أسرى حرب 1967: مش هنسيب حقنا عند إسرائيل أبداً

كتب: عبدالفتاح فرج

أسرى حرب 1967: مش هنسيب حقنا عند إسرائيل أبداً

أسرى حرب 1967: مش هنسيب حقنا عند إسرائيل أبداً

تشبعت رمال سيناء بدمائهم الساخنة، بعد أن تعرضوا لأبشع عمليات القتل والتنكيل على مر العصور، قُتلوا بدم بارد من جنود إسرائيليين تفننوا فى قتلهم بإطلاق قذائف الدبابات عليهم تارة، وبدهسهم بها تارة أخرى، أو بدفنهم فى خنادق رملية حفروها بأيديهم، أو بحشرهم فى قطار بضائع خانق قبل أن يصلوا إلى «عتليت»، مرت الدقائق القليلة عليهم خلال رحلة الأسر كسنوات طويلة مريرة، تذوقوا فيها طعم الذل والمهانة، منهم من قضى نحبه، ومنهم من نجا من أيدى الجنود الصهاينة وكُتبت له العودة إلى مصر مرة أخرى ليحكى قصص التعذيب والقتل. «الوطن» التقت بعدد من الأسرى السابقين فى سجون الاحتلال الإسرائيلى عقب نكسة 1967، وبعض أبناء الشهداء الذين قتلتهم إسرائيل خلال رحلة الأسر بعد احتلال شبه جزيرة سيناء، للتعرف على ما تعرضوا له فى الأسر وبعد الأسر، وتفاصيل حياتهم فى السنوات التالية للحرب وحتى الآن، بالإضافة إلى كواليس القضية التى رفعوها على الحكومة المصرية قبل 17 عاماً للحصول على تعويضات من إسرائيل، التى تم الحكم فيها بشكل نهائى لصالحهم بعد رفض المحكمة الطعن المقدم من الحكومة المصرية.

{long_qoute_1}

«سليم»: انتفضنا مرتين فى الأسر.. واحدة بسبب استفزاز جندى إسرائيلى لنا والأخرى لتغيير الطعام و«البرهيمى»: لم أحصل على أى امتيازات من الدولة باستثناء تعيينى فى وزارة الزراعة بمرتب 1500 جنيه

داخل شقته البسيطة بمنطقة المساكن التابعة لبولاق الدكرور والقريبة من شارع فيصل بالجيزة، جلس إبراهيم السيد سليم، 71 سنة، بصحبة زوجته، يقلب فى القنوات الإخبارية لمتابعة أصداء القضية التى أقامها ضد الحكومة المصرية لمقاضاة إسرائيل فى المحاكم الدولية، التى حكمت لصالحه مع 48 آخرين، للحصول على تعويض عن الجرائم التى ارتكبتها فى حق الأسرى المصريين العزل فى حرب 1967، أسوة بما حدث مع الجنود الإسرائيليين الذين قتلهم سليمان خاطر على الحدود المصرية الإسرائيلية.

