مراسل "الجزيرة" يكشف: المتحدث الرسمي لدولة قطر يقاضي رئيس وزراء قطر بعد سجنه وسحب جنسيته

كتب: الوطن

مراسل "الجزيرة" يكشف: المتحدث الرسمي لدولة قطر يقاضي رئيس وزراء قطر بعد سجنه وسحب جنسيته

مراسل "الجزيرة" يكشف: المتحدث الرسمي لدولة قطر يقاضي رئيس وزراء قطر بعد سجنه وسحب جنسيته

كشف مراسل قناة "الجزيرة" السابق محمد فهمي، العديد من المفاجآت عن قناة "الجزيرة" والنظام القطري، ورئيس وزراء قطر السابق  حمد بن جاسم في مقال نشره موقع "هوربوست" البريطاني، هذا نصه:

{long_qoute_1}

يركز الإعلام المصري في تغطيته للحرب الباردة بين جمهورية مصر العربية ودولة قطر على الأمير تميم الشاب، وعلى الشيخة موزة والدته، وعلى قناة الجزيرة التي أصبحت مفضوحة للعالم بكونها بوقا للجماعات الإرهابية، وذراعا مهما لوزارة الخارجية القطرية حسب ما كشفت الوثائق التي كشفت النقاب عنها مؤسسة هوربوست الإعلامية مؤخراً.

ليس بوسعنا أن ننسى "حرامي الدوحة" كما أسماه الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك نقلا عن الأمير القطري الأسبق الشيخ خليفة رحمه الله.

شخصية غامضة للغاية وتُعد من أغنى وأخطر الشخصيات القطرية، وما زال رغم الدعاوى بابتعاده عن مقاعد السلطة يحرّك خيوط الدولة وماكينتها الإعلامية بامتياز، نتحدث هنا عن حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء القطري من سنة 2007 حتى اختفائه عن الأنظار بعد استقالته عن منصبه في صيف 2013.

من سوء حظ حمد بن جاسم أنني التقيت في لندن بعدوه اللدود الأستاذ فواز العطية المتحدث الرسمي السابق لوزارة الخارجية القطرية، والذي يعتبر الصندوق الأسود لأسرار النظام القطري، كونه عمل بجانب حمد بن جاسم، وسافر معه حول العالم في طائرته الخاصة، وكانا شركاء في تأسيس قناة الجزيرة سنة 1996

{long_qoute_2}

كانت دهشتي عارمة وأنا أجري مقابلات مع الأستاذ فواز، وهو يشرح لي خفايا التاريخ الأسود لحمد بن جاسم، ناكرا المعروف الذي انقلب عليه وسجنه سنة 2009 لمدة 15 شهرا في سجون أمن الدولة القطرية، ومنع عنه الزيارة وحاول إذلاله بشتى الطرق ومنها الحبس الانفرادي، وهذا بالطبع مخالفا لميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

تعرّض فواز لمصاعب عديدة، حيث سُحبت منه الجنسية القطرية أيضاً في نفس السنة، ولم يبق له سوى جنسيته البريطانية، ولاحقا أُفرج عنه بوساطة سعودية على حد قوله قبل سفره إلى بريطانيا.

لم ينس فواز ما فعله مديره السابق، وقرر أن يلاحقه في المحاكم البريطانية، واتهمه شخصيا بالفساد واستغلال المنصب الحكومي، ومصادرة أراض لأسرته دون حق ، وبإصدار القرار بحبسه وتعذيبه.

أطلعني فواز على ملف القضية عندما التقينا في بهو أحد الفنادق اللندنية الفاخرة، وكان بصحبته فريق عمل من القانونيين وغيرهم. حينها، لمحتُ في عينيه إصرارا منقطع النظير على نيل حقوقه من رئيسه السابق، والذي يُقال إن ثروته تتعدى 8 مليار دولار.

أخبرني السيد العطية أنه خسر الجولة الأولى من القضية في مرحلة الاختصاص في فبراير 2016، حيث استند القاضي إلى عدم صلاحية المحكمة في مقاضاة حمد بن جاسم لأنه مسجل دبلوماسيا في السفارة القطرية في لندن.

تمعنتُ في ملف القضية، وذهلتُ عندما اكتشفت أن حمد بن جاسم أُدرج دبلوماسيا بعد 6 أشهر كاملة من التنحي عن منصبه، ومما يزيد الغرابة أن حمد بن جاسم نفسه ذكر للإعلام البريطاني أكثر من مرة أنه “مواطن عادي” ، ولا تربطه أي صلة بالحكومة القطرية.

