الإعلام المصرى: خطوة للأمام.. وخطوة للخلف
- إصدار قانون
- الأجهزة الأمنية
- الأداء الإعلامى
- الإرادة السياسية
- الإعلام الخاص
- الإعلام المرئى
- الإعلام المصرى
- الإعلام الوطنى
- آليات
- أثار
- إصدار قانون
- الأجهزة الأمنية
- الأداء الإعلامى
- الإرادة السياسية
- الإعلام الخاص
- الإعلام المرئى
- الإعلام المصرى
- الإعلام الوطنى
- آليات
- أثار
رغم أن الإعلام المصرى ما زال يعيش بين ركام من المشكلات واعتوارات التنظيم والأداء، فإن بعض الأنباء تأتى بتطورات إيجابية، يمكن أن يكون لها أثر ملموس فى محاولات إخراج الحالة الإعلامية من تعثرها المطرد.
فلم يكد العام 2016 يشرف على الانتهاء حتى ظهرت تطورات تشريعية جوهرية، تلبى جزئياً استحقاقات التعديلات الدستورية التى تم إقرارها فى يناير 2014، وتعطى الأساس القانونى اللازم لإصلاح النظام الإعلامى وإعادة بنائه، فى حال توافرت الإرادة السياسية، والكفاءة.
لكن بموازاة تلك التطورات التشريعية، واصل الأداء الإعلامى ترديه على الصعيدين المهنى والأخلاقى، كما ظهرت تحالفات واندماجات وتغيرات فى الملكية أثارت كثيراً من الجدل إزاء القدرة على صيانة التعدد والتنوع، وإن حافظت على الأمل فى ترقية الأداء وتعزيز القدرات التنافسية للمنظومة الإعلامية الوطنية.
وفى غضون ذلك، واصلت وسائل الإعلام المملوكة للدولة المراوحة فى أوضاعها المأزومة والغامضة، وإن لم تعدم الآمال فى إيجاد طريقة مناسبة لتحولها إلى نمط «الخدمة العامة».
وعلى صعيد الأنباء السلبية، يعانى النظام الإعلامى المصرى فى الوقت الراهن عدداً من الاعتوارات على النحو التالى:
- تراجع معدل الثقة العامة فى وسائل الإعلام الوطنية، وزيادة حدة الانتقادات الموجهة للمجال الإعلامى عموماً، وهو الأمر الذى يظهر بوضوح فى خطاب الدولة الرسمى، ومحتوى وسائل الإعلام نفسها، كما يظهر من متابعة مواقع التواصل الاجتماعى، وفى المنتديات والنقاش العام.
- زيادة مفرطة فى الممارسات الحادة والمنفلتة والمثيرة للجدل عبر وسائط إعلامية مختلفة، كاستخدام اللغة المسيئة، وعدم الدقة، وانتهاك الخصوصية، والتحريض على العنف، وهو الأمر الذى ينعكس فى صراعات، ومحاكمات قضائية، وتدخلات سياسية.
- عدم وجود منظومة تشريعية متكاملة ورشيدة تحكم الأداء الإعلامى وتضبطه، وفق ما يحدث فى معظم الدول المتقدمة.
- شكاوى من انتهاكات بحق صحفيين وإعلاميين، تشمل الاعتداء البدنى، والاختفاء القسرى، والحبس، وسوء المعاملة، والمنع من السفر، فضلاً عن المحاكمة التى يتعرض لها نقيب الصحفيين واثنان من زملائه فى مجلس إدارة النقابة، فى قضية تتقاطع فيها الاعتبارات الجنائية والسياسية والنقابية.
- تدنى القدرة التنافسية لوسائل الإعلام المملوكة للدولة، وغرقها فى الديون التى بلغت نحو 35 مليار جنيه، وعجزها عن الوفاء باستحقاقاتها المهنية، وارتهانها للسلطة التنفيذية.
- غياب التعدد والتنوع وغلبة الصوت الواحد فى أداء معظم وسائل الإعلام الوطنية.
- الشكاوى المتكررة من تدخل بعض الأجهزة الأمنية فى عمل وسائل الإعلام.
- تراجع المهنية، وخلط الإعلان بالإعلام، وغلبة الاعتبارات التجارية على المقتضيات المهنية.
- افتقاد مصر لتعبير إعلامى إقليمى أو دولى مؤثر.
- هيمنة أنماط أداء رديئة على المحتوى الخبرى فى وسائط التواصل الاجتماعى، التى تزيد رقعة تأثيرها من دون أن تخضع لأى ضوابط أو معايير أداء.
- زيادة عدد عمليات الاندماج والبيع والتصفية، من دون وجود معلومات كافية عن طبيعة الملكية والمبادئ التحريرية للكيانات الجديدة، بما يخلق الجدل حيال القدرة على صيانة التعدد والشفافية.
وعلى صعيد الأنباء الإيجابية، يمكن رصد ما يلى:
- بعد قرن من ممارسة الإعلام المسموع، وأكثر من نصف القرن من ممارسة الإعلام المرئى، بات لدى مصر نقابة للإعلاميين للمرة الأولى فى التاريخ، بعدما صدّق الرئيس عبدالفتاح السيسى على قانون إنشاء النقابة، الذى أقره البرلمان، نهاية العام 2016.