مرتدياً نظارة طبية، وبلوفر أحمر داكناً فوق جلباب واسع يحكى إبراهيم قصته فى الأسر بنبرة مرتفعة: «كنت مجنداً بسلاح التموين والنقل وكنت ملحقاً باللواء العاشر مشاة، بمنطقة القسيمة المتاخمة لصحراء النقب، وفى ليلة 5 يونيو 67 تم تكليفى بالتوجه إلى مخازن العريش لتسلم مواتير وقطع غيار سيارات، ووصلت العريش نحو الساعة السادسة صباحاً، وبعد عدة دقائق لاحظت انتشاراً كثيفاً لطائرات حربية فى السماء، لكنى لم أعلم حينها، هل هى طائراتنا أم طائرات إسرائيلية، لأننا كنا على علم بأن عبدالناصر على وشك توجيه ضربة قوية إلى إسرائيل، أيد ظنى البيانات الإذاعية المصرية التى تحدثت عن تحقيق النصر على إسرائيل وأن قواتنا على وشك دخول تل أبيب، لكن بعض زملائى قالوا لى إن الطائرات الحربية تابعة لإسرائيل لأنها متوجهة نحو الدلتا والقاهرة، لكنى رفضت البقاء فى العريش تنفيذاً لتعليمات الكتيبة التى أتبعها وقررت العودة إليها فى القسيمة، وأثناء العودة تعرضت السيارة إلى إطلاق نار كثيف من الطائرات الإسرائيلية، حتى وصلنا إلى مفارق طريق الحسنة - القسيمة»، يواصل الأسير السبعينى السابق حديثه: «ومع وصول دقات الساعة الرابعة والنصف مساء، رأينا «كول» من المدرعات الإسرائيلية يسير نحو مدينة العريش، وأطلقوا قذيفة على السيارة واستشهد السائق على الفور، وأصيب جندى آخر كان برفقتى فى السيارة، وزحفنا على الرمال حتى لا يرانا الأعداء، ومر الكول من أمامنا لكنه ترك كميناً متحركاً خلفه عبارة عن 3 دبابات و4 سيارات مجنزرة، وهذا الكمين لم يكف عن إطلاق النيران طوال الليل بعشوائية غريبة، وفى يوم 6 يونيو توجهت أنا واثنان من الزملاء إلى تبة مرتفعة وحفرنا خندقاً نختبئ فيه حتى يحل الظلام، ولكن بعد أذان الظهر اقتربت منا دبابة إسرائيلية وأطلقت قذيفة نحونا وردمت الخندق بالرمال وعندما قمت باستطلاع المكان، رآنى قائد الدبابة وقام بالنداء بتسليم نفسى، فقمت بإبلاغه بأنه لا يوجد سلاح معى، وأخبرتهم بأن زميلى يحتاج إلى علاج، ودار بيننا حوار حول رتبتى، ظن قائد الدبابة أننى ضابط بعد أن فتح سترتى ورأى لون الفانلة الداخلية، لكنى قلت له لقد حرقت مهماتى فى القاهرة ولم أرتد الفانلة الميرى»، المفاجأة التى كشفها إبراهيم تمثلت فى معرفة قصة قائد الدبابة اليهودى، عندما أخبره القائد بأنه يهودى مصرى ولد فى بولاق، وكان أبوه يعمل فى وكالة البلح، ووصف له الجندى اليهودى شكل كبارى القاهرة وشوارعها، عندئذ طلب إبراهيم منه أن يتركه يرحل بعيداً عن القوات الإسرائيلية، ووافق الجندى الإسرائيلى، مصرى الأصل على ذلك، ونصحه بالاختفاء فى الجبل والسير ليلاً فى اتجاه قناة السويس، يقول إبراهيم: «الحكايات التى كانت تتردد على مسامعنا من غدر وخيانة اليهود جعلتنى أسير بظهرى ببطء، سمعته وهو يقول اجرى يا إبراهيم ما تخافش، لكنى لم أسمع نصيحته حتى أوقفنا مجموعة من البلطجية اليهود وسرقوا متعلقاتنا الشخصية والنقود، لكن عندما رآهم قائد الدبابة الإسرائيلى، مصرى الأصل، أمرهم بالتوقف وأخذ منهم متعلقاتنا التى سرقوها، وقام بتكسير الساعات بعد أن سألنا هل نحتاجها أم لا، لكنه أخذنا واتجه بنا نحو خندق مصرى قديم كان يرقد به 23 فرداً ما بين جندى وضابط».