حينها جلا لي نور الحقيقة بنفوذه الواسع أدرج حمد بن جاسم اسمه في عداد الطاقم الدبلوماسي للسفارة القطرية ليحتمي وراءه من الحرب القانونية التي شنها فواز العطية عليه؛ إذ لا يمر يوم دون أن نرى فواز يغرد على حسابه في تويتر، ويضيف فيديوهات وصور ووثائق تدين "حرامي الدوحة".

ذكر لي فواز تصريحا رددته في كتابي، قال فيه: "حمد بن جاسم هو مهندس زعزعة المنطقة، وهو من كان يعطي توجيهات لقناة الجزيرة في بداية الربيع العربي الذي تسبب في دمار سوريا وليبيا واليمن والعراق". كانت مصر بالطبع هي الجائزة الكبرى التي لم ينلها حمد بن جاسم وعصابته.

كثيرا ما تبادر بذهني سؤال مقلق: هل تدعم قطر وحمد بن جاسم الإسلام السياسي والإخوان والسلفية الجهادية لأن أعضاء الحكومة مثلا أشخاص متشددون إسلاميا بطبعهم، ويريدون نشر الدين الإسلامي الحنيف في المنطقة؟

ضحك فواز طويلا عندما باغتَه بهذا السؤال، ونحن نجوب أحد شوارع لندن، واستوقفني ليشير بيده إلى أحد نوادي القمار قائلا: "هذا مكانه المفضل الذي يصرف فيه أموال الشعب القطري التي نهبها ، وما زال يصرفها على طائراته الخاصة ، واليخوت الفاخرة ويخفيها في حسابات البنوك".

{long_qoute_3}

ورد اسم حمد بن جاسم في صفقات غامضة مثل استثمار قطر في بنك باركليز سنة 2008 الذي خضع لتحقيق بريطاني واسع، ومؤخراً ظهر اسمه في تحقيقات ( تسريبات بنما) فيما يتصل بحسابات شركاته الغامضة حول العالم.

يستعد فواز وفريق عمله للجولة الأخيرة من معركته القضائية، والتي ستكون مطلع العام الجديد في 17 يناير 2017 في محكمة الاستئناف البريطانية، ولكن المهمة ستكون صعبة جدا، فقد ذكر لي فواز أنه ليس متفائلا، حيث يعلم علم اليقين أن نفوذ وثروة حمد بن جاسم ستمثل عقبة بالنسبة له، لأنه يصرف الملايين لشراء ضمائر الصحفيين والمسؤولين البريطانيين.

من خلال بحثي اتضح لي خيط جديد يربط بين حمد بن جاسم وجماعة الإخوان المسلمين ،ويؤكد سيطرته على اللوبي البريطاني الذي يدعم هذه الجماعة البائسة، فقد عيّن حمد بن جاسم اللورد كين ماك دونالد النائب العام البريطاني السابق، محاميا له في قضيته ضد فواز، والمدهش أن هذا اللورد هو أحد محامي حزب الحرية والعدالة الإخواني في القضية الدولية المرفوعة ضد مصر في عام 2014 من المصري الإخوني أحمد إسماعيل و 528 إخوانياً آخر، منهم أعضاء بمجلس الشورى الإخواني السابق، ممن يتهمون الدولة المصرية بحبسهم بصورة مخالفة للقانون وبتعذيبهم .

فيا للمصادفة!

ليس بجديد أن يلجأ مواطن قطري للقضاء الدولي، لأن من الواضح أن القضاء في قطر ليس إلا مظلة لحماية الأسرة الحاكمة خصيصا، وأن أغلبية القضاة من جنسيات مختلفة يقعون تحت رحمة الدولة التي تتحكم في إصدار إقامتهم في قطر ومستقبلهم المهني.

من خلال بحثي استحوذت على تقرير أصدرته الأمم المتحدة في سنة 2015 يؤكد أن القضاء القطري لا يضمن المحاكمة العادلة أو الحقوق الإنسانية للمواطنين القطريين، وفوجئت بأن الدكتور نجيب النعيمي، وزير العدل القطري السابق، قد اضطر لمقاضاة الدولة في أمريكا بعد أن انتزعت برجا تؤول ملكيته له في الدوحة، وقد فاز مؤخرا بجولة الاختصاص، وستبدأ جلسات القضية قريبا في أمريكا.

أما السيدة "منى السليطي" شقيقة وزير المواصلات والاتصالات القطري الحالي، فقد اضطرت للهروب إلى مصر للعيش بسلام، بعد اضطهادها وحبسها في قطر، وقد ذكرت لي في مقابلة حصرية أنها فقدت الأمل في القضاء القطري بعد أن تقدمت بالعديد من القضايا التي تم حفظها.

نجدها الآن تغرد على موقع تويتر باسم مستعار خوفا من أذرع المخابرات القطرية، وقد ذكرت للإعلام المصري أنها ستسعى للحصول على الجنسية المصرية.

