رحلة 8 أعوام من التطوير: شبكات مياه وصرف صحى وكهرباء وخدمات جمركية ومرورية.. وفصل حركة الشاحنات عن الركاب

كتب: أحمد عصر وصلاح عبدالله

رحلة 8 أعوام من التطوير: شبكات مياه وصرف صحى وكهرباء وخدمات جمركية ومرورية.. وفصل حركة الشاحنات عن الركاب

رحلة 8 أعوام من التطوير: شبكات مياه وصرف صحى وكهرباء وخدمات جمركية ومرورية.. وفصل حركة الشاحنات عن الركاب

آيات من الفخر والاعتزاز رُسمت على جباه كل من كان له دور فى تطوير ميناء سفاجا البحرى، حتى أولئك الذين قدموا مجهودهم فى إطار الدور الوظيفى المحدد لهم داخل الميناء، التقت «الوطن» فى جولتها داخل ميناء سفاجا بالمهندس توفيق منصور، مدير الشئون الهندسية بميناءى سفاجة والغردقة، ورئيس مجموعة الإشراف على تطوير ميناء سفاجا، ليشرح لنا تفصيلاً مراحل عمليات التطوير التى استمرت قرابة 8 أعوام، واجه فيها القائمون على عمليات التطوير العديد من العقبات والتحديات التى لم تطفئ حماستهم حتى افتتاح الميناء.

البداية.. دق «خوازيق» محطة الركاب

كانت البداية الفعلية لأولى خطوات عمليات التطوير داخل ميناء سفاجا، حسب «توفيق» فى نهاية شهر أغسطس من عام 2009، حيث كانت نقطة الانطلاق من خلال دق «خوازيق» محطة الركاب لتنطلق بعدها عمليات التطوير تباعاً فى كافة أرجاء الميناء.

{long_qoute_1}

«قبل ما نتكلم عن الميناء بعد التطوير لازم نتكلم الأول عن وضع الميناء كان عامل إزاى قبل التطوير»، بهذه الكلمات بدأ المهندس الخمسينى «توفيق منصور» حديثه، بعد أن أبدى سعادته البالغة بما وصل إليه ميناء سفاجا الذى يعمل به منذ أكثر من 40 عاماً، فقد كان الميناء، حسب «توفيق»، قبل ذلك عبارة عن رصيف للركاب ينحصر بين رصيفى «الغلال» و«الألومنيوم والفحم»، ولم يكن هناك أى منفذ للميناء سوى منفذ واحد يطل على الطريق الرئيسى لمدينة سفاجا ويتعامل مع هذه الأنشطة كلها، سواء كانت الشاحنات الخاصة بالألومنيوم والفحم، أو الشاحنات الخاصة بالبضائع أو الركاب والأوتوبيسات والموظفين وغيرهم، الأمر الذى كان يؤدى إلى مزيد من التكدس والمشكلات التى يواجهها الميناء فى عمليات الدخول والخروج.

«من هنا جت فكرة التطوير»، يقولها «توفيق» بعد أن اعتلت جبهته ابتسامة خفيفة، حيث تمثل الهدف الرئيسى لتطوير ميناء سفاجا وفق «توفيق» فى فصل حركة الشاحنات عن حركة الركاب، ليدور تفكير القائمين على الأمر وقتها حول كيفية تحقيق ذلك على أرض الواقع.

يقول «توفيق»: «عشان ده يحصل كان لا بد من التوسع فى المساحة الأرضية للميناء، ومن هنا بدأت وزارة النقل سنة 2008 فى التنسيق مع وزارة الاستثمار اللى تتبعها الشركة العامة للصوامع والتخزين لاستقطاع جزء من أرض فضاء تابعة لشركة الصوامع وضمها للميناء، وفى الوقت نفسه تم التنسيق مع محافظة البحر الأحمر لضم مساحات تانية من أراضى المحافظة، وبالفعل تم استقطاع 66 ألف متر مربع من أراضى الشركة للصوامع، بالإضافة لـ100 ألف متر مربع كمان من محافظة البحر الأحمر».

بنية تحتية كاملة

بالتوازى مع فكرة التوسع فى المساحات الأرضية كان هناك محور آخر خاص بتطوير البنية التحتية للميناء، حيث كانت، حسب «توفيق»، بلا بنية تحتية تقريباً، فكان هناك محول كهرباء واحد بقدرة 1 ميجا للميناء بأكمله، وكان الميناء يعتمد على خزان مياه واحد فقط علوى بسعة 200 طن، ولم يكن للميناء شبكة صرف صحى، كما لم يكن هناك شبكة إطفاء ومكافحة حريق، فضلاً عن الطرق الضعيفة التى لم يكن يتناسب عرضها مع الشاحنات التى تتحرك داخل الميناء طيلة اليوم ذهاباً وإياباً، «من هنا بقى كان أهم ما يشغل بالنا هو تطوير البنية التحتية بما يتناسب مع حجم وأهمية ميناء سفاجا»، يقولها «توفيق» ليوضح بعدها أن عمليات تطوير البنية التحتية اشتملت على شبكة كهرباء كاملة جديدة بعد أن تم التعاقد مع شركة توزيع الكهرباء فى البحر الأحمر على عمل شبكة محورية رئيسية من محطة المحولات دون الدخول على شبكة المدينة، يقول: «بقى عندنا لوحة توزيع منفصلة داخل الميناء بقدرة تعاقدية 9 ميجا، تطورت بعد كده أثناء العمل على المشروع وأصبح عندنا 5 ميجا احتياطى لتصبح القدرة 14 ميجا، ومن خلالها انفصل الميناء عن المدينة بشكل كامل» مؤكداً أن هذه القدرة الكهربائية الجديدة للميناء تغطى احتياجاتها لأكثر من 30 عاماً مقبلة.

وكان البند الثانى فى تطوير البنية التحتية، كما أوضح «توفيق» عبارة عن إنشاء شبكة كهرباء جهد منخفض كاملة داخل الميناء بطول 22 ألف متر بعد أن كانت لا تتعدى ألفى متر، وهى عبارة عن 31 عمود إنارة بارتفاع 30 متراً، و400 عمود إنارة بارتفاع 20 متراً لإنارة الشوارع والطرق الداخلية، بعد أن كان إجمالى عدد أعمدة الإنارة فى الميناء لا يتخطى 60 عموداً، فضلاً عن تزويد الميناء بـ15 موّلد كهرباء احتياطياً بقدرة إجمالية 5 ميجاوات.

يقول «توفيق»: «من المحاور الرئيسية فى تطوير البنية التحتية للميناء اللى خدت اهتمام كبير، إنشاء شبكة صرف صحى، خاصة أن الميناء قبل كده كان بيصرف على آبار رأسية، وده طبعاً بيسبب مشاكل بيئية وصحية كتير، وبالفعل تم إنشاء شبكة صرف صحى كاملة للميناء بمساحة 5600 متر طول و6 محطات رفع داخلية».

{long_qoute_2}

وكان المحور الرابع فى تطوير البنية التحتية لميناء سفاجا، حسب «توفيق»، عبارة عن إنشاء شبكة مياه، وكان ذلك من خلال إنشاء خزان مياه جديد بسعة 1100 طن، مع شبكة مياه كاملة لتغذية كافة أرجاء الميناء بطول 6000 متر بعد أن كانت شبكة المياه القديمة لا يتجاوز طولها 1200 متر، مع تزويد الميناء بوحدة طلمبات لضخ المياه فى كافة أرجاء الميناء، كما تم تزويد الميناء بشبكة مكافحة حريق كاملة بطول 7000 متر، بعد أن كان الميناء بلا شبكة مكافحة حريق نهائياً.

وكان آخر ما تم الاهتمام به فيما يخص البنية التحتية، هو الطرق داخل الميناء، التى تم توسعتها بشكل ملائم لطبيعة الميناء، وفق «توفيق»، حيث تم إنشاء شبكة طرق كاملة خرسانية وأسفلتية، مع إنشاء ساحات تخزينية مجهزة للشاحنات يتعدى مجموعها 150 ألف متر مربع بعد أن كانت لا تتجاوز مساحتها 12 ألف متر مربع.

محطة متكاملة.. و«سير ركاب» الأول من نوعه فى الموانئ البحرية المصرية

تم تخصيص مساحة 66 ألف متر مربع، لعمل محطة للركاب يتوفر بها، حسب «توفيق»، كافة خدمات الركاب من صالات سفر ووصول ومبانٍ إدارية وخدمية للأجهزة الأمنية الجمركية وساحات أمتعة ومحطة أوتوبيس، ليوضح توفيق أن جميع أسقف هذه الصالات تم تغطيتها بالخيام النسيجية التى لا تجعلك بحاجة إلى إضاءة فى النهار من أجل توفير الطاقة.

وقف «توفيق» أمام بوابة محطة الركاب يتجول بنظره هنا وهناك ويشير إلى «المحطة الضخمة»، حسب تعبيره، ليبدأ فى شرح تفاصيل هذه المحطة قائلاً: «المحطة بعيدة عن الرصيف اللى بيركب منه المسافر حوالى 500 متر، فكان التفكير فى كيفية نقل الراكب ده من الرصيف للمحطة أو العكس بوسيلة آدمية، ومن هنا تم إنشاء (التيوب) أو سير الركاب، وهو عبارة عن سير علوى مزود بسلالم كهربائية متحركة تاخد الراكب إلى أعلى عشان يلاقى نفسه قدام ممشى من جزئين، واحد منهم عادى والتانى كهربائى زى اللى الموجود فى المطارات الكبيرة، ومن هنا يكون الراكب فى مسار إجبارى يكون نهايته صالة الوصول من ناحية أو الرصيف من الناحية التانية».

ولم يغفل التطوير الراكب المسافر بسيارته، الذى تختلف إجراءاته عن إجراءات الراكب المترجل، حيث تم إنشاء محطة «تريبتك» كاملة، سفر ووصول، على مساحة 14 ألف متر مربع، وألحق بها منطقة انتظار على مساحة 7000 متر مربع، تساعد على التخفيف من التكدس الذى تشهده المحطة فى المواسم، والذى كان يسبب أزمة كبيرة للمدينة من الخارج حيث يسافر نحو 400 سيارة يومياً فى أوقات الذروة، حسب «توفيق».

أما عن المساحات المستقطعة من محافظة البحر الأحمر، التى قدرت مساحتها بنحو 100 ألف متر مربع، تم تخصيصها لعمل محطة شاحنات ضخمة، من ساحات للصادر والوارد ومبانٍ لإنهاء الإجراءات فى نفس المكان، سواء بالنسبة للمستخلص أو السائق، مع إنشاء طرق تم تجهيزها وتخصيصها للشاحنات فقط تصطحب الشاحنة من المحطة إلى رصيف الميناء أو العكس فى طريقين منفصلين للوارد والصادر، مع تزويد كل ساحة بميزان داخلى لمنع حركة الشاحنة كثيراً داخل الميناء.

اكتفاء ذاتى من المياه والطاقة

بعد التوسعات التى حدثت فى الميناء زادت معها بطبيعة الحال احتياجات الميناء من المياه والطاقة، لا سيما مع وجود أزمة مياه فى مدينة سفاجا، ومن هنا كان التفكير فى إنشاء محطة تحلية مياه كاملة لميناء سفاجا، حسب «توفيق»، «عملنا محطة تحلية بقدرة 500 متر مكعب فى اليوم الواحد، والمحطة دلوقتى قيد إجراءات الاختبارات مع وزارة الصحة عشان يتم اعتماد الناتج بتاعها لدخولها العمل بشكل رسمى خلال شهر على الأكثر»، مشيراً إلى أن هناك رؤية لإنشاء محطات لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية بقدرة 4 ميجا فى اليوم الواحد، وهو ما يمثل 25% من الاحتياجات الفعلية للميناء، حيث تم إنشاء المحطات بالفعل ولكنها لم تدخل الخدمة بعد، ومن المفترض أن تكون هذه المحطات جاهزة للعمل بشكل رسمى خلال شهرين على الأكثر، وفق «توفيق»، الذى أضاف: «إحنا هدينا الميناء وبنيناها من تانى».

عقبات وتوقف فى مشوار التطوير

كان أكبر التحديات التى واجهت عمليات تطوير الميناء، حسب «توفيق» هو الحفاظ على حركة العمل داخل الميناء، يقول «توفيق»: «الموضوع ماكانش بالسهولة اللى ممكن يتوقعها البعض، خاصة أن عمل بنية تحتية معناها إن إحنا بنفتح بطن الأرض، لكن إحنا كان عندنا إصرار إن العمل مايتوقفش وفعلاً تم تشغيل الميناء بكفاءة تامة، وكنا بنعمل ده من خلال نقل حركة الميناء لطريق تانى غير الطريق اللى إحنا شغالين فيه مع التنسيق مع الجهات الأمنية والجمركية وغيرها».

لم يكن فى المخطط مع بداية عمليات تطوير الميناء أن يكون بهذا الحجم بعد الانتهاء منه، وفق ما أشار إليه رئيس مجموعة الإشراف على تطوير الميناء، الذى أوضح أن الرؤية اتسعت بعد عدة زيارات من القيادات إلى الميناء خاصة بعد مساحات الأراضى التى تم تخصيصها من شركة الصوامع ومحافظة البحر الأحمر، وهو ما استلزم فترة توقف لعمليات التطوير لإعادة التخطيط وصياغة المشروع مرة أخرى، وهى الفترة ما بين أواخر 2012 وأوائل 2013، ليتخذ بعدها المشروع مساره الحالى.

ويضيف «توفيق»: «جزء كبير من التحديات اللى واجهت المشروع كانت فى فترة الانفلات الأمنى بعد ثورة يناير، خاصة أنها أثرت على كل حاجة فى البلد، فكان من الصعب أنك تلاقى عمالة أو تجيب الخامات اللى انت عايزها»، مضيفاً: «لولا المعوقات دى كان المشروع افتتح من 4 سنين فاتوا».


مواضيع متعلقة