«الوطن» فى أنفاق حلب «المفخخة».. من هنا انطلق الموت

كتب: سوريا - أسامة خالد

«الوطن» فى أنفاق حلب «المفخخة».. من هنا انطلق الموت

«الوطن» فى أنفاق حلب «المفخخة».. من هنا انطلق الموت

رفض الجندى السورى السماح لى بالاقتراب من النفق الموجود أسفل المدينة القديمة أمام بوابة قلعة حلب التاريخية، مؤكداً أن معظم الأنفاق التى تنتشر تحت نحو 60% من مدينة حلب التراثية ملغمة، بعد سلسلة من المحاولات، اضطر إلى النزول معى إلى شبكة الأنفاق التى حفرت خلال سنوات الحرب: «من هنا كانوا يخرجون علينا ويقتلون جنودنا»، أمام قلعة حلب التاريخية كان كل شىء متهدماً، حتى سوق الخان المقابلة لبوابة القلعة، التى تضم عشرات المحال احترقت بالكامل أسفل بوابة أحد المحال، وبعد النزول لنحو 10 درجات كان مدخل النفق بعرض متر، وارتفاع نحو مترين: «هذا النفق يبدأ من أمام بوابة القلعة التاريخية من سوق الخان وينتهى فى الناحية الأخرى من السوق، ويتفرّع بعد ذلك إلى عدة أنفاق»، قال الجندى الذى طلب عدم ذكر اسمه، وأضاف: «هناك نوعان من الأنفاق تم اكتشافهما، الأول الأنفاق الأحادية التى كانت تربط مكاناً بمكان، والثانى أنفاق متسلسلة بشبكة، يبدأ من مكان ويتفرّع تحت الأرض إلى عدة أنفاق بمسارات مختلفة، وهذه الأنفاق فى أغلبها كانت ملغمة واكتشفت بالصدفة».

{long_qoute_2}

بعد خمسين متراً داخل النفق، وقف الجندى شارحاً: «من هنا دخل الإرهابيون وحفروا حتى أصبحوا تحت الفندق الذى كان فى مواجهة القلعة، وكان مبنى أثرياً، لكنهم فجروه بالكامل، ولم يتبقَ منه شىء».

رفض الجندى أن أكمل المسير داخل النفق الذى تفرّع إلى عدة اتجاهات، مؤكدا أنه «غير مؤمّن».

أصبحت الأنفاق المنتشرة تحت المدينة القديمة تمثل أزمة لمسئولى المحافظة حول كيفية التعامل معها: «هناك أكثر من طريقة للتعامل مع تلك الأنفاق، أحدها ردمها وإغلاقها تماماً» قال المهندس أنس الطاشقى، عضو نقابة المهندسين فى حلب، وأضاف: «وهناك مبادرة خاصة من نقابة المهندسين باستغلالها وتحويلها إلى شبكة متكاملة لخدمة البنية التحتية، وهذا المقترح قُدّم بالفعل إلى مسئولى المحافظة، حيث سندخل تلك الأنفاق بعد تنظيفها من الألغام ونُبطنها بحوائط أسمنتية، ونكمل حفر المتهدم منها، ونحولها إلى أنفاق تخدم الصرف الصحى وشبكة الكهرباء».

على مسافة كيلومتر من مدخل النفق، وقف الحاج عدنان ناصر أمام ما تبقى من محله، متحسراً قال الرجل: «كان محلاً كبيراً وضخماً وراح كل شىء»، نظر الرجل الستينى نحو الركام الممتد على امتداد البصر: «هذا الشارع كان شارعاً تجارياً، الكل فى حلب كان يقصد شارع «الخندق»، الآن كل البنايات راحت، كل سوريا للأسف راحت» نظر الرجل نحوى وقال: «حافظوا على بلادكم يا ولدى لا نريد أن يحدث لكم ما جرى هنا».

فى قلب حلب القديمة ذات المبانى العتيقة، وفى وسط أهم المناطق التجارية بمنطقة باب النصر يقع محل الحاج عدنان، كانت تلك المنطقة من أشهر المناطق التجارية فى حلب، لكنها انتهت كلها، مبانٍ تراثية وأسواق تاريخية وفنادق عتيقة كلها تحولت إلى تراب.

على بُعد أمتار قليلة من محل الحاج عدنان وفى حى «الجلوم» بقيت أطلال المسجد الأموى شاهدة على ما جرى، تحول المبنى الأثرى إلى خرابة بفعل المعارك الدامية التى دارت فيه وحوله، تبادل الطرفان قوات النظام ومسلحو المعارضة الاتهامات بالمسئولية عن حرق وهدم المسجد الأثرى، وتدمير مئذنته الأثرية، ويعد «الأموى» أحد أكبر وأقدم المساجد فى حلب، وأُدرج هو والمدينة القديمة على قائمة مواقع التراث العالمى عام 1986، وأصبح الجامع جزءاً من التراث العالمى، قبل أن تعبث به آلة الحرب وتحرقه بالكامل.

بُنى المسجد فى القرن الثامن الميلادى، وبُنيت المئذنة فى عام 1090م، ودمرت عام 2013، نتيجة المعارك التى اندلعت هناك فى أحداث الأزمة السورية، ويقول «أنس»: آثار الدمار كانت بادية أمام بوابات المسجد، فالحى بأكمله تحول إلى تراب تهدّمت كل بيوته ومبانيه «ليس هناك حل سوى فعل ذلك»، قال جندى سورى لاحظ ذهولى مما جرى للمدينة العتيقة: «حاربناهم خمس سنوات، ولم يخرجوا منها، ولم يكن أمامنا حل آخر لإخراجهم».


مواضيع متعلقة