جراحات دون «بنج» وتشريح «على قيد الحياة».. لا ترحم حيواناً فأنت فى كلية «الطب البيطرى»

جراحات دون «بنج» وتشريح «على قيد الحياة».. لا ترحم حيواناً فأنت فى كلية «الطب البيطرى»
- إبراهيم الدسوقى
- اضطرابات عصبية
- الأعلى للجامعات
- التخلص منه
- التيرم الثانى
- الجمعيات الحقوقية
- الجمعية المصرية
- الدكتور إبراهيم
- الدول الأوروبية
- الدول العربية
- إبراهيم الدسوقى
- اضطرابات عصبية
- الأعلى للجامعات
- التخلص منه
- التيرم الثانى
- الجمعيات الحقوقية
- الجمعية المصرية
- الدكتور إبراهيم
- الدول الأوروبية
- الدول العربية
قصص لا حصر لها، بعضها موثق فى شكاوى رسمية، والبعض الآخر ما زال قيد «الحكايات» المرعبة، حول التعامل الوحشى مع الحيوانات داخل كليات، يفترض أن هدفها هو «الرحمة والرأفة» بكائنات تعجز عن النطق، قصص تعود إلى عام 2007 وما قبله، حين ضاقت «الجمعية المصرية لأصدقاء الحيوانات» بممارسات ومخالفات طلاب كليات الطب البيطرى فى مصر، التى اعتبرتها وقتها «انتهاكاً للميثاق الدولى للرفق بالحيوان».
وهذه الممارسات تبدأ من حقن الكلاب بمحلول ملحى مباشرة فى القلب، ما يصيبها باضطرابات عصبية وهبوط فى القلب، فضلاً عن إعدام الحمير والخيول بالصاعق الكهربائى، وشق صدور الضفادع دون تخدير لمتابعة ضربات قلبها، وتوصيل أرجلها بالكهرباء لقياس رد فعل العضلات، بالإضافة إلى «قص ذيول» الفئران لأخذ عينات دم منها واستخدامها فى التجارب الميكروسكوبية، دون مراعاة وحشية هذه التصرفات، وهذا قليل من كثير سرده أحمد الشربينى، رئيس الجمعية وقتها، وما زال يسرده حتى الآن مضافاً إليه المزيد من الوقائع التى لم تتوقف عاماً بعد آخر، وأرسلت الجمعية إنذاراً رسمياً إلى الدكتور فتحى فاروق محمد، عميد كلية الطب البيطرى بجامعة القاهرة، عام 2012 طالبته فيه بالتحقيق فى «صعق حمير بالكهرباء» وخنق كلاب وإلقائها من أسطح الكلية، وهى الانتهاكات التى تم توثيقها جميعاً بالصوت والصورة، لكن شيئاً لم يتغير أيضاً، حيث تمر المزيد من السنوات مرفقة بمزيد من آلام التعذيب التى تتحملها حيوانات بكماء، ترحل إلى بارئها تشكو إليه وحده ما لحق بها من عذاب غير محتمل ينتهى دائماً بـ«تخلص آمن» من الحيوان باعتباره «منديل كلينكس».
{long_qoute_1}
صدمة عارمة أصابت «يارا» الشابة العشرينية، فى عامها الأول فى كلية الطب البيطرى جامعة الزقازيق، وهى التى تقوم بتربية سبع قطط وثلاثة كلاب وسلحفاة فى منزلها، تعلم جيداً قيمة الحيوانات، وتحبها للغاية، حتى إنها فضلت كلية الطب البيطرى على كليات الأسنان والصيدلية رغم أن مجموعها كان كافياً لإلحاقها بهما، وشعرت «يارا» بسعادة استثنائية «الموضوع مش هيبقى حب وخلاص، أخيراً هقدر أساعد الحيوانات بعلمى ودراستى».. هكذا منت الطالبة نفسها بالكثير، لتتحطم هذه الآمال على صخرة الكلية التى أصابتها باكتئاب شديد جعلها تفكر فى تغيير مسار الدراسة بالكامل، وهو قرار ليس سهلاً على الطالبة المتفوقة، لكن ما رأته كان مرعباً بما فيه الكفاية، حيث قالت «يارا» لـ«الوطن»: «أول ما دخلت كنت فاهمة إنى رايحة أعالج حيوانات، اتصدمت من أول سنة بتشريح الحصان، وقالوا لنا الحصان غالى عشان كده هنجيب كام حمار»، كانت «يارا» تعتقد أن حمير التجار تأتى نافقة إلى الكلية، لكن قال لها الزملاء: «هم بيعدموهم هنا وبيحرقوا اللحم ويدونا العضلات». ولم تصدق الشابة الأمر إلى أن رأت بعينيها المشهد الأكثر قسوة فى حياتها: «شفت فى الكلية حمار رجله متدمرة، العضم خارج من اللحم، رابطينها بقماشة وبدل ما يعالجوه دخلوه قسم الباطنة عشان يفتحوه ويتعلموا فيه الخياطة، وفى الطريق للقسم كان بيمشى بيضغط ع المفاصل اللى بين العضمة السليمة والمكسورة».