- تمت تلبية جزء من الاستحقاقات الدستورية الخاصة بإنشاء الهيئات الإعلامية، مع صدور قانون الهيئات الإعلامية، المعروف باسم «قانون التنظيم المؤسسى»، ومن خلاله بات لدى مصر الأساس القانونى لإنشاء أول هيئة ضابطة لصناعة الإعلام بجميع أنواعه.
- توفير الأساس القانونى لتحرير وسائل الإعلام المملوكة للدولة من هيمنة السلطتين التنفيذية والتشريعية، عبر إصدار قانون «التنظيم المؤسسى» الذى يؤسس لإنشاء «الهيئة الوطنية للصحافة»، و«الهيئة الوطنية للإعلام»، وهما الهيئتان المعنيتان بإدارة وسائل الإعلام العامة، وقد نص القانون على استقلالهما.
- تم توفير موارد كافية لبعض الوافدين الجدد إلى صناعة الإعلام الخاص، بما يمكن أن يعزز القدرة التنافسية لوسائل الإعلام المصرية، ويزيد درجة الجودة فى الممارسة الإعلامية.
تشير تلك التطورات إلى أن الإعلام المصرى بات فى مفترق طرق، وأن سيناريوهين رئيسيين أمامه؛ أحدهما يتمثل فى تعزيز النقاط الإيجابية التى تحققت فى العام 2016، ومعالجة الاعتوارات التى ظهرت فى التطورات السلبية، ويتمثل ثانيهما فى العكس تماماً.
يحتاج الإعلام المصرى لكى يوضع على السكة الصحيحة إلى استكمال منظومة القوانين التى تم النص على إصدارها فى التعديلات الدستورية 2014؛ ومنها المواد القانونية المنظمة للمجال الإعلامى، والتى اقترحتها «اللجنة الوطنية للتشريعات الإعلامية»، وقانون «الحق فى تداول المعلومات»، والتعديلات القانونية اللازمة لإزالة العقوبات السالبة للحرية فى جرائم النشر والإذاعة.
إضافة إلى ذلك، فإن عملية تشكيل المجالس الإعلامية التى نص عليها قانون «التنظيم المؤسسى» يجب أن تتم بشفافية وكفاءة، لكى تضمن وجود عناصر قادرة على تحقيق نقلة نوعية فى مسيرة الإعلام المصرى، عبر ترجمة الاستحقاقات الدستورية فى قوانين ولوائح وممارسات رشيدة.
باتت إعادة بناء النظام الإعلامى المصرى ضرورة ملحة للمساهمة فى خدمة المصلحة العامة، وإعادة بناء الدولة، والانسجام مع مطالب الجماعة الوطنية، وتحقيق آمال الجماعة الإعلامية والصحفية المصرية الرامية إلى التمتع بإطار حريات مستحقة، وتحقيق تطور مهنى يعكس مسئولية تجاه الجمهور والدولة.
إن إعادة بناء النظام الإعلامى المصرى عملية مركبة تستلزم تضافر جهود السياسيين والإعلاميين والمجتمع المدنى، كما تستلزم حرصاً وتفاعلاً من الجمهور، ومتابعة دقيقة لإدراك الأهداف الإعلامية، التى تتعلق مباشرة بالمصالح الوطنية.
ستبدأ تلك العملية من استكمال الوفاء بالاستحقاقات الدستورية التى أكدت حرية التعبير وإبداء الرأى، وأزالت العقوبات السالبة للحرية من معظم جرائم النشر، وأتاحت الحق فى الحصول على المعلومات، وضمنت استقلالية وسائل الإعلام وحرية إصدارها، وحظرت تعطيلها أو إغلاقها.
وقد ضمنت تلك التعديلات الدستورية أيضاً استقلالية وسائل الإعلام المملوكة للدولة، وحريتها، وتوازنها حيال المصالح الاجتماعية والسياسية فى المجتمع، وضرورة اتباعها أنماط أداء مهنية وإدارية رشيدة.
ومن جانبها، يجب أن تقوم النقابات المهنية المعنية (نقابة الصحفيين ونقابة الإعلاميين تحت الإنشاء) بدورها فى تدقيق الأداء الإعلامى والصحفى لأعضائها، عبر تفعيل مواثيق الشرف، وإصدارها فى حال لم تكن موجودة، وإنشاء آليات تأديب فعالة.
إن الجماعة الصحفية والإعلامية مطالبة، عبر هيئاتها النقابية، والوسائل الإعلامية التى تعمل فيها، بتعزيز الالتزام المهنى فى أدائها، والحد من الممارسات الرديئة، التى لطخت سمعة الإعلام الوطنى.
من حق الجمهور المصرى أن يحصل على محتوى إعلامى أكثر رقياً واتساقاً مع معايير الأداء الرشيدة، وأكثر وفاءً باحتياجاته من المعلومات الدقيقة والتحليلات الموضوعية والآراء السديدة، ومن حق مصر أن تكون لديها وسائل إعلام قادرة على المنافسة على الصعيدين الإقليمى والدولى، وإعطاء صورة لائقة عن البلد وما يجرى فيه.