{left_qoute_1}

يتوقف «إبراهيم» عن الحديث قليلاً ليرد على مكالمة هاتفية جاءته من أحد أقاربه يخبره فيها بأنه رآه على شاشة إحدى القنوات العربية منذ قليل، قبل أن يكمل حديثه: «فى صباح اليوم التالى أخذنا اليهودى المصرى إلى مطار العريش الذى احتلته إسرائيل، وفى 7 يونيو ومع أول ضوء من النهار تم إعدام بعض الجنود المصريين بعد حفر براميل فى الرمال ودفنهم فيها، كنا نحفر قبورنا بأيدينا، وفى نحو الساعة التاسعة صباحاً أحضروا سيارات نقل كثيرة لنقل الأسرى إلى بئر سبع، وتم تحميل كل سيارة بـ50 أسيراً، وكان يحرس السيارة جنديان إسرائيليان يجلسان فوق كابينة السيارة، مع سيارة أخرى تحرسها من الخلف»، يعيد الرجل السبعينى ظهره للخلف ويأخذ نفساً طويلاً قبل أن يكمل: «تسابق الجنديان الإسرائيليان على قتل كل ركاب السيارة الذين جلسوا القرفصاء، وقبل أن يأتى الدور علىَّ فى التصفية، طلبت من أحد زملائى بأن يخف وزنه من على ظهرى، لكن لم يرد حتى تدفقت دماؤه على ظهرى وشعرت بسخونتها فأدركت أنه قُتل، وعندما جاء الدور علىَّ، أطلق أحدهما رصاصة على رأسى لكنها أخطأت الهدف وأصابت يدى التى كنت أضعها على رأسى، بينما قتلت الرصاصة الزميل الذى كان يجلس أمامى، ولم أتنفس بعد ضربى بالرصاص لأنى كنت قد شاهدتهم وهم يغربلون أحد زملائنا بالرصاص عندما صرخ من إطلاق الرصاص عليه، وعندما وصلت السيارة إلى بئر سبع، ظنوا أن كل أفراد السيارة من الأسرى قد ماتوا، وصعد أحد الجنود الكبار إلى السيارة ليتفقد القتلى، فأخبرته بأنى ما زلت على قيد الحياة، واكتشفت أن هناك اثنين غيرى، لا يزالان أحياء، وبسرعة أخذنا الرجل على مستشفى بئر سبع فى سيارة حديثة وتوقف فى الطريق، واشترى لنا شيكولاته ومياهاً، وأخبرنا أنه مصرى وأن عبدالناصر هجرهم من مصر، وعندما وصلنا المستشفى رفضوا علاجنا، وقالوا نحن لا نسعف الأسرى بل نسعف الجنود الإسرائيليين، وعاد بنا إلى محطة السكة الحديد وسلمنا إلى قادته»، بمجرد وصول جميع الأسرى إلى محطة السكة الحديد، بحسب وصف الأسير السابق، تم شحنهم فى عربات بضائع مغلقة من جميع الجهات، ولا يوجد فيها منفذ واحد ما تسبب فى وفاة نصف الجنود المأسورين تقريباً، يقول إبراهيم: «سقف العربية بقى كله ميه من النفس والخنقة، وأنا كنت قاعد جنب الباب وكنت باتنفس من خرم صغير جداً عشان كده عشت لحد ما وصلت معسكر عتليت، حطونا فى عنابر مخيفة وسلموا كل واحد فينا نص بطانية، واحترنا نتغطى بيها ولا نفرشها ننام عليها، وكانوا بيسمحوا لنا نروح دورات المياه ونشرب من الساعة 10 الصبح لحد الساعة 2 الضهر بس، والسجن كان قريب من أحد المسطحات المائية وكان برد جداً فى شهور الخريف، لأن السقف كان مبنى على أعمدة ومفتوح من الجنب، فى الوقت ده كنت تعبان جداً، وفضلت بجرحى طول فترة الأسر، كنت بافتح الجرح بنفسى وهو معبى صديد وأنضفه، وكنت بطلع عضم مكسور من صباعى زى ما الواحد بيطلع الشوك من السمك وفضلت على الحال ده لحد ما رجعت مصر».

