حرية وأمن الإنترنت كمفتاح للتنمية الاقتصادية والاجتماعية: وجهة نظر سويدية

حرية وأمن الإنترنت كمفتاح للتنمية الاقتصادية والاجتماعية: وجهة نظر سويدية
تستضيف السويد يوم ال22 من مايو 2013 منتدى استوكهولم الثانى لحرية الإنترنت من أجل التنمية العالمية، والذي يقام تحت رعاية وزير الخارجية السويدي كارل بيلدت.
يجمع هذا الحدث الدولي مئات المشاركين من أكثر من 90 دولة، ما بين صانعي السياسات وممثلي المجتمع المدني والناشطين وممثلي قطاع الأعمال والمجتمع التقني.
تعتبر حرية الإنترنت إحدى القضايا الساخنة التى تشغل الساحة الدولية هذه الأيام، بخاصة العالم العربي. وسوف يشهد منتدى استوكهولم هذا العام مشاركة 34 ناشط من الدول العربية والذين كانوا في طليعة التغيرات الديمقراطية والاجتماعية التى شهدتها المنطقة. من المغرب إلى العراق مرورا بليبيا وسوريا ومصر والسودان، يشارك هؤلاء الشباب العربي المتحمس في المنتدى من أجل إيصال أصواتهم ومناقشة دور الإنترنت فى ترسيخ ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولا سيما في البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل.
ولكن لماذا تحث السويد المجتمع الدولي للاهتمام بقضية حرية وأمن الإنترنت في هذا الوقت بالتحديد؟
يشهد العالم اليوم تزايدا حادا لعدد مستخدمي الإنترنت في الدول المتقدمة والنامية وفي الدول الديمقراطية والاستبدادية على حد سواء. فلقد أصبح الرابط بين زيادة إمكانية الوصول إلى الإنترنت، وحرية التعبير والأمن على الشبكة العنكبوتية من المقومات الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في جميع أنحاء العالم.
في الوقت ذاته، هناك أيضا انتشار لمحاولات قمع وتقييد حرية التعبير على شبكة الإنترنت. ففى السابق، كانت القيود تنحصر فى الاعتداءات الفردية على المدونين إلى جانب حظر أو إغلاق المواقع. لكن الآن أصبحت الأساليب القمعية أكثر تطورا، لتشمل عمليات فلترة للمواقع، وحجبها، إضافة إلى الاختراق والتجسس والتخريب الرقمي. هذا إلى جانب التشريعات المقيدة التي تستخدم أكثر فأكثر من قبل بعض الدول.
ولقد وجدت السويد وبلدان أخرى كثيرة في العالم هذا الاتجاه إلى مزيد من التقييد مثير جدا للقلق وذلك لعدة أسباب.
أولا.. لأن الوصول إلى إنترنت مفتوح وآمن وحر يعد من المتطلبات الأساسية لتشجيع الابتكار والنمو وخلق ديمقراطيات نابضة بالحياة. فالإنترنت من أهم وأقوى الأدوات في الاقتصاديات الحديثة والمزدهرة. فهو أداة تقوم بتعزيز التجارة، وتقديم نماذج الأعمال الناجحة وتحسين مستوى الخدمات. فضلا على استخدامه كأداة لدعم الأفكار الجديدة والبحث والابتكار، والتي تشتد الحاجة إليها من أجل تنمية وتعزيز الاقتصاديات. ففي دولة مثل مصر، يمنح الإنترنت فرصا كبيرة ويدعم من قدرة للمواطنين، والقطاع العام والخاص، إضافة إلى الفقراء لإيصال إصواتهم.
ومع التوسع في استخدام الإنترنت في مصر وغيرها من البلدان، تتوفر فرص حقيقية من أجل زيادة المشاركة والتواصل الديمقراطي على الصعيد المحلي والوطني والدولي. كما أن الإنترنت أداة فعالة للحد من الفساد، وزيادة المساءلة السياسية، ومحاربة الظلم وكشف انتهاكات حقوق الإنسان.
ثانيا، إن تطبيق واحترام مبادئ حقوق الإنسان مهم ليس فقط في العالم الواقعي ولكن أيضا فى المجال الإلكتروني. ففي عام 2012 قامت السويد، بالتعاون مع العديد من الدول الأخرى، بتقديم مشروع قرار إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بغرض تطبيق حقوق الإنسان على شبكة الإنترنت، بما في ذلك الحق في حرية التعبير. وقد تم اعتماد القرار بالإجماع، و حصل على دعم أكثر من 80 دولة.
ثالثا، فمن المهم أن يتم مناقشة والنظر إلى حرية الإنترنت جانبا إلى جنب مع قضية الأمن الإلكتروني. فتوفير الأمن من ضروريات حماية حرية وحقوق الشعوب وحماية المجتمعات المنفتحة والديمقراطية. فعلى سبيل المثال، قامت السويد من خلال سياستها الأمنية بتبني مفهوم حديث وشامل للأمن يتضمن أمن وحقوق المواطن والدولة على حد سواء. فالعمل على تأمين حرية تدفق المعلومات على الصعيد العالمي أمر أساسي من أجل ضمان نجاح العولمة. لذلك فنحن بحاجة إلى مزيد من التعاون الدولي ووضع معايير سلوكية تكون مبنية على أساس مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون. فالدول والشركات والأفراد هي جهات فاعلة ورئيسية في هذا العمل الهام.
فمع ازدياد وعى الحكومات بقدرة شبكة الإنترنت على تفتيت التسلسل الهرمي، والقضاء على احتكار المعلومات وتمكين المواطنين، أصبحت هناك حاجة ملحة اليوم أكثر من أي وقت مضى للتركيز على الفرص التي تتيحها شبكة الإنترنت من خلال المناقشات الدولية والدبلوماسية.
وفي هذا الإطار، يعتبر منتدى استكهولم لحرية الإنترنت والتنمية العالمية هو جزء من هذه الجهود، حيث إنه منتدى فريد من نوعه من حيث التركيز على جميع الجوانب الخاصة بالحريات على الإنترنت. فقد عقد المنتدى لأول مرة في أبريل عام 2012 ويعقد هذا العام يومى 22 و23 مايو، باستضافة وزير الخارجية السويدي كارل بيلدت.
هذه هى مجرد بداية لفهم شامل لإمكانات عصر مجتمع المعلومات والقضايا المرتبطة به من حريات وانفتاح واحترام لحقوق الإنسان، والابتكار والتنمية في العالم وهي جميعا مفاهيم سيتم مناقشتها خلال المنتدى.