أما «حنان» وهى طالبة أخرى بكلية طب البيطرى، ولكن جامعة القاهرة، فهى تعانى من نفس «الصدمة» مع أولى سنوات دراستها فى الكلية: «كنت كاتبة طب بيطرى رغبة أولى فى التنسيق، عشان كنت فاكرة إنها كلية الإنسانية لكن اتصدمت لما لقيتهم بيدبحوا الحمير قدام بعضها، وبيجروها بأبشع الطرق بغرض التعليم، هو ده اللى عاوزينا نتعلمه؟ أنا اتخدعت وهاكمل وأنا عارفة إنى بضخم الأمور على نفسى، نفسى أعمل حاجة بس لو فتحت بقى هاشيل المادة، مش كل زمايلى معترضين، منهم ناس بتضحك عليّا ومعتبرين إنى مجنونة، وناس قالت لى هانرأف بالحمار ونوديه قسم الجراحة يتقطع شوية ونموته فى الآخر!».
وأثارت قصة الحمار المسكين غضب عدد غير قليل من الجمعيات الحقوقية المعنية بالحيوان فى مصر، مريم على المسئولة عن مشروع الحصان المصرى، عرضت استضافته ووجهت استغاثة بهذا الشأن إلى كل من رئاسة الجمهورية، ومسئولى كلية الطب البيطرى بجامعة بنها، حتى إنها لجأت إلى نقيب البيطريين الدكتور خالد العمرى لتحصل على «شجب وإدانة» للأمر، صحيح أن الرجل قطع على نفسه وعداً بمتابعة المسألة، مندداً بكل ما يحدث للحيوانات من تعذيب وإيلام داخل الكليات باسم «التعليم» لكن مصير الحمار لا يزال حتى اللحظة مجهولاً.
وتتذكر «مريم» المرة الأولى التى دخلت فيها كلية الطب البيطرى بجامعة القاهرة، قبل أربع سنوات، حين تعرض حمار لحادث فسارعت إلى هناك لترى ما حدث له بأم عينيها خلال جولتها المأساوية بالكلية «تجولت جوه المكان، شفت عنابر ضلمة تماماً، بطول 20 متر متقسمة غرف، كل أوضة فيها أربع خمس كلاب بيستغيثوا، ريحتها نتنة لا ميه ولا أكل، ومظلمة تماماً، كلاب لا ترى الشمس فى انتظار الموت، كلاب تجارب منتظرين دورهم، فى ناحية تانية معمل التشريح دماء جافة فى كل مكان ولا أحد بالداخل، اللهم إلا قطة محبوسة داخل قفص زجاجى».
{long_qoute_2}
كل هذا كوم، والمهر الرضيع الذى رأته كوم آخر تماماً: «كان عبارة عن هيكل عظمى بيتجول وبيحاول الاقتراب من أى حصان عشان يرضع منه، لكن الأحصنة كلها كانت أعصابها متهتكة ومحجوزين للتشريح، أقدامهم الملتهبة خلتهم يرفسوا الرضيع بمجرد ما يقترب منهم، والمشهد ده أبكانى وسألت عن قصته فهمت إنه أمه كانت حامل فيه واتعمل عليها تجارب وماتت، وهو فضل موجود، حاولت أصعّد الموضوع للعميد عشان آخد المهر، كما أن السيدة دينا ذو الفقار تدخلت دون فائدة، لدرجة إننا عرضنا إن حد منا يروح يرضعه كل يوم قالوا إحنا بنرضعه، وده طبعا كدب وإلا ماكنتش شفت المنظر اللى شفته وطبعاً كان مصيره على طاولة قدام طالب يبهدله».