{long_qoute_2}

لم يحصل الأسرى المصريون على بعض حقوقهم إلا بعد قيامهم بعمل مظاهرة داخل السجن احتجاجاً على استفزازهم من قبل أحد الجنود الإسرائيليين، وفقاً لما يرويه «إبراهيم»: «فيه عسكرى إسرائيلى دخل العنبر بتاعنا ونادى على جندى مصرى وقال له، شيل برميل الزبالة ده، وحطه على عربية الجيش بتاعكم، وادعى لجولدا مائير، الجندى المصرى ما قدرش يستحمل الاستفزاز ده، وقام ضارب العسكرى الإسرائيلى بالقلم وقعه على الأرض، والدنيا اتقلبت، وعملنا هيجان جوه المعسكر، لحد ما جه قائد السجن الإسرائيلى وأحضر اللواء صلاح ياقوت، اللى كان مأسور زينا فى عنبر تانى، ليتوسط بيننا وبينهم ويهدينا، وحكينا اللى حصل، فالقائد الإسرائيلى جاب العسكرى الإسرائيلى وحط فى بقه معلقة شطة، عشان ما يتكلمش تانى، العسكرى اتنطط من الألم بعدها، بعد الموضوع ده أخدنا وضعنا شوية وطلبنا تمديد مدة دخول دورة المياه، وزيادة عدد حنفيات الميه واستجابوا لنا فوراً»، يحكى «إبراهيم» قصة الانتفاضة الثانية التى قاموا بها داخل الأسر لتحسين أوضاعهم، ويقول: «بعد فترة طويلة من تناول طعام ردىء وفاسد من متبقيات تعيين الجيش المصرى فى سيناء أصبنا بإعياء شديد كانوا بيحطوا كل حاجة على بعضها ويطبخوها لحد ما بطننا نشفت، وكان المكان ريحته قذرة بفعل دورة المعدة والبطن، لحد ما قررنا كلنا عمل إضراب عن الطعام وأبلغنا العنبر اللى جنبنا بالإضراب، ولما فتحوا الباب لنا عشان ناخد الفطار، قلنا مش هنفطر عشان احنا مضربين عن الطعام، قالوا فيه إيه قلنا بطننا تعبتنا من الأكل ده، قالوا ده الأكل بتاعكم، قلنا عاوزين أكل طازة، وقائد السجن وافق على طلبنا وأمر ببناء مطبخ داخل كل عنبر مع ترشيحنا للطباخين من الأسرى، وفى نفس اليوم بنوا المطبخ وعندما انتهوا من إعداد الطعام فى تمام الساعة السادسة مساء قلنا لن نتناول الغداء قبل تناول الإفطار، قالوا إزاى هو ده وقت إفطار، قلنا لازم نستلم الأول، وفعلاً بعد ما كل واحد فينا تسلم الفطار كان يرميه قدام عين اليهود فى صندوق الزبالة عشان نقهرهم بس، واتغدينا بعدها من الأكل الطازة»، يتذكر إبراهيم مواقف أخرى داخل السجن ويقول: «المصرى معروف بذكائه الشديد، اليهود كانوا بيضلموا العنابر وبينوروا الطرقات والساحة الخارجية بالليل، لكن شوف المصريين عملوا إيه عشان ينوروا العنابر بالليل، سرقنا سلك الكهربا من الطرقة بالنهار واللمبة وربطناها على سقف العنبر، وعشان كده، لما كانوا بيشغلوا الكهربا بالليل كانت العنابر بتاعتنا بتنور معاها، عكسنا الحكاية العنابر كانت بتبقى منورة والطرقات والساحة كانت بتبقى مضلمة، عشان كده قدرنا نسهر لحد الساعة 12 بالليل بدل ما كنا ننام من المغرب، وكنا بنلعب شطرنج، وللشطرنج قصة ظريفة، قعدنا نحو 60 يوم من غير ما نستحمى وبنفس هدومنا المليانة دم، لحد ما عبدالناصر بعت لكل واحد فينا شنطة مليانة غيارات وسجاير كليوباترا، وأمواس حلاقة، لكن اليهود سرقوا منها الأمواس، وأول ما دخلنا ماكانش فيه صابون نغسل أو نستحمى بيه، لكن بعد ما أخدنا وضعنا شوية فى السجن صرفوا لنا صابون كتير وقطعنا الصابون ده وعملنا منه قطع شطرنج».{left_qoute_2}

