محمد العراقى يكتب: الثروة الحيوانية.. المعوقات والعلاج

كتب: محمد العراقى

محمد العراقى يكتب: الثروة الحيوانية.. المعوقات والعلاج

محمد العراقى يكتب: الثروة الحيوانية.. المعوقات والعلاج

يعد البروتين الحيوانى أهم مصدر لإمداد جسم الإنسان بجميع أنواع الأحماض الأمينية، كما أنه يدخل فى تكوين الإنزيمات والهرمونات التى تفرزها الغدد كالغدة الدرقية والنكافية وهرمونات الأنسولين، ويدخل فى تكوين كرات الدم الحمراء ويساعد على بناء الأنسجة العضلية الجديدة وتجديد المستهلكة، ويعد مصدراً جيداً للسعرات الحرارية.

ولا يخفى على أحد تدنى أعداد الثروة الحيوانية بمصر -ذات الـ95 مليون نسمة- حيث يوجد بمصر قرابة الــ19 مليون رأس ما بين أبقار وجاموس وأغنام وماعز، فى حين نجد بلداً مثل السودان ذات الـ35 مليون نسمة تمتلك قرابة 140 مليون رأس، وبالتالى نجد أن نصيب المواطن المصرى من البروتين انخفض إلى 19 جراماً يومياً مقارنة بـ38 جراماً فى بلدان أخرى مثل غانا وإثيوبيا.

وتكمن مشكلات الثروة الحيوانية فى سبعة عناصر أساسية؛

يأتى على رأسها ضعف السلالات الوراثية الحيوانية، وهو ما يؤدى إلى عدم القدرة على تعظيم الاستفادة من أعداد الرؤوس الموجودة، حيث إنها تعطى معدلات إنتاجية منخفضة، والسبب الثانى يكمن فى وجود أكثر من 75% من الماشية فى يد صغار المربين وضعف قدرتهم على تغذيتها وتوفير الرعاية البيطرية اللازمة لها، والثالث والأهم نفوق المواشى بسبب الأمراض المختلفة نتيجة لأمراض جديدة وافدة مثلما حدث مع مرض الحمى القلاعية (sat2) الذى دخل مصر عام 2012 وأدى لوفاة قطعان كثيرة، أو نتيجة لإهمال التحصينات أو تلف هذه التحصينات أثناء نقلها واستخدامها.

ومن ضمن الأسباب التى تؤدى إلى ضعف القدرة على تنمية الثروة الحيوانية ذبح إناث الماشية وما يترتب عليه من حرمان مصر من أجيال كاملة، فكل أنثى مرشحة لــ10 ولادات أثناء عمرها قد يكون نصفها إناثاً ونصفها ذكوراً، ولنا أن نتخيل أن خمس ولادات إناث كل منها مرشحة لعشر ولادات أخرى، وهكذا تتوالى المتوالية فى خسارة رؤوس الماشية فى بلد يعانى فقراً فى أعداد الرؤوس، كما أن اعتمادنا على الأعلاف المستوردة يزيد من تكاليف الإنتاج لارتفاع تكلفة الدولار وذبذبة البورصات العالمية، وعدم فعالية قروض الثروة الحيوانية، حيث إن 90% ممن يحصلون على هذه القروض لا يستخدمونها فى شراء المواشى بل فى شراء أرض أو بناء منزل أو زواج الأبناء، وإلغاء مشروع البتلو الذى أمد مصر بكميات وفيرة من اللحوم فلم تستورد مصر خلال عامى 90 و1991 أى رؤوس ماشية حية من الخارج بل على العكس تم تصدير لحوم لدول الخليج.

أما الحلول لهذه المعوقات فيمكن تلخيصها فى تسع خطوات أساسية، أهمها وعلى رأسها الضرورة الملحة لتحسين إنتاجية القطعان الحالية عن طريق التلقيح الصناعى لسلالات أجنبية عالية الإنتاج، عن طريق مراكز البحوث وبطريقة سيادية مجانية، بالإضافة للبدء فى استيراد قطعان إناث أجنبية ثنائية الغرض (لحوم + ألبان) مما تتوافر فيها القدرة على التكيف مع الجو المصرى وبيعها للأفراد والمزارعين عن طريق البنوك، مستغلين قرض البنك المركزى ذا الـ5% فائدة لمدة خمس سنوات حتى يتمكن المربون من سداد ثمنها، ثم تأتى الخطوة الثانية فى توعية صغار المربين ونقل أحدث أساليب التربية الحديثة إليهم عن طريق برامج تليفزيونية كبرنامج «سر الأرض» الإرشادى، وتغليظ عقوبة ذبح الإناث، ثم التوسع فى زراعة الذرة وكل محاصيل الأعلاف ومنع تصدير بعض المحاصيل والخامات مثل تفل البنجر والمولاس والسيلاج الأخضر والدريس الحجازى، فمثلاً منع تصدير السيلاج يوفر لنا كميات ذرة تساعد على تقليل المستورد منها والمعروف أننا نستورد نحو 90% من احتياجاتنا من الذرة من الخارج، وليس من المعقول أن نستورد 90% من احتياجاتنا من الذرة فى الوقت الذى نصدر فيه كميات من الذرة الخضراء (السيلاج) للخارج، ومنع تصدير البنجر والمولاس سيساعد على انخفاض أسعارهما محلياً، مما يخفض من تكلفة التغذية بنسبة لا تقل عن 25%، ومنع تصدير الدريس الحجازى يساعد على تقليل استهلاك المياه، حيث إن الدريس الحجازى أكبر محصول يحتاج المياه بعد الأرز، ويزرع فى أجود الأراضى بشرق العوينات والنوبارية والوادى الجديد، كما أنه غنى بالبروتين مما يساعد على تخفيض الاعتماد على مصادر البروتين المستوردة.

وعلى الدولة أن تعمل بشكل جاد وعاجل لإحياء مشروع البتلو وإن كانت الدولة فى موقف لا يسمح لها بدعمه كما كان فى الماضى، فإننا يمكننا تفعيله بقرض البنك المركزى ذى الـ5% فائدة، وهذا فى حد ذاته دعم للفلاح الذى يحصل على القروض بفائدة تتعدى 16% بشرط أن يقوم المربى الذى حصل على هذا القرض المدعم بتسلم الرؤوس لجهة حكومية كمؤسسة اللحوم أو القوات المسلحة لذبحها وبيعها فى المنافذ بأسعار مناسبة.

وعلى الحكومة مراجعة نظام الرقابة على ذبح اللحوم، وذلك بتوفير ضابط طبيب بيطرى لكل مركز على مستوى الجمهورية يتولى بضبطيته القضائية الرقابة على جودة اللحوم والمخالفين ممن يذبحون الإناث أو يذبحون خارج السلخانات، والتوسع فى تسليم المربين الجادين مساحات أراضٍ مخصصة للإنتاج الحيوانى وسحب الأراضى من المتقاعسين وعدم إغفال صغار المربين وإتاحة الفرصة لهم للحصول على أراضٍ بمساحات تتلاءم مع إمكانياتهم، وتحفيز القطاع الخاص لعمل مراكز تجميعية بقرى الجمهورية تقوم بجمع اللبن من الفلاح وتسويقه مقابل نسبة من ثمن اللبن.

يوفر هذا النظام العديد من المزايا منها تسلم اللبن اليومى وتحليله، الأمر الذى يساعد فى الكشف المبكر للأمراض.


مواضيع متعلقة