تفاقم إحباط سكان دمشق إثر انقطاع المياه عن العاصمة السورية

كتب: أ ب

تفاقم إحباط سكان دمشق إثر انقطاع المياه عن العاصمة السورية

تفاقم إحباط سكان دمشق إثر انقطاع المياه عن العاصمة السورية

لم يتردد عمر طرشان أبدا إلى أي من الحمامات العامة الشهيرة في سوريا حتى قبل ثلاثة أسابيع، عندما انقطع الماء عن حييه في دمشق ما أجبره على البحث عن مكان بديل للاستحمام.

مساء يوم الإثنين، جاء المحاسب البالغ من العمر 25 عاما برفقة صديقه صفوت حريري إلى الحمام العمومي الذي يعود تاريخه إلى ألف عام في الحي القديم من دمشق - حمام الملك الظاهر - حيث أعطي كل منهما منشفة وقطعة من اللوف وصابونة تقليدية مصنوعة من زيت الزيتون، بعد دقائق دخلا إلى الحمام المحاط ببخار كثيف.

يعاني الرجلان من إحباط عام شمل العديد من سكان العاصمة دمشق، الذين يجبرون على الانتظار ساعات طوال لملأ عبوات بلاستيكية بالماء بعد أن قطع القتال مع المتمردين في وادي بردى الواقع شمال غربي دمشق المصدر الرئيسي للمياه عن المدينة الشهر الماضي.

وقال طرشان وهو يلف وسطه بقماشة "ليس لدينا ماء في البيت لذا اكتشفت الحمام العمومي."

الحمام العمومي، ومثله كثير في سوريا، له بئره الخاصة ولا يعتمد على شبكة المياه العامة.

ومنذ 22 ديسمبر كانون أول الماضي، أوقف القتال في وادي بردى تدفق الماء الى دمشق، ما زاد من معاناة السكان البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة، الذين يعانون سلفا من انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتآكل الخدمات العامة مع دخول الحرب الأهلية عامها السابع.

تقول قوات الرئيس بشار الأسد التي تقاتل من أجل السيطرة على وادي بردى الواقع تحت سيطرة المتمردين، إن المتمردين لوثوا منطقة عين الفيجة بوقود الديزل، فيما يقول المتمردون أن الغارات الجوية التي شنتها الطائرات الحكومية هي سبب تضرر مصدر المياه.

هيمنت أزمة المياه على أحاديث الناس في أغلب مناطق العاصمة.

يصطف السكان أمام الصنابير العامة مع أوعية بأيديهم، يحتشد آخرون حول صهاريج المياه ضخمة في الأحياء السكنية. تنقل شاحنات النقل المملوكة للحكومة المياه على مدار الساعة للمستشفيات. وتضاعفت أسعار المياه المعبأة في زجاجات، حيث وادي بردى الذي يشهد قتالا هو موطن لبعض الشركات مياه الشرب الأكثر شهرة في البلاد.

سائق إحدى الشاحنات الناقلة المملوكة للدولة ملأها صباح أمس الاثنين من صنبور عام في غرب دمشق، قبل أن يتوجه للجهة الأخرى إلى واحدة من المستشفيات الرئيسية في المدينة، "لا يمكن ترك المستشفيات من دون ماء"، حسبما قال متحدثا شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه لم يكن لديه إذن بالتحدث إلى وسائل الإعلام.

وهناك مخاوف من انتشار الأمراض لأن الناس والمطاعم لا يملكون ما يكفي من الماء لغسل وتنظيف الأواني بشكل صحيح.

يشهد أصحاب الشاحنات الناقلة الخاصة طفرة في أعمالهم. يبيعون نحو 1000 لتر من الماء مقابل 10 دولارات، وهو مبلغ ضخم من المال في البلاد التي لا يحصل الكثير من الناس عن ما يزيد عن 100 دولار في الشهر.

وقال مدير حمام دمشق، بسام كبب، إن العمل زاد عن الضعف منذ بدأت أزمة المياه. ولكن هذا كان على حساب جودة الخدمة، لأنه لا يمكنه أن يتحمل توظيف المزيد من العمال، من شأن الأمر أن يستغرق وقتا طويلا لهم لتعلم الأعمال ومن يدري، قبل ذلك الحين ربما تكون الأزمة قد ولت.

"هذه الزيادة في العمل ليست في مصلحتنا إذا كنا نتكلم على المدى الطويل"، حسبما قال بسام عن العشرات من العملاء المزدحمة في الحمام في وقت واحد، حيث يدفع كل منهم 3.5 دولار لاستخدام الحمام.

جهاد المصري البالغ من العمر 52 عاما هو صاحب أحد المحلات التي تبيع الملابس، ذهب بعد العمل إلى صنبور عام في حي المزة غربا، حيث ملأ أكثر من 10 أوعية ليأخذها للمنزل لغسل الأطباق والاستحمام.

وقال جهاد وهو والد لثلاث فتيات: "مر أكثر من 15 يوما، وليس لدينا قطرة ماء". وأضاف أنه بدلا من قيام كل فرد من أفراد الأسرة بالاستحمام كل يومين، يقوم بالاستحمام الآن مرة واحدة في الأسبوع.

جاء سفيان محمد شريف مع ابنه في شاحنة من طراز بيك أب، معبأة بجميع أنواع الأوعية الصغيرة والكبيرة لأخذها إلى دارهما في ضاحية دمر.

وقال مالك الشاحنة البالغ من العمر 55 عاما: "في الماضي، لم نكن نفكر في الماء الآن أصبح عبئا، نفقات إضافية وإذلال".

عند أحد الصنابير العامة في حي المزة، جاء حوالي 20 شخصا لملء أوعيتهم في غضون نصف ساعة.

"لا تصلح للشرب"، حسبما كتب على لافتة باللغة العربية فوق الصنبور.

ومن بين أولئك الذين يملؤون كانت هناك امرأة مسنة صغيرة الحجم كانت تحمل عدة زجاجات بلاستيكية فارغة.

وهمهمت قائلة: "نحن المظلومون على وجه الأرض"، وذلك لنفسها بالأساس، قبل أن تسير ببطء نحو منزلها.


مواضيع متعلقة