«الفن الإسلامى» يتعافى من حصاد «الأفكار المتطرفة»

كتب: رضوى هاشم

«الفن الإسلامى» يتعافى من حصاد «الأفكار المتطرفة»

«الفن الإسلامى» يتعافى من حصاد «الأفكار المتطرفة»

وكأن متحف الفن الإسلامى «يعود للحياة» بعد أن كاد التفجير الإرهابى الذى استهدف مبنى مديرية أمن القاهرة -المواجه للمتحف- فى يناير 2014 أن يكتب السطر الأخير فى حياة هذا المبنى العريق ذى الـ113 عاماً، غير أن يد الترميم الحانية امتدت على مدار الأعوام الثلاثة الماضية إلى المتحف، واستطاعت أن تعيد إليه «الحياة» مرة أخرى. ما إن تصل إلى الواجهة الأمامية للمتحف حتى تستقبلك وقد اكتست باللون الأبيض بعد الاحتفالية التى نظمتها وزارة الآثار احتفاء بإعادة افتتاح المتحف، أمس الأول، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى وعدد من كبار المسئولين.

ومنذ الساعات الأولى لليوم التالى للافتتاح الرسمى حرص العشرات على الحضور، فيما وقف «محمد سيد» الرجل الخمسينى، أحد العاملين بالمتحف، يوزع الحلوى على زوار المتحف، قائلاً: «تلك هى اللحظة التى كنت أنتظرها منذ ثلاث سنوات، وقد قطعت عهداً على نفسى أن أكون أول من يستقبل الجمهور فى اليوم الأول للانتصار على الإرهاب». وأضاف «عم محمد» لـ«الوطن» أن «يوم التفجير الأسود كنت على بُعد خطوات من المتحف، ورأيت بعينى ما أصاب الزجاج الأثرى الذى امتزج بركام وأخشاب من منبر الأميرة رقية، إنه تاريخ طويل كاد أن يصبح فى لحظات طى النسيان، جمعته بيدى وكنت أعتقد أنه من المستحيل عودته من جديد».

{long_qoute_1}

وداخل المتحف الذى يستقبلك بآثاره الضخمة وأبوابه الرائعة ومجموعاته الزجاجية، من مشكاوات وحلى وآنية تعود إلى أسرة محمد على، وتُعرض للمرة الأولى، تستقبلك عشرات الطالبات من دارسى الفنون الإسلامية، وهن يتبادلن التهانى بإعادة افتتاح المتحف بعد ثلاثة أعوام من محاولة تدميره، وبمبادرة منهن بدأن فى شرح ما حدث لزوار المتحف، مؤكدين أنهن استطعن ترميم 169 قطعه أثرية من أصل 179 قطعة تعرضت للدمار فى التفجير الذى استهدف مديرية الأمن. من جانبه، قال الدكتور محمود عثمان، مدير الترميم بمتحف الفن الإسلامى، إن «مرممى المتحف خاضوا العديد من التحديات، أهمها إعادة ترميم قطع زجاجية هشمها التفجير، ولكنهم قبلوا التحدى، بل وأوفوا بوعدهم بالانتهاء من ترميم الآثار فى أقل من عام، وقبل الانتهاء من أعمال الترميم المعمارى». ومن جهته، قال الدكتور أحمد الشوكى، مدير عام متحف الفن الإسلامى، إن «عملية ترميم المتحف فى حد ذاتها تُعتبر ملحمة تستحق أن تُكتب فى التاريخ، شارك فيها عشرات العاملين فى وزارة الآثار كما شاركت دولة الإمارات العربية الشقيقة معنا بشكل فاعل، ووفاء منا لذكرى الشهداء فى مصر والإمارات، أطلقنا على إحدى القاعات فى المتحف اسم قاعة الشهداء». وأضاف «الشوكى» أن «من أكثر القطع التى لفتت نظر الرئيس السيسى يوم الافتتاح المصحف الموجود فى مدخل المتحف الذى يُعتبر القطعة الوحيدة التى لم تصب بأى أضرار يوم الانفجار، رغم أن الباب الخشبى للمتحف دُمر تماماً، كما لفت نظر الرئيس أيضاً كيف استطعنا إعادة ترميم منبر الأميرة رقية وأحد الأوانى الزجاجية الذى يُعد القطعة الوحيدة الباقية والتى تؤرخ لاكتشاف البريق الزجاجى».