لعل الإعلام لم ينتبه إلى لقاء المذيعة الفذة رشا قنديل، وهي تحاور حمد بن جاسم الأسبوع الماضي، في برنامج بلا حدود على قناة بي. بي. سي.

بدأت رشا مقدمتها في صيغة المساءلة وهي تنظر إلى الكاميرا، وقالت، أسأل حمد بن جاسم عن الدور القطري في الثورات العربية؟ وهل خسرت قطر رهانها السياسي على الربيع العربي؟ ألم تتخلى عن مواقعها مرغمة في كافة الدول التي استثمرت فيها أموالها سياسيا كسوريا وليبيا ومصر؟ لماذا كانت سياسات قطر وهو مهندسها تدعم هذا التوجه خصوصا تنظيم الإخوان المسلمين؟ ألم تخسر قطر مصر ومحيطها الخليجي بسبب دعمها للإخوان؟ لماذا دعمت قطر مجاميع تعد راديكالية في حين دعمت دول خليجية أخرى مجاميع علمانية رغم توجهها السلفي؟

كان أول سؤال لرشا بعد هذه المقدمة الجريئة، من اختار في قطر حصان الإخوان المسلمين للرهان قبل وبعد الربيع العربي؟

رد بن جبر بكل هدوء ومكر قائلا: "الإخوان المسلمين لم تخترهم قطر قبل أو بعد، إنما الشعوب هي التي اختارتهم في مصر ودول أخرى"، ثم أضاف: “الثورات العربية لم تنتهِ وهي الآن في مخاض".

فاجأته المذيعة بحنكة متسائلة: أليس من الواضح أن قطر اختارت الإخوان المسلمين ليس فقط في مصر ولكن في كل دول الربيع العربي حتي قبل أن يولد الربيع العربي؟

راوغ حمد بن جاسم وأجاب: ليس هناك دليل قاطع على ذلك.

ثم قال بن جبر: "أعلم أن قطر تود أن يكون هناك علاقة متوازنة مع مصر، وبعدها حمّل الإعلام المصري مسؤولية تدهور العلاقة بين البلدين، ووصفه بأنه (دون المستوى)".

في تلك اللحظة، كنتُ أتمنى أن أسأل بن جبر بنفسي عن إعلام الجزيرة الحقير الذي أصدر فيلم العساكر المزيف بمشاهده المفبركة خارج مصر، مستخدما أفرادا مأجورين يزحفون على الأرض بملابسهم الداخلية، كأنهم جنود مصريون في معسكرات الجيش المصري.

ذكرتُ في كتابي "خلية الماريوت" الذي صدر منذ شهر واحد باللغة الانجليزية أن مصر كانت من أكثر الدول تهاونا مع الجزيرة، حيث كانت آخر دولة تغلق مكاتبها وتسحب رخصتها في صيف 2013 بعد الأردن والمغرب والهند وسوريا وفلسطين والكويت والسعودية والعراق .

ومؤخرا من أسابيع قليلة منعت البحرين فريق قناة الجزيرة من تغطية قمة مجلس التعاون الخليجي ، واستبعدت طاقم الصحفيين، بعد أن وصلوا إلى مطار المنامة.

ما زالت معركة فواز العطية مستمرة، حيث أنه علّق على حوار بي. بي. سي. بسلسلة من التغريدات على حسابه على تويتر قائلاً: “بن جبر يطالب بتطبيق الديمقراطية التونسية في جميع دول الربيع العربي، وهو يعيش في شقة قيمتها 50 مليون أسترليني.

في تغريدة أخرى قال: "حاول أن ينفي أنه سبق أن انتقد السعودية، ولكنه عاد ليؤكد أن سبب خلافه مع المملكة هو رفضه لدعم الرياض للمعارضة السورية.

أضاف تغريدة أخرى: "لن تجد غباء مطلقا مثل غباء حمد بن جاسم جاء يكحلها عماها ، استمعوا لاعترافه بأنه أمر بدعم الإرهاب تحديدًا.

واستطرد: معروف أن قطر تساهم في هذا المجال تحديدا.

 

لا أعلم ماذا يعني حمد بن جاسم عندما يقول إن ثورات الربيع العربي مستمرة ، ولكني متأكد أن معركة فواز العطية هي التي ستستمر، ولقد سألته ماذا ستفعل إذا خسرت النقض في 17 يناير فردّ: “إنه يدرس إمكانية ملاحقة ’ حرامي الدوحة ’ في دول أخرى مثل أمريكا وفي المحاكم الجنائية الدولية.

بين شد وجذب، ومعارك قانونية وإعلامية، يثبت لدينا شيء وحيد، وهو أنه لا يضيع حقٌ وراءه مطالب.. سواء أكان فردا أم شعبا!


مواضيع متعلقة