الكثير من الفتاوى الدينية، ومحاولات إيجاد بدائل منطقية عثرت عليها الناشطة الشابة «مريم» وتوجهت بها إلى المجلس الأعلى للجامعات، برفقة متطوعين دون جدوى: «مش هقول الدول الأوروبية بتعمل إيه لأن قدامنا 150 سنة ضوئية عشان نبقى زيهم، لكن هقول الدول العربية شغالة على بدائل علمية صناعية مطابقة للحقيقية، معدش فيه حاجة اسمها تشريح حيوان حى عشان نتعلم، رحنا للمجلس قالوا لنا صعب نشتغل بالكلام ده، لأن كل كلية هتحتاج نص مليون جنيه تجديدات وده رقم مش متاح، وطبعاً الدولة بتدفع ملايين عشان تستورد سم للكلاب، لكن ما بتحبش تصرف نص مليون من الميزانيات الضخمة عشان شىء علمى بحت ورحيم فى نفس الوقت».
«الدكتور بيدخل يضرب مشارط مختلفة فى بطن الحمار ومؤخرته ورقبته فيقع، فنبدأ نديله بنج ونفتح ونخيط ونفك وهكذا لحد ما نتعلم!»، قالتها طالبة بكلية الطب البيطرى، رفضت ذكر اسمها، لـ«الوطن» مؤكدة أن بعض الطلبة يصابون باكتئاب بسبب المشاهد اليومية المتكررة خاصة محبى الحيوانات منهم.
وهناك تأكيدات من طلاب الدفعات القديمة بأنه «لا رحمة فى الطب البيطرى»، وهو واقع مؤذٍ يجد البعض تبريرات له، مثل «قلة الإمكانيات أو «ضرورة العلم»، ومن بين هؤلاء عبدالرحمن محمد، طالب السنة الأخيرة، الذى يدافع عن الأوضاع، مؤكداً: «اللى يعترض يعترض على الأوضاع ونظام التعليم والإمكانيات الفاشلة اللى تخلينا نعمل كده فى حمار عشان نتعلم».
وهذه واقعة ليست الأولى ولا الأخيرة ضمن وقائع بلا حصر لحيوانات تعانى يومياً داخل كليات الطب البيطرى، نورهان شريف، الناشطة فى حقوق الحيوان بالإسكندرية، كثيراً ما كانت ترد لها قصص وحكايات من هذه الكليات بهدف الحصول على مساعدتها، وهى تقول: «من هذه القصص حصان كان متبهدل جوه كلية الطب البيطرى بجامعة الإسكندرية، معيد داخل الكلية كان بينهار وبيحاول يحصل على مساعدتى ومساعدة الجمعيات الحقوقية لكن مشكلته إنه ماكنش عاوز يقول اسمه، لأنه ممكن يتأذى وده كان بيصعب المهمة بتاعتنا»، وأضافت «نورهان»: «كانت بتجيلى معلومات عن قطط وكلاب فى أقفاص بدون ميه أو أكل، الطلبة اللى بتحب الحيوانات كانت بتأكلهم اللى تقدر عليه، حكايات عن أحصنة وحمير بتتعدم بدون بنج وبيتحقنوا فورمالين وهم صاحيين وحاسين»، وهى قصص «يشيب لها الولدان» بحسب نورهان لم تعد تؤثر فى الناس.
من جهة أخرى، فإن طريقة تعليم الطلبة والطالبات تفضى إلى عدد غير قليل من الكوارث اليومية التى يمارسها أشخاص يحملون اسم «طبيب» ويعملون تحت مظلة الطب البيطرى، حنان دعبس، مديرة «مؤسسة حماية الحيوان»، واحدة من هؤلاء الذين يصطدمون بكوارث من تلك النوعية يومياً، كان آخرها لحالة كلب قام طبيب يُفترض أنه يعمل بالوحدة البيطرية فى مدينة البدرشين، جنوب الجيزة، بعمل عملية له فى منزله الخاص، وقام بخياطة الجرح بواسطة «سلك كهرباء» لم تصدق «حنان» عينيها «جرح الكلب متخيط بأفيزات كهرباء بلاستيك، الجرح تقيح واتبهدل بطول بطن الكلب والحالة اتأخرت، ونفق الكلب أخيراً».