وعن سيناريو العرض المتحفى، قالت إلهام صلاح، رئيس قطاع المتاحف بوزارة الآثار، إن «تغيير سيناريو العرض القديم من أهم التحديات التى واجهت المتحف، حيث كان معروضاً حوالى 1500 قطعة فقط من أصل 100 ألف قطعة تمثل أكبر مجموعة للآثار الإسلامية على مستوى العالم موجودة بمخازن المتحف، لذا تشكلت لجنة من أمناء المتحف لوضع سيناريو العرض الجديد، حيث تمت زيادة عدد الآثار المعروضة إلى 4400 قطعة». وأوضحت «صلاح» أنه «تم أيضاً إضافة 3 قاعات جديدة للمتحف، وإجراء تعديل كبير لثلاث قاعات أخرى أهمها مدخل المتحف الذى يعبر الآن عن أسس الحضارة الإسلامية، وكذلك عن رؤية ورسالة المتحف بشكل جذاب، وتم استخدام مادة (البلكسى جلاس) التى تتميز بعدم تفاعلها مع الآثار كمادة أساسية فى إكسسوار العرض المتحفى».

وأشارت رئيس قطاع المتاحف إلى أنه «فى مدخل المتحف، يبدأ مسار الزيارة بمصحف يمثل الدين الإسلامى مصدر هذه الحضارة، ومشكاة، وكتابات ترمز للغة العربية ومدى إسهاماتها فى تطور البشرية، كما يُعرض أيضاً واحد من أكبر الأبواب المصفحة بالفضة والذى كان موجوداً فى مسجد السيدة زينب، وقد صنعه يهودى اسمه يهودا أصلان، ويرمز لمشاركة غير المسلمين فى الحضارة الإسلامية، كما أن الباب يُظهر أهمية متحف الفن الإسلامى الذى يحمى كل هذه الآثار المهمة، ومدى سماحة الدين الإسلامى بأن يقوم يهودى بصناعة باب مسجد السيدة زينب».

ولفتت «صلاح» إلى أن «السيناريو الجديد يتضمن قاعة عروض مؤقتة، كما تم إنشاء قاعة للعملة والسلاح مكان قاعة بيع الكتب، وتحكى القاعة تاريخ العملات قبل الإسلام مروراً بالعصور المختلفة، كما يُعرض كذلك نموذج لمركب كان موجوداً فى مخزن المتحف وتم جلبه من مسجد السيد البدوى فى طنطا، وهو أثرى، وقطع أخرى ترصد تاريخ الأسطول الإسلامى وتتحدث عن البحرية الإسلامية، وبها أيضاً نموذج لزى المحارب العربى». ونوهت «صلاح» إلى أن «قاعة الحياة اليومية تُعد من القاعات الجديدة التى أضيفت للمتحف فى السيناريو الجديد، و99% من المعروضات بها تُعرض للمرة الأولى ومنها دفاية ومجلس شراب وطرب وأدوات تجميل وحمام ومرايات وأدوات تعطير وقبقاب الحنة ومكحلة، وفضيات وحلى من الذهب وفناجين وأباريق وطشت وصبانة من الفضة، وحلى من العصر الفاطمى، وعقد شجرة الدر. أما فى قاعة العلوم فتم إعادة ترتيب فتارين العرض بها، وهى تضم مجموعة إسطرلابات شهيرة وصوراً فلكية وبوصلات وفرجاراً عليه اسم الشاه عباس، كما تُعرض للمرة الأولى ساعة الفيل والتى لا يوجد مثيل لها إلا ساعة أخرى فى متحف المتروبوليتان الأمريكى، وترجع للقرن السادس، حيث تُصدر بشكل ميكانيكى كل ساعة صوتاً يشبه صوت الفيل».


مواضيع متعلقة