يحكى إبراهيم قصة غريبة أخرى عن مصرى يهودى ثالث رآه فى رحلة أسره فى إسرائيل ويقول: «كنا نقتل الوقت بشيئين، لعب الشطرنج، والاستماع إلى صوت زميلنا سعيد، اللى كان بيغنى أغانى فريد الأطرش، وكان فيه عسكرى إسرائيلى بيحرس المعسكر من بره، وكان بيتصنت على صوت سعيد زميلنا وبيحب يسمعه، لحد ما جه فى يوم ودخل العنبر وقال مين اللى بيغنى بالليل لفريد الأطرش، سكتنا، فسأل تانى، فردينا كلنا وقلنا بصوت عالى عاوز منه إيه، قال ما تخافوش أنا عاوز بس أشوفه، فقلنا اطلع يا سعيد، وأول لما شافه استغرب وأخده بالحضن، وقاله انت مش فاكرنى يا سعيد، مش احنا كنا بنلعب مع بعض فى حارة كذا فى الإسكندرية، وانت ابن خالتى أم فلان، طب عارف فلان وفلان، وحضنوا بعض وبقى كل يوم العسكرى ده يجيب لنا أكل ساخن من البيت، ويديه لسعيد ويقوله معلش مش هقدر أجيب أكل للناس كلها، لكن ممكن يدوقوا معاك الأكل، فى الوقت ده العساكر الإسرائيليين كانوا أخدوا علينا وبيتوددوا لينا عشان نديهم سجاير كليوباترا من اللى عبدالناصر بعتها لينا فى الشنطة، كل عسكرى اتبعت له قاروصتين سجاير كليوباترا، والإسرائيليين حبوها جداً وكانوا بيطلبوا مننا نلعب معاهم شطرنج عشان نديهم سجاير».

وعن الرئيس جمال عبدالناصر يقول إبراهيم: «لما عرفنا إن عبدالناصر تنحى عن الحكم، فرح الجنود الإسرائيليون جداً، وبكينا نحن وطلعنا هتفنا وقلنا لا تتنحى، لكن بعد ما عرفنا إنه تراجع عن قرار التنحى هتفنا باسمه داخل السجن، ورغم كل ما حدث لنا فى سيناء ورغم الهزيمة القاسية، وما رأيناه فى الأسر إلا أن كل الجنود كانوا يحبون عبدالناصر ولم يحملوه مسئولية النكسة، لأن الاتحاد السوفيتى قام بتضليله عندما حاول بدء الهجوم على إسرائيل».

«قضيت 5 شهور ونصف فى معسكر عتليت قبل أن يتم الإفراج عنى ضمن أول دفعة من المصابين، وخرجت من المعسكر برفقة 49 مجنداً، ونقلتنا طائرة تابعة للصليب الأحمر الدولى إلى مطار القاهرة» يتحدث إبراهيم عن الإفراج عنه، يعود للقول: «تم إدخالنا إلى مستشفى القوات المسلحة وأجريت لى عمليتان جراحيتان، وخرجت بعد شهرين من المستشفى، ولم يتم عرضى على القومسيون الطبى، ما تسبب فى عدم حصولى على أى مستحقات بعد انتهاء خدمتى العسكرية بمجرد عودتنا من الأسر، قدمت التماسات عديدة للرئيس أنور السادات وحسنى مبارك والرئيس عبدالفتاح السيسى لكن لم يحدث أى جديد، عدت إلى عملى السابق كموظف بمؤسسة التحرير وظللت بها حتى خروجى على المعاش».

يضيف إبراهيم: «خلال تلك السنوات لم أنس حقى ورفعت قضية على 5 جهات حكومية مصرية فى عام 2000 للقيام بواجبها لمقاضاة إسرائيل للحصول على حقوقنا لأنها خالفت المواثيق الدولية وقتلت أسرى عزل من السلاح، وأصابت بعضنا بإصابات خطيرة، واستمرت إجراءات التقاضى لمدة 8 سنوات حتى حكمت المحكمة لصالحنا فى عام 2008 بعد مماطلة محامى الحكومة كثيراً، لكن حكم المحكمة طعنت عليه الحكومة ولم يتم البت فى الطعن لمدة 9 سنوات كاملة لا أدرى لماذا، حتى قام بعض المحامين الشجعان ومعهم الأستاذ وحيد الأقصرى بتحريك القضية ورفضت المحكمة الطعن المقدم من الحكومة ما يعنى أن حكم المحكمة نهائى وبات».

أما جمال الجوهرى، 49 سنة، من محافظة المنوفية، فيقول: «تم أسر والدى فى حرب 67، وأنا الابن الوحيد له، لأنه تزوج قبل اندلاع الحرب بعام ونصف فقط، واسم والدى كاملاً هو محمد مصطفى محمد الجوهرى، تم إدراج اسمه فى قوائم الشهداء بعد 4 سنوات من فقده، وعلمنا من بعض زملائه أنه تم قتله فى ساحات قتل الأسرى الشهيرة فى سيناء، ورفعت قضية على الحكومة المصرية للحصول على حقوقنا من الجانب الإسرائيلى على مخالفته للقوانين الدولية، واستعنا بالفيلم الإسرائيلى روح شاكيد، الذى وثق عمليات قتل الأسرى فى سيناء وإسرائيل، وعندما حكمت المحكمة لصالحنا طعنت الحكومة على الحكم لا أدرى لماذا».