«إنها أمم أمثالكم» لا يعلم ما تقول سوى خالقها أثناء العمليات، وبعدها، فى الساعات المظلمة خلال الليل ومع ساعات النهار الأولى حين يفد الطلبة، ساعات من الأنين غير المفهوم لحيوانات خرساء تحمل لافتة «للتجربة».
الدكتور عادل الأقرع، رئيس قسم الجراحة السابق بكلية الطب البيطرى فى جامعة بنها، أشار إلى أن هناك مجموعة من الضوابط الإنسانية التى تحكم مسألة التعامل مع الحيوانات يدرسها الطلبة فى عامهم الرابع بمادة «التشريعات» وتحدث عن المرات التى يتوجب على الطلبة التعامل فيها مع حيوانات داخل الكلية.
وأوضح د. «الأقرع» أنه «فى العام الأول يتدرب الطلبة على حمارين أو ثلاثة يتم تشريحها أمام الطلبة، أما العامان الثانى والثالث فالمواد التى يدرسونها تتعلق بالطفيليات والبكتيريا والفيروسات، ليعودوا إلى الجراحة فى العام الرابع، حيث نشترى للدفعة من 10 إلى 20 حيواناً، وتبدأ الحيوانات فى الظهور بداية من شهر أكتوبر، حيث يكون الطلبة قد اكتفوا من الدراسة النظرية، ويحظى الحيوان الواحد بثلاث عمليات فى التيرم، وفى نصف العام يتم التخلص منه بطريقة رحيمة، وفى التيرم الثانى يحدث نفس الأمر»، ويتابع أستاذ الجراحة: «لدينا جراحات تجريبية نستخدم فيها الكلاب ونقوم بعمليات مثل قص الذيل أو الأذن، أو إزالة المبايض، وفى هذه الحالة نقوم بتحضير الحيوان والتعامل معه كأن له صاحباً يخشى عليه، خاصة أن الحيوان حالياً ثمنه مرتفع ولم يعد الأمر يتعلق بصيده بالحبال، كما أن خطأ واحداً فى التعقيم يمكن أن يتسبب فى تكليفنا مضادات حيوية بمبالغ طائلة».
«لا أستطيع أن أقول إن المخالفات المذكورة لا تحدث!» هكذا يقر الدكتور إبراهيم الدسوقى، رئيس لجنة قطاع الطب البيطرى بالمجلس الأعلى للجامعات، العميد السابق لكلية الطب البيطرى بجامعة القاهرة، مشيراً إلى أن «وجود الحيوانات فى الكليات البيطرية يكون لأغراض عدة، منها التعليم والتدريب، والأبحاث، ولدينا فى الحظائر حيوانات يتدرب عليها الطلبة للتعرف على أجزائها، بطريقة لا تؤذى الحيوان، وجزء آخر من الحيوانات يتم إجراء التجارب عليها، بعضها يمكن أن يكون مؤلماً للحيوان». وهى بالتأكيد تجارب بلا قانون يحكمها، فالبيطريون والأطباء ما زالوا فى انتظار قانون استخدام الحيوانات فى التجارب العلمية، والمسألة حتى الآن بالكامل «تقديرية» كما يقول «الدسوقى». وحتى يتم إقرار القانون، ستظل مئات الحيوانات «قيد انتظار الرحمة»، بينما المهتمون بحقوق الحيوان يطالبون بقانون واضح وصريح يحد من الألم ويتسق معه المبادئ العالمية المعنية بالرحمة والرفق.
- إبراهيم الدسوقى
- اضطرابات عصبية
- الأعلى للجامعات
- التخلص منه
- التيرم الثانى
- الجمعيات الحقوقية
- الجمعية المصرية
- الدكتور إبراهيم
- الدول الأوروبية
- الدول العربية
- إبراهيم الدسوقى
- اضطرابات عصبية
- الأعلى للجامعات
- التخلص منه
- التيرم الثانى
- الجمعيات الحقوقية
- الجمعية المصرية
- الدكتور إبراهيم
- الدول الأوروبية
- الدول العربية