرة، بهدف خلق بيئة مناسبة لتكاثر الأسماك، وإنشاء مراسٍ لمراكب الصيد، لتحديد نقاط الانطلاق والعودة، ومعالجة مياه الصرف الزراعى، وتطهير 8 مصبات بالبحيرة، وإزالة أعمال التحاويط وورد النيل والحشائش بالبركة الغربية للبحيرة، على مساحة أكثر من 15 ألف فدان. وأضاف المحافظ أنه تم الانتهاء من أعمال تطهير البركة الغربية ببحيرة البرلس بمشاركة معدات الثروة السمكية بالتعاون مع المحافظة، بمشاركة 7 حفارات برمائية، وكراكة ووتر ماستر رهن التشغيل، وشفاط لفتح الممرات.

وأوضح أنه تم الانتهاء من إنشاء قسم شرطة مسطحات البرلس على مساحة 400 متر بتكلفة مليون و250 ألف جنيه ودراسة مقترح الشركة الصينية لخدمات وإدارة المياه بشأن معالجة مياه الصرف الزراعى ببحيرة البرلس للحد من سرقة الزريعة، لافتاً إلى أن مشاكل الصيادين فى كفر الشيخ تنتهى بالتطوير والتنمية الحقيقية لبحيرة البرلس خاصة أنها تنحصر فى اعتداء البعض على أجزاء من البحيرة وسرقة الزريعة مما يُقلل فرص الصيد، ويجبر الصيادين على الهرب للدول العربية فى رحلات صيد يتعرضون خلالها للسجن أو العمل فى ظروف غير ملائمة، وآخرهم الـ32 صياداً الذين استقبلتهم المحافظة الشهر الماضى والعائدين من السعودية، حيث تم إجراء مفاوضات رفيعة المستوى لعودتهم لمصر.

فيما أكد الدكتور وائل التراس، وكيل كلية الثروة السمكية والمصائد بجامعة كفر الشيخ، أن من أهم أسباب هجرة الصيادين استخدامهم لبحيرة البرلس من حيث التجريف والصيد الجائر، لافتاً إلى أن ارتفاع سقف طموحات الصيادين أحد أهم أسباب الهجرة، حيث إن ناتج الصيد فى مصر أقل مما يطمحون إلى الحصول عليه بسبب الممارسات الخاطئة، موضحاً أن كلية الثروة السمكية تسعى لتطوير الثروة السمكية، من خلال العمل على محورين أولهما محاولة الاستفادة من الخبرات الألمانية فى الاستزراع السمكى، واستحداث أنواع جديدة من الأسماك التى تتميز بكبر وزنها وتحسين نوعية الأسماك مثل سمك «الثعابين»، من خلال عمليات التفريخ، نظراً لقيام الصيادين بصيدها وهى صغيرة.


مواضيع متعلقة