يضيف الجوهرى: «جاء فى حيثيات الحكم أن الدولة ملزمة بالدفاع عن مصالح وحقوق مواطنيها فى مواجهة غيرها من الدول، لا سيما فى الحالات التى تكفل فيها قواعد القانون الدولى للأفراد حق مقاضاة الدول الأجنبية، وتتحمل الدولة ممثلة فى السلطة التنفيذية واجب الحماية الدبلوماسية لمواطنيها فى مواجهة الدول الأجنبية صوناً لحقوقهم، لتؤكد على التزام جهة الإدارة باتخاذ جميع الإجراءات التى تكفل حماية حقوق أبناء مصر من المواطنين العاديين أو من أفراد القوات المسلحة الذين قٌتلوا فى الأسر أو عذبوا أو انتهكت حقوقهم التى كفلتها قواعد القانون الدولى والاتفاقيات الدولية وذلك فى مواجهة الدول المعتدية على مصر فى حروب تشكل عملاً غير مشروع وفقاً لأحكام القانون الدولى»، يتابع نجل الشهيد قائلاً: «المفروض الحكومة تقف جنب ولادها مش ضدهم، بعد استخراج شهادة الوفاة حصلنا على مكافأة شهيد قيمتها 100 جنيه، ومعاش شهرى، رفضت والدتى الزواج بعد استشهاد والدى وقالت هربى ابنى، وتعبت وشقيت عليّا وكانت بتطلع تشتغل فى الأراضى وتشيل على دماغها عشان تربينى، عشان كانت بتاخد معاش ضعيف، ولما اتعينت فى الحكومة اتعينت وسنى 48 سنة، وما اتعينتش لأنى ابن شهيد اتعينت عشان أنا من ضمن المعاقين، اتعينت باحث شئون اجتماعية بالتربية والتعليم، وبعد ما أخدت شهادة المعاقين تقدمت للحصول على معاش من والدى ويقبض الآن كل واحد فينا 1177 جنيهاً فقط، وفى احتفالات أكتوبر تتم دعوتنا ويتم إعطاؤنا ظرفاً به 500 جنيه، وبطانية».

أما عصام البرهيمى، ابن قرية مليج، مركز شبين الكوم، ونجل الشهيد أحمد محمد البرهيمى، الذى أعدمت إسرائيل كل أفراد كتيبة 250 بسيناء، بالرصاص والدبابات، وكان من ضمنهم والده فيقول: «أخبرنا باستشهاد والدى زميله عبدالرحيم أبوزيد، لذلك اشتركنا مع زملاء والدى الأحياء وورثة زملائهم فى رفع قضية للحصول على حقوقنا من إسرائيل، ولأنى نجل الشهيد الوحيد، تم تعيينى فى وزارة الزراعة عام 1993 لأن والدى شهيد، وأتقاضى راتباً شهرياً قيمته 1500 جنيه»، يضيف الرجل الخمسينى: «للأسف المرتب لا يكفينى أنا وأبنائى لذلك تقوم والدتى بإعطائى جزءاً من معاشها شهرياً، وللأسف عندما استشهد والدى طردنا جدى وجدتى من البيت وأخذا كل شىء، وذهبنا إلى بيت جدى لأمى وربتنى والدتى أفضل تربية ورفضت الزواج من أجلى»، ويتابع: «أبويا مات عشان مصر، والحكومة واقفة ضدنا، لكن لو فيه طيارة واقعة وفيها أجانب الحكومة هتديهم فلوس بالدولارات زى ما هما عاوزين، لكن أكتر حاجة بتضايقنى إنى أنا ابن شهيد ومش واخد حقى فى البلد، المفروض أهالى الشهداء يكون لهم امتيازات فى مصر زى معظم الدول الأجنبية ما بتعمل، لو دخلت أى مصلحة حكومية وقلت أنا ابن شهيد محدش هيعبرنى وإيه يعنى ابن شهيد».


مواضيع متعلقة