الثقافة فى مكتبة البلد.. كتاب مع كوب شاى ساخن على «مقعد عربى»

الثقافة فى مكتبة البلد.. كتاب مع كوب شاى ساخن على «مقعد عربى»
فى قلب القاهرة، وتحديداً فى المبنى رقم 31 بشارع محمد محمود، تقع مكتبة «البلد»، أو بالأحرى «كافيه البلد»، فالمكتبة من تلك النوعية التى تمزج بين الثقافة والفنون وكل أنواع المعرفة، وأيضاً التنزه والتجمع والتمتع بكوب من العصير الطازج بوسط البلد.
تصميم المكتبة يجمع بين الطراز العربى والإسلامى فى الديكورات، مع مزجها بالروح الأوروبية فى تصميم المكتبات؛ فالمقاعد التى يجلس عليها الحضور لطلب مشروب ساخن أو لتناول وجبة خفيفة تشبه المقاعد التقليدية الموجودة فى قهاوى خان الخليلى وغيرها من المناطق القديمة، أما ترتيب المكتبة وتنظيم الأرفف وطريقة عرض الكتب فهى تشبه الموجود فى تلك المكتبات الأوروبية.
الموقع المهم الذى تقع فيه المكتبة بالقرب من ميدان التحرير وأمام بوابة الجامعة الأمريكية، جعل منها شاهدة على كل أحداث الثورة التى ما زالت مستمرة، خاصة فى هذا المكان، حيث كانت مستشفى ميدانياً لمصابى الثورة أثناء أحداث محمد محمود، وتعرضت للاحتراق يوم 22 نوفمبر الماضى مع أحداث الذكرى الأولى لمحمد محمود، لكن تم إعادة افتتاحها مرة أخرى، مع رسم جدارية داخل المكتبة بعرض 20 متراً تحكى أحداث الثورة والانتهاكات التى واجهها المتظاهرون.
ماجد عاطف، مدير مكتبة البلد، قال لـ«الوطن»: «الهدف الأساسى الذى أنشأنا لأجله المكتبة هو البحث عن مساحات الالتقاء بين المجالات المختلفة للإبداع والثقافة، وبناء صرح متناغم على هذه المساحات يسمح بتفاعل بنّاء بين اهتمامات مختلفة، وإقامة جسور من التواصل بين النشطاء الشباب الفاعلين فى المجال العام المتطلعين إلى التزود بالخبرات والمعارف، وبين المثقفين المبدعين من خلال توفير مكان لائق يقدم للمترددين على المكتبة فرصة لتمضية بعض الوقت بغرض تصفح كتاب أو الالتقاء بأصدقاء، مع تقديم مشروبات ومأكولات خفيفة بأسعار معقولة للمترددين على المكتبة، حيث يسمح ذلك للأنشطة أن تتم فى مناخ دافئ، كما يسمح للمترددين باعتبار (البلد) بلدهم، وأيضاً الإعلان عن كل الأحداث الثقافية التى تتم فى القاهرة من خلال توزيع دعوات هذه الأحداث أو من خلال التنويه فى لوحة الإعلانات بها، وأخيراً توفير مكان لتصوير الأفلام التسجيلية والبرامج الثقافية».
ويرى ماجد أن فكرة وجود «كافيه» ملحق بالمكتبة ليست فكرة جديدة أو مبتكرة، حيث إنها موجودة فى أغلب المكتبات الأوروبية منذ القرن الماضى، والهدف منها تقديم خدمات للقراء تجذبه إلى الوجود فى المكتبة من ناحية، وتقديم الدعم المادى للمشروع الثقافى من ناحية أخرى.
وعن السر فى تسمية المكتبة باسم «البلد» يقول ماجد: «البلد هى الوطن، وهى أيضاً مسقط رأس الذين هجروا أحضان قراهم الدافئة إلى المدن الكبيرة الصاخبة، وأخيراً فإن البلد هى وسط المدينة الزاخر بالأحداث والمفعم بالحيوية، يأتيه شباب الأقاليم والضواحى الممتلئ حتى الثمالة بالمواهب والحماس والأمل، بحثاً عن الحقيقة، وبحثاً عن أنفسهم، وبحثاًَ عن مكان فى البلد، نحن نتوجه إلى هؤلاء الذين يقصدون وسط المدينة، الآلاف الذين يأتون بحثاً عن أسرار الواقع، وبحثاً عن شركائهم، نحن نتوجه إلى الشباب الذين يتطلعون إلى مستقبل البلد، وإلى الشيوخ الذين يتطلعون إلى التفاعل مع هؤلاء الشبان، نحن نتوجه إلى هذه الموجة الشابة، التى وصلت بمبيعات بعض الكتب إلى خمسين ألف نسخة لأول مرة فى تاريخ البلد».
المكتبة لا تكتفى فقط بخدمة أصحاب عادة القراءة والمهتمين بها، لكنها تفتح مجالات جديدة للجميع، مثل ورش عمل للأطفال تمكنهم من إخراج طاقاتهم، وفى نفس الوقت الاستفادة من الجو الثقافى بالمكتبة، مع تقديم عروض للأفلام التسجيلية والوثائقية، ويشرح ماجد فلسفة المكتبة: «نحن نؤمن بأن الثقافة لا يمكن النظر إليها بعيداً عن المجتمع والناس، فالمثقفون والمبدعون بشر يعيشون وسط الناس، يتأثرون بهم ويؤثرون فيهم، وإن الفصل بين المضمون والشكل هو أمر تعسفى أضر بالشكل والمضمون، بالإضافة إلى وحدة الثقافة والفنون وتكاملهما وتناغمهما، وضرورة تضافر كل الجهود من أجل بناء ثقافة